شم النسيم عيدًا وطنيًا يجمع ويوحد كل المصريين

شم النسيم عيدًا وطنيًا يجمع ويوحد كل المصريين

يأتي شم النسيم معلنًا عن بداية الربيع، ويعد مهرجان مصري ووطني يحتفل به المصريون مسلمون ومسيحيون، فهو عيدًا وطنيًا يأتي لتوحيدهم وجمع شملهم من جديد، لذا يكون عطلة رسمية، ويصادف دائمًا يوم إثنين الفصح، أي اليوم التالي لعيد الفصح ويعود تاريخه إلى العصور المصرية القديمة ويرتبط بالخلفية الزراعية في مصر.

فقد تم حساب تاريخه من قبل المصريين القدماء بشكل مستقل عن عيد الفصح، في اليوم الأول من الخماسين، والذي تصادف مع اليوم التالي لعيد الفصح مباشرة.

ووفقًا للسجلات التي كتبها بلوتارخ خلال القرن الأول الميلادي، فقد احتفل المصريون القدماء بشم النسيم خلال العصر الفرعوني (حوالي ٢٧٠٠ ق.م) واستمر الاحتفال خلال عهد البطالمة، والرومان مرورًا بالعصور الوسطى، وبعد دخول مصر المسيحية، أصبح المهرجان مرتبطًا بمهرجان الربيع المسيحي الآخر وهو يوم الأحد يسمي عيد الفصح، وبالتالي يوم إثنين الفصح يكون شم النسيم وذلك وفقًا للطريقة المسيحية الشرقية في الحساب والتي تستخدمها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أكبر طائفة مسيحية في البلاد.

وبحلول وقت الفتح الإسلامي لمصر، قام المسلمون بشكل منفصل بالبحث في ميعاد عيد الربيع تاريخيًا وتم التأكد من موعده والذي هو كما ذكرنا اليوم التالي لعيد الصفح وبمرور الوقت، أصبح عيدًا وطنيًا يجمعنا كمصريين مسيحيين ومسلمين وتعددت ثم توحدت مظاهر الاحتفال به إلى أن وصلنا إلى شكله الحالي.

فنشأنا جميعًا على العديد من الطقوس للاحتفال بشم النسيم كما وصلت لنا من القدماء المصريين الذين اعتادوا  تقديم الأسماك المملحة والخس والبصل لآلهتهم خلال عيد الربيع المعروف باسم "شيمو"، وظهرت عادة تسمى "شم النسيم" (أو رائحة الزفير)، حيث لوحظ في اليوم الأول من الخماسين وفي وقت مبكر من صباح هذا اليوم، قيام العديد من الأشخاص وخاصة النساء بكسر بصلة وشم رائحتها، ثم خلال فترة الضحى يركب العديد من سكان القاهرة القوارب بشكل عام باتجاه الشمال لأخذ الهواء، حيث يعتقدون انه في ذلك اليوم تأثيرًا مفيدًا وهناك عدد كبير من الناس يتناولون الطعام على النهر، والذي يتضمن البيض الملون، فقد كان المصريين القدماء أول من لونوا البيض المسلوق بألوان مختلفة ومبهجة معبرة عن الربيع ومثيرة للإعجاب.

ووصولًا إلى وقتنا هذا، فما زلنا نحذو حذو قدمائنا المصريين وعاداتهم في شم النسيم بنفس المظاهر والاحتفالات فيقضي الناس اليوم في التنزه في أي مساحة خضراء، أو الخروج للحدائق العامة، أو نهر النيل أو زيارة الأقارب أو الذهاب إلى القرى والأراضي الزراعية لاستنشاق الهواء الطلق، وتناول الغذاء التقليدي كما جرت العادة، حيث يؤكل في هذا اليوم الفسيخ والرنجة والسردين والملوحة وجميع انواع الأسماك، والخس، والبصل الأخضر، والترمس، فضلًا عن عادة تلوين البيض المسلوق وأكله التي لازال أحد أهم مبهجات شم النسيم.