التطور و التحديات السياسية في موريتانيا

التطور و التحديات السياسية في موريتانيا

 كتب الباحث / محمد الأمين يوسف 
 الناشط في المجتمع المدني والشؤون السياسية بموريتانيا 

التطور و التحديات السياسية في موريتانيا

يمثل التطور السياسي في موريتانيا مسارًا معقدًا و متماسكًا منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، و على الرغم من تغير طبيعة الحكم في موريتانيا من الحكم العسكري إلى الحكم المدني و إجراء انتخابات ديمقراطية، تظل هناك تحديات سياسية و اقتصادية تواجه البلاد في عدة مجالات ، و من أبرزها عدم الاستقرار السياسي الذي سيطر على البلاد لفترة طويلة و الفقر و البطالة و الهجرة و عدم إشراك الشباب في مراكز صنع القرار.

شهدت موريتانيا اضطرابات و تطورات سياسية هامة منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 و قد تميزت تلك التطورات بعدة تغييرات في النظام السياسي و الحكومات و بعض التحديات الأخرى التي واجهتها البلاد.

ومن أهمها: الانقلابات العسكرية و حكم العسكر الذي هيمن على البلاد لفترة طويلة، كانت الإطاحة بحكم المختار ولد داداه عام 1978 تمثل الشرارة الأولى باعتباره رئيسًا مدنيًا شرعيًا و بعد ذلك توالت سلسلة من الانقلابات على يد العسكر و سنذكر تواريخ تلك الانقلابات على النحو التالي:

1980،1984، 2003، 2005، 2008 و كان انقلاب 2008 هو آخر انقلاب شهدته البلاد و الذي من خلاله تم الإطاحة بحكم مدني يترأسه سيدي الشيخ عبد الله، و في سنة 2009 أُجريت انتخابات رئاسية ديمقراطية و فاز فيها محمد ولد عبد العزيز و منذ ذلك الحين شهدت البلاد عدة انتخابات رئاسية و برلمانية في إطار قانوني و متطلبات ديمقراطية مرضية لجميع الأحزاب المشاركة سواء كانت معارضة أو موالاة، و كان آخر انتخابات رئاسية أجريت في البلاد يوم 22 يونيو 2019 و التي تم الإعلان فوز محمد ولد الشيخ الغزواني المترشح عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بالانتخابات في الجولة الأولى بعدما حصل على نسبة 52% من الأصوات.

و مع هذا كله تبقى مشكلتي الفقر و البطالة متجذرتين في صفوف الشباب إذ يعاني آلاف الشباب الموريتاني من البطالة لعدم توفر فرص حقيقية تمكنهم للولوج إلى وظائف تضمن لهم العيش الكريم و حياة أفضل مما أدى ذلك إلى ارتفاع نسبة الهجرة داخل صفوف الشباب إلى أوروبا و إفريقيا و حديثًا إلى أمريكا حيث ارتفع عدد المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية و كان الدافع الوحيد وراء ذلك البحث عن لقمة العيش و طلب اللجوء بعدما أصبحت البلاد طاردة و لم تعد كما كانت و خصوصا عندما صوت البرلمان الموريتاني و صادق إلى عدة قوانين و تشريعات تحد من حرية التعبير و الكلام و نقد الحكومة و سياساتها و انعدام الحريات وأصبح السجن هو المأوى الوحيد للشباب، لم يبقى للشباب خيارًا سوى مغادرة البلاد للبحث عن مستقبل يضمن له حياة أفضل.

إنٍَ تطور السياسة في موريتانيا يمثل حقبة زمنية معقدة سياسيًا و اقتصاديًا رغم التخلص من حكم العسكر نسبيًا و تبني وسائل و مبادئ الديمقراطية إلا أنَّ ثمة مشاكل و تحديات كبيرة تهدد اقتصاد و سياسة البلد و تظل القبائل و العرقيات متصدرة المشهد السياسي الموريتاني كما أنَّ قضية حقوق الإنسان و مكافحة الفساد تعتبر تحديات كبيرة و يبقى للشعب الموريتاني الدور الرئيسي في تحديد مسار مستقبله السياسي.