أرض الشمس المشرقة .. مهد الحضارات 

أرض الشمس المشرقة .. مهد الحضارات 

كتبت/ مرڤت صقر 

لا يمكننا بدء الحديث عن القارة الإفريقية إلا بإلقاء بعض الضوء عن معلومات حول هذه القارة العظيمة، حيث تمتلك القارة الأفريقية أكبر منطقة تجارة حرة في العالم وسوقاً تضم ١.٢  مليار شخص، وهي بذلك توجد مسارًا جديدًا تمامًا للتنمية، وتسخر إمكانيات مواردها وشعوبها. فالقارة الأفريقية ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، وأكثرها تأثّرًا بالاستعمار الأوروبي المبني على الاستعلاء الثقافي والعنصرية الإثنية أو العرقية، الذي عانت منه جميع بلاد القارة. 

تعد إفريقيا هي المهد الأول للعديد من الحضارات الإنسانية، فقد احتوت علي الحضارة الفرعونية في مصر، و حضارة الكوش في بلاد النوبة، و حضارة الكنعانين في إفريقيا الشمالية، و حضارة اكسوم في الحبشة(مملكة قديمة تمركزت في إثيوبيا الشمالية). 
اختلفت الأقوال حول اسم هذه القارة، فهناك من قال إن أصلها فينيقي من أفار وهي كلمة تعني "الغبار"، و هناك من قال إن أصلها أمازيغي من إفري و إفران و أفير أي تعني "الكهف"، و يذهب القول الثالث أنها سميت باسم إفريقس أحد ملوك التابعية اليمنيين القدماء. و ثمة قول و تفسير آخر يرجع إلي اللفظ اليوناني أفريك أي الأرض التي لا يمسها البرد. 

و تعددت نظريات حول تسمية هذه القارة، فكانت تسمى قديمًا "ليبيا" (Libya)، وهي كلمة من اليونانية القديمة هيروغليفية الأصل تعني "أرض الليبو" (Libúē)، أخذها الإغريق عن المصريين القدماء الذين كانوا يطلقونها بلغتهم على سكان غرب النيل، أي سكان ليبيا وتونس الآن. فكان المصريون القدماء يسمون البشر الواقعين إلى الجنوب منهم "نيبو"، ومنها جاءت "النوبي" و"بلاد النوبة"، ويسمون البشر الواقعين إلى الغرب منهم "ليبو"ـ ومنها جاءت "ليبي" و"ليبيا".  

وظل الإسم اليوناني "ليبيا" يُطلق على ما كان معروفًا في ذلك الوقت من القارة الأفريقية، حتى بدأ توسُّع الإمبراطورية الرومانية واستيلائها على مصر وشمال أفريقيا في عهد الإسكندر الأكبر في نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، فاستبدل الرومان الإسم اليوناني بالإسم اللاتيني "Africa". واللاحق اللغوي "-ca" في اللاتينية (المقابل لـ"قا" في الكلمة العربية "أفريقا") يعني "أرض أو بلاد كذا"، وبهذا يكون معنى الإسم اللاتيني "Africa" هو "بلاد أفري".

 وتعدّ إفريقيا هي أكثر قارات العالم تعددًا في لغاتها، وليس من النادر أن تجد الأفراد يتحدثون بطلاقة ليس عدة لغات أفريقية فحسب، وإنما يتحدثون أيضًا لغة أوروبية أو أكثر. وهناك أربعة عائلات لغوية كبرى يتحدث بها السكان في إفريقيا. 

و بعد جلاء الاستعمار، اعتمدت جميع البلدان الأفريقية تقريبا لغات رسمية نشأت خارج القارة ، على الرغم من أن العديد من البلدان منحت أيضًا اعترافًا قانونيًا بلغات السكان الأصليين (مثل السواحيلية واليوروبا والإيجبو والهوسا). في العديد من البلدان، تُستخدم الإنجليزية والفرنسية  للتواصل في المجال العام مثل الحكومة والتجارة والتعليم والإعلام. و اللغة العربية والبرتغالية والأفريكانية والإسبانية هي أمثلة على اللغات التي تعود أصولها إلى خارج إفريقيا، والتي يستخدمها ملايين الأفارقة اليوم، في المجالين العام والخاص، و يتم التحدث باللغة الألمانية في ناميبيا، حيث كانت محمية ألمانية سابقة. 

تجتمع دول القارة تحت مظلة و رعاية الاتحاد الإفريقي الذي حل محل منظمة الوحدة الإفريقية. أنشئت منظمة الوحدة الأفريقية عام ١٩٦٣ بهدف التحرر من الاستعمار وتحقيق الاستقرار، بالإضافة إلى الأمن والتنمية في القارة الأفريقية والتنسيق بين دول القارة في القضايا الأفريقية، ثم تحولت منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي لاحقاً، حيث تطورت أهدافها لتتمشى مع الأمال والتطلعات الجديدة للشعوب والدول الأفريقية وأصبحت تتركز بشكل كبير على تحقيق التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي، حيث اٌعتمد القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي في قمة لومي بتوجو عام ٢٠٠٠، وأنشئ الاتحاد الأفريقي بشكل رسمي في يوليو ٢٠٠٢ . 

تتركز اهتمامات الاتحاد الأفريقي في المرحلة الحالية بشكل أساسي حول تحقيق التنمية المستدامة لدول القارة بمفهومها الشامل من خلال تنفيذ "أجندة التنمية ٢٠٠٦٣"، فضلاً عن حفظ السلم والأمن بالقارة من خلال تفعيل بنية السلم والأمن الأفريقية.