رائد النضال «أحمد سوكارنو»
ولد أحمد سكارنو في مدينة سورابايا في جزيرة جاوا الشرقية بالهند الشرقية الهولندية المعروفة حالياً بـ إندونيسيا والتى كانت تحت تحت سيطرة الاستعمار الهولندي آنذاك. وكان سوكارنو الابن الوحيد لأبيه الذى يعمل في إحدى المدارس الهولندية العصرية، ولد سكارنو فى السادس من يونيو لعام ١٩٠١م، وكان اسمه عند الولادة (كوسنو ديهاردجو ) ولكنه كان يتعرض للكثير من الأمراض. وطبقا للطقوس والعادات رأى والده أن يغير اسمه باسم آخر. وسماه سوكارنو وهو اسم لأحد أبطال قصص مهابرات الهندوكية.
التحق أحمد سوكارنو بمعهد باندونغ للتكنولوجيا و تخصص فى علوم الهندسة المدنية، ومن هنا بدأت حياته السياسية، فاعتبر أحد زعماء الطلاب البارزين المنادين بالاستقلال عن الاحتلال الهولندي . تخرج سوكارنو فى ال٢٥ من يونيه العام ١٩٢٥م من كلية الهندسة. وفي ٢٦يوليو ١٩٢٦م، افتتح سوكارنو مع صديقه المهندس أنوري مكتبا للمقاولات. وحصل أحمد على دكتوراه فى الهندسة من إحدى الجامعات الهولندية. أجاد سكارنو اللغة الإندونيسية الجاوية والحديثة، وتعلم اللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والبالية والسندانية، وحفظ القرأن الكريم.
وكان سوكارنو أحد الزعماء الأندونيسيين الذين شكلوا الحزب الوطني الأندونيسي في ٦ يوليو ١٩٢٧م . اعتقلته السلطات الهولندية أكثر من مرة، بسبب خطبه السياسية المحثه على الإستقلال عام ١٩٢٨م، ثم نفي إلى جزيرة فلورز ثم إلى جزيرة سومطرة فى الفترة من (١٩٣٣ - ١٩٤٢م)، حتى أطلق سراحه من قبل قوات الاحتلال الياباني.
وبعد هزيمة اليابانيين في الحرب العالمية الثانية أعلن الثوار الإندونيسيون استقلال دولتهم وانتخبوا أحمد سوكارنو رئيسا، ليكون أول رئيس لدولة إندونيسيا منذ العام ١٩٤٥م . وأثناء توليه الحكم وضع سوكارنو ما عرف باسم «المبادئ الخمسة» أو «البانتشاسيلا» التي تؤلف في مجملها أسس وفلسفة الدولة، وهي «الإيمان بالله الواحد، التأكيد على القومية الأندونيسية، والديمقراطية النيابية، والعدالة الاجتماعية، والإنسانية العادلة» .
ولم يكد يمضي عام واحد حتى ظهرت الخلافات بين سوكارنو والأحزاب الإسلامية، وبصورة خاصة مع حزب ماشومي الإسلامي وانتقلت معارضة الأحزاب لتصرفات سوكارنو واتجاهاته اليسارية والديكتاتورية إلى البرلمان وإلى المجلس الإستشاري الأعلى وإلى الصحف. وانضمت إلى صفوف المعارضة أحزاب غير إسلامية. وتوالت الإنتفاضات الشعبية والثورات ضد حكم سوكارنو وتعددت محاولات الإغتيال ضده، فكان أن شدد الحراسة حول نفسه .
وفي الفترة من ١٨إلى ٢٤ أبريل عام ١٩٥٥م، دعا الرئيس أحمد سوكارنو إلى عقد مؤتمر باندونغ، حضرته ٢٩ دولة من قارتي آسيا وأفريقيا، وحضره الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والصيني شوان لايمن . وكان من أبرز نتائج هذا المؤتمر تأسيس المجموعة الأفروآسيوية في الأمم المتحدة، ثم حركة عدم الانحياز بعد ذلك.
زار سوكارنو مصر أكثر من مرة، ومنحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى التاسع عشر من يوليو العام ١٩٥٥م ، قلادة النيل وهي أرفع وسام مصري. كما حصل أيضا على جائزة لينين للسلام عام ١٩٦٠م.
وبالرغم من أن سوكارنو علما من أعلام التحرر في العالم الثالث فإنه لم يستطع أن يواجه تحديات التنمية في بلاده، فاستغلت بعض الدول الغربية الكارهة لتحركاته التحررية هذا الأمر وألبت ضده بعض قادة الجيش.
وتعرض لمحاولات اغتيال عديدة ففي الثلاثين من نوفمبر العام ١٩٥٧م، هوجم سوكارنو بعد حفلة مدرسية بقنبلة يدوية، ولكنه سلم وجرح غيره. وتم إلقاء القبض على الجناة وقدموا للمحاكمة وحكم عليهم جميعا بالإعدام ، ونفذ الحكم فيهم رميا بالرصاص.
وفي التاسع من مارس١٩٦٠م، هاجمت طائرة مقاتلة القصر الجمهوري بجاكرتا وأطلقت الصواريخ على المكتب الرئاسي الذي يجلس فيه عادة في ذلك الوقت من اليوم، ولكن سوكارنو بالصدفة لم يكن موجودا في ذلك الوقت في مكتبه . وهرب قائد الطائرة إلا أنه ألقى القبض عليه وحوكم وأعدم .
وفي سنة ١٩٦٥م، أحبط الجنرال سوهارتو محاولة انقلابية مسلحة قام بها الشيوعيون ووقعت أثناء ذلك انتهاكات لحقوق الإنسان. وجرت غير هذه محاولات أخرى متعددة باءت جميعها بالفشل، ومنها محاولتان جرتا في مدينة ماكاسار بجزيرة سولا ويسي الجنوبية خلال زيارة قام بها للمدينة .
يقول سوكارنو في مذكراته : نعم، إن هناك خلافات بين القوى الدافعة للتقدم وبين القوى المعارضة لها. وتطالب حركة دار الإسلام، للقوة اليمينية المعارضة المخربة المؤسسة على التعاليم الدينية الضيقة الشديدة التعصب، بقيام حكومة إسلامية. وقد استمرت مطالبتها هذه منذ عام ١٩٤٨م.
ومع زيادة الحالة الصحية للرئيس سوكارنو سوءًا قام بإصدار قرار بتعين سوهارتو رئيسا للبلادعام ١٩٦٧م، واستمر سوكارنو يصارع المرض إلى أن مات فى عام ١٩٧٠م، عن عمر يناهز التاسعة والستين.