«صوتي مشنقة للطغاه» الشاعر الافريقي الحُر محمد الفيتوري

«صوتي مشنقة للطغاه» الشاعر الافريقي الحُر محمد الفيتوري
شاعر التراجيدا الإنسانية والانتماء، عُرف بمواقفه الثورية ونضاله ضد المستعمرين، وهجائه للطغاه، قدم العديد من الدواوين الشعرية، وكانت إفريقيا هي معشوقته التي تتراقص بين أبياتها، ومسرحاً أساسياً لأحداثها، من بينها «أنا إفريقي حُر»، و«أذكريني أفريقيا»، و«أغاني إفريقيا»، من قصائده الثورية قصديته الشهيرة «أصبح الصبح»، وقصيدته «عُرس السودان» التي غناها المطرب السوداني الشهير محمد وردي في السبعينيات، كما كتب للمناضلين وكان من بين كتاباته مسرحية « ثورة عمر المختار»، ورائعته «ابتسمي حتي تمر الخيل».
ورثي الفيتوري الزعيم الراحل جمال  عبدالناصر في قصيدة «القادم عند الفجر» فقال «الآن وأنت مسجي، أنت العاصفة، الرؤية، التاريخ، والأوسمة، والريات، الآن وأنت تنام عميقاً، تسكن بين جنبيك الثورة، ترتدُّ الخطوات، تعود الخير مطأطئةٌ من رحلتها، مغرورقة في النظرات، الآن يقيم الموت سرادقه العالي».
عاش الدرويش المتجول، حائراً بين الأوطان، فقد ولد بالسودان، ونشأ بمصر، وعمل في ليبيا ولبنان، وتوفي بالمغرب، كانت قرية الجنينة بغرب دار فور بالسودان مسقط رأسه في نوفمبر عام ١٩٣٦، ثم انتقل إلي مصر، ونشأ بمدينة الاسكندرية، وتعلَّم بالقاهرة، وتخرج في كلية العلوم جامعة الأزهر الشريف، برزت موهبته الشعرية خلال دراسته، وعمل اعلامياً، ومحرراً أدبياً بالصحف المصرية والسودانية، كما عمل دبلوماسيا في الخارجية الليبية، في عدد من سفاراتها، في لبنان وإيطاليا، المغرب، ثم مستشاراً اعلامياً بالجامعة العربية.
ذاع صيته في الأرجاء الإفريقية والعربية، ودُرست أعماله في مصر ضمن مناهج اللغة العربية وآدابها، في سبعينبات القرن الماضي، حيث يعد أبرز رواد الشعر الحديث وأحد أهم رموز الحركة الأدبية العربية المعاصرة، كما حصل «الفيتوري » علي العديد من الجوائز من بينها، جائزة «العلوم والفنون والآداب» بالسودان، فضلا عن جائزة «الفاتح» في ليبيا.
توفي الرحالة الإفريقي شاعر إفريقيا والعروبة، في ابريل ٢٠١٥ بالمغرب، متأثراً بمرضه، عن عمر يناهز ٧٩ عاماً، ولعل اقرب أبياته وصفاً لحياته هي:
وسرت غضبان في التاريخ، لا عنقٌ
إلا ومنك على طياته أثر
تصفو وتجفو وتستعلي، وتبتدر
وتستفزّ وتستثني، وتحتقر
هذا زمانك، لا هذا زمانهم
فأنت معنى وجود ليس ينحصر
في كل أرض وطئتها أمم
ترعى بعيدٍ كأنها غنم
"وإنما الناس بالملوك وما
تصلح عًربٌ ملوكها عجم"
او كما قال عنه الكاتب والمفكر المصري محمود أمين «وكان يقف على العتبة الأخيرة من الفئة البرجوازية الصغيرة، يمتلئ وجدانه بصراعها المرير من أجل العيش وتمزقه قيمها المنهارة».