قضيَّتا الاندماج واستخدام العنف: قراءة في فكر كل من مالكوم أكس ومارتن لوثر كينج الأبن

قضيَّتا الاندماج واستخدام العنف: قراءة في فكر كل من مالكوم أكس ومارتن لوثر كينج الأبن
قضيَّتا الاندماج واستخدام العنف: قراءة في فكر كل من مالكوم أكس ومارتن لوثر كينج الأبن
قضيَّتا الاندماج واستخدام العنف: قراءة في فكر كل من مالكوم أكس ومارتن لوثر كينج الأبن

الحلقة الرابعة

كتابة وتحليل: سهر العنطوزي 

الباحثة في الشؤون الأفريقية

استكمالا لما بدأناه معكم في الحلقات السابقة، وبعد تقديم الرؤية الفكرية لكل من مالكوم أكس ومارتن لوثر كينج الأبن فيما يتعلق بقضيَّتا الاندماج، سيتم عقد مقارنة الرؤى الفكرية لهما. فهناك العديد من التشابهات والاختلافات في فكر كليهما، وفي هذه الحلقة سيتم التطرق إليهم بالتفصيل، على أنه بداية سيتم تناول تأثير عوامل النشأة والتعليم وتجاربهم الحياتية وانعكاساتها علي فكرهما.

ينتمي مالكوم إكس إلى السود المقيمين في شمال الولايات المتحدة الأمريكية، بينما ينتمي مارتن الأبن إلى السود المقيمين في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، تاريخيا تميل الولايات الشمالية إلى السياسات الليبرالية على العكس من الولايات الجنوبية التي تميل إلى السياسات المحافظة، وهذا كان له انعكاسه على البيئة التي نشأ فيها كل من مالكوم إكس ومارتن الأبن، ففي الولايات الشمالية لا يتواجد الفصل العنصري قانونيا وإنما معروف ضمنيا، فهناك وظائف معينة لا يسمح للسود بأن يتولاها، بينما الوظائف المسموح لهم هي وظائف متدنية الأجر لا تؤدي إلى حياة معيشية وبالتالي ينتشر السود في المجمعات العشوائية وينتشر بينهم الفقر، أما في الولايات الجنوبية فقوانين الفصل العنصري يتم تطبيقها قانونيا وضمنيا، وإن الفصل يكون حتى في الوظائف والأماكن المختلفة، إن السود في كل من الولايات الشمالية والجنوبية يعانون، لكن الاختلاف بإن المعاناة في الولايات الجنوبية كنتيجة مباشرة لقوانين الفصل العنصري، بينما المعاناة في الولايات الشمالية كنتيجة لتجاهل التنمية وسياسات الإعمار في مجتمعات السود[1].

بالرغم من معاشرة مالكوم إكس للبيض في الإحياء والمدارس لكن الإحساس بالدونية صاحبه في كليهما، تعرض والده للقتل وتعرض والدته للضغط النفسي من الأشخاص البيض في حياته جعله يفقد الثقة فيهما مهما حاول إن يصلح أو يغير من نفسه ليكون أكثر شبها فيهما، وأنه مهما تفوق على أقرانه فإنه لا يحقق إي شيء لكونه أسود مما جعله يؤمن بإن الانفصال هو وسيلته للحرية، تلك العوامل جعلته من الناحية الفكرية ينتمي لتيار الوعي الأسود؛ تيار يحارب العنصرية البيضاء القائمة على بث الإحساس بالدونية، تيار يهدف إلى رفع مستوي وعي السود بقيمة حضاراتهم وثقافتهم ومن خلاله يدحض أسس السمو الأبيض التي تجعل الأسود يشعر بدونية معه، مما يدفع بالأسود إلى مراجعة إبعاد حياته المختلفة والإيمان بأنه يستطيع إن يتفوق على الأبيض في مجاله، فأتخذ من القومية السوداء فلسفة فكرية والتي وفقا له تقوم بتحكم الأسود في مختلف إبعاد حياته السياسية والاجتماعية والثقافية وخاصة الاقتصادية[2].

أما بالنسبة لمارتن الأبن، بالرغم من نشأته في بيت مستقر ماديا و تفوقه الاكاديمي وسط إقرانه في المجتمع الأسود ومدارس السود، إلا إنه تعرض لمعاناة نفسية كنتيجة عدم تفهمه سبب تعرضه للرفض من الأفراد البيض وأقرانه البيض، كذلك شعوره بهذا التمييز تزايد عندما شعر بالاختلاف بين الدعوات الدينية والممارسات التي تطبق، وهذا كان تأثيره في تركيزه فكريا وحركيا على الممارسات التي تطبق لتتشابه مع الدعوات الدينية عن المساواة والمحبة، فرؤيته بإن تلك الممارسات والقوانيين غير العادلة هي أثم يجب تغييره، فبالنسبة له الرجل الأبيض واقع تحت قوانيين مذنبة، وإن تغيير هذا الوضع من خلال إعادة كتابة القوانين هو توازن يصب في مصلحة كل من الأسود والأبيض على السواء ويؤدي إلى مجتمع صحي ومزدهر، هذا الفكر انعكاس لنشأته في بيت ديني وكونه قدوة للعديد من الأفراد باعتباره رجل دين واكاديميي مثقف، وإيمانه الشديد بتعاليم الإنجيل جعله يؤكد على سلمية توجهه مهما كانت موقف العدو وعنفه تجاه، بل إن عنف العدو نابع من إدراكه بمدي إثمية القوانين التي يدافع عنها[3].

وللنقاش بقية في الحلقات التالية ...

المصادر

[1] Alex Haley and Malcolm x, “The Autobiography of Malcolm X: As Told to Alex Haley”, Op. Cit., P. 29: 57.

[2]  باسم رزق عدلي مرزوق، "الهوية الأفريقية في الفكر السياسي الأفريقي: دراسة مقارنة"، رسالة دكتوراه  في الدراسات الأفريقية (سياسة)، )القاهرة: جامعة القاهرة: معهد البحوث والدراسات الأفريقية، قسم السياسة والاقتصاد،2014 )، ص 141: 142.

[3] Martin Luther King Jr., “‘Letter From Birmingham Jail’, Op. Cit.