الزواج "كقضية مجتمعية" بين المجتمعات العربية واللاتينية

بقلم/ إسراء حامد
من المعلوم أن لكل دولة موروثات تستمر جيل بعد جيل، جزء منها يرجع لأسباب منطقية والآخر لا يعدو سوى تقليد وسير على نهج الأسلاف دون محاولة لفهم الحكمة من تلك الموروثات، وبالحديث عن الموروثات المجتمعية نستعرض أهم قضية يتجلى فيها ذلك الأمر ألا وهي قضية الزواج. فما هي العادات والتقاليد الموروثة في هذه القضية الحيوية التي تخص كلاً من الفرد والمجتمع؟ وهل هناك تشابه بين المجتمعات العربية واللاتينية في هذا الأمر؟ وفيما تتركز نقاط الاختلاف؟ وأي من هذه العادات نستطيع أن نقول عليها حسنة، وأي منها يتعين علينا أن نغيره؟
وبخصوص دول أمريكا اللاتينية التي تتكون من ٢٠ دولة فإن الأمر المثير للاهتمام هو أنهم لايزالون متمسكين بعادات وتقاليد أجدادهم والتي لا يمكن أن يتم الزفاف بدونها، حيث أنه لا يتقدم الشاب لفتاه إلا بعد معرفتهم الشديدة لبعض لذلك لا يوجد هناك ما يسمى بالخطبة على عكس الكثير من بلداننا العربية فإن هناك نوعين من الزواج، أحدهما هو أن الشاب يتقدم لخطبة العروس ومن ثم يتعرفون على بعضهما أثناء هذه الفترة، والآخر مثلما يكون في دول أمريكا اللاتينية. كما أنه في دول أمريكا اللاتينية أيضاً لا يتم الزواج إلا بموافقة العروسين وهذا تقليد إيجابي عندهم على النقيض ففي بلداننا العربية تنقسم هذه المسألة إلى قسمين، أولهما هو أنه توجد عائلات تهتم بموافقة العروسين، وثانيهما ويعد تقليد سيء يتوارثه بعض الناس بدون فكر أو وعي ويكون بإجبار العروس على الزواج.
أما عن احتفالات ما قبل الزواج يحتفل كلاً من العروسين مع أصدقائه فيما يعرف بـ حفلة توديع العزوبية، وهذا التقليد لم نر مثله قبل في الدول العربية، ولكن يوجد احتفال أيضاً قبل الزفاف يسمى الحنة حيث تحتفل العروس مع صديقاتها بوضع الحنة على جسدها بينما العريس يرقص مع أصدقائه.
من الأشياء التي تتميز بها حفلات الزفاف في دول أمريكا اللاتينية أن المكان الذي سيقام فيه الزفاف يكون ممتلئ بالزهور حيث أن لكل لون من الأزهار يرمز إلى شيء معين، فمثلاً الزهور البيضاء ترمز إلى المودة بين الزوجين، والزهور البرتقالية تشير إلى الحب والتفاهم بين العروسين. وهذا أيضاً نحرص عليه في بلداننا العربية وهو أن تكون قاعة الزفاف مزينة بالورد، ولكن عندنا لا ترمز كل زهرة إلى شيء معين، كما أن سيارة العروسين تكون مزينة أيضاً بالكثير من الأزهار.
أما عن تقديم العملات المعدنية للعروس يمثل احتفالاً هاماً، ولكنه يختلف من دولة لأخرى حيث أنهم يمثلوا الرخاء والثروة في فنزويلا والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا وباناما، ويرمز إلى مسئولية الرجل بعد الزواج في غواتيمالا والمكسيك وهندوراس. وهذا مثلما يحدث في بعض الدول العربية، ولكن يتم تقديمها كهدايا للعروسين.
تقديم خواتم في المشروب الذي يقدم أولاً حيث أن هذا يرمز إلى اتحاد الزوجين الدائم.
من الشائع أيضاً ارتداء الزوجين مسبحة أو تاج أو طوق من الذهب. ووضع العروس شريط على ساقها ويخلع لها زوجها بطريقة جذابة وهذه واحدة من أكثر اللحظات المضحكة أثناء الزفاف. في بلداننا العربية يوجد تقليد قديم مماثل لهذا ألا وهو وضع طرحة من الدانتيل على رأس العروس ويقوم العريس برفعها لكشف وجهها أثناء الاحتفال.
تقام رقصة النقود في كوبا فقط، حيث أن الضيوف يقوموا بتقديم النقود للعروسين ووضعها في ملابسهم.
في غواتيمالا يوضع أجراس بيضاء عند المدخل وتقوم والدة العروس بكسر هذه الأجراس ليتساقط منها الأرز والدقيق والقمح كرمز للازدهار، في مصر أيضاً تقوم كلاً من والدة العروسين برمي الملح والورد.
في البيرو تقدم كعكة بها خيوط أحدها متصل بحلقة من يجدها سيكون هو التالي الذي سيتزوج، في المقابل تقوم العروس المصرية برمي باقة الزهور لصديقاتها ومن تلتقطها ستكون هي التالية التي ستتزوج.
في المكسيك يتم إحاطة العروسين بقوس، وهذا يدل على الاتحاد القوي بينهما.
في تشيلي أيضاً يتم تغيير أماكن الخواتم من اليد اليمنى إلى اليد اليسرى لذلك يجب على العروسين ارتداء الخواتم قبل الزفاف، وهذا مثلما يحدث في الدول العربية خاصة مصر حيث أنه أثناء فترة الخطوبة فإن العروسين يرتدون الخاتم في اليد اليمنى ولكن في الزفاف يتم تبديلهم ليكنوا في اليد اليسرى.
في بورتوريكو تضع العروس أشرطة من الستان المزينة والمطبوع عليها تاريخ الزفاف على أماكن الضيوف، أيضاً يجب على العروسة أن يتواجد معها مروحية صغيرة بجانب باقة الزهور، حيث أن معظم النساء هناك لا تخرج بدونها بعد الزواج.
أما عن موروثات الحظ السعيد ففي فنزويلا يختفي العروسين أثناء الزفاف وإذا لم يلاحظ أحد فسيبقى لهم الحظ السعيد، وإذا أدرك أحدهم فسيحدث لهم الحظ السعيد، كما يوجد تقليد مشابه له في مصر وهو عدم رؤية العريس لعروسه بفستان الزفاف قبل الحفل لكي يكون لهم الحظ السعيد.
من الشائع في كوستاريكا أن العريس يغني لعروسه ومعه باقة من الزهور قبل زفافهما بأيام قليلة.
وغيرها من العادات والتقاليد التي تتميز بها كل دولة عن الأخرى.
وأخيراً جميل أن يكون لكل بلد عاداتها وتقاليدها الموروثة عبر الزمان، وجميل أن نتشابه نحن وآبائنا وأبنائنا وأجدادنا في بعض الأمور من حياتنا، ولكن الأجمل ألا نجتمع إلا على ما هو صالح، فنبقى على العادات التي تعزز هويتنا ونطرح التي لم تعد تتناسب مع حاضرنا ومستقبلنا.