المخرج العبقري «شادي عبدالسلام»

المخرج العبقري «شادي عبدالسلام»


«منذ بدأت أعمل وأنا أعتقد أن لي قضية... قضيتي هي التاريخ الغائب أو المفقود ... الناس الذين تراهم في الشوارع والبيوت ... في الحقول والمصانع ... لهم تاريخ ... هؤلاء الناس أغنوا الإنسانية ... كيف نعيدهم للدور نفسه. كيف نستعيد مساهمتهم الإيجابية والقوية في الحياة. لابد أولاً أن يعرفوا من هم؟ وماذا كانوا؟ وماذا قدموا؟ لابد أن نوصل بين إنسان اليوم وإنسان الأمس لنقدم إنسان الغد ... هذه هي قضيتي.» شادي عبدالسلام.

كان مخرجًا سينمائيًا ومصمم ديكور ومهندس ومصمم ملابس، عكست أعماله رؤيتَه الفريدة للثقافة المصرية القديمة وكذلك التراث الإسلامي والقبطي، بدأ حياته كمصمم ديكور، فصمم الديكورات والملابس لفيلم «الناصر صلاح الدين» ليوسف شاهين، كما وضع شادي عبدالسلام بصمته علي العديد من الأفلام التراثية الأخري من خلال تصميماته للملابس وديكوراته في الأفلام التي شارك فيها، والتي كان من بينها «بين القصرين» و«أمير الدهاء» و«الخطايا» و«واإسلاماه» و«رابعة العدوية» و«شفيقة القبطية» وغيرها.

واستطاع شادي عبدالسلام من خلال أعماله أن يضع السينما المصرية علي خريطة السينما العالمية، فقد كان أهم تلك الأعمال هو فيلم «المومياء» والذي حقق نجاحاً عالمياً ساحقاً، وحصل علي العديد من الجوائز، منها أنه تم اختياره من قِبّل المؤسسة العالمية للسينما في ٢٠٠٩ كواحد من أهم الأفلام في تاريخ السينما العالمية، وتم عرضه في مهرجان «كان» من نفس العام،، وفي وقت سابق عام ١٩٧٠م وهي السنة الذي تم إنتاج الفيلم فيها حصل فيلم المومياء علي جائزة «جورج سادول» في باريس،، وجائزة مهرجان قرطاج، وكان من أعماله أيضاً فيلم «الفلاح الفصيح» والذى فاز بجائزة «السيدالك» في فينسيا،، وهكذا كان لذلك المخرج العبقري بصمته الواضحة علي السينما المصرية والعربية.



وُلد العبقري متعدد المواهب «شادي عبدالسلام» بالإسكندرية في ١٥مارس ١٩٣٠، وتخرج في كلية فيكتوريا بالإسكندرية عام ١٩٤٨، ثم درس فنون المسرح بلندن في الفترة من (١٩٤٩- ١٩٥٠) ثم اكمل دراسته وتخرج كمهندس في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة بتقدير إمتياز قسم العمارة عام ١٩٥٥،، ولشدة شغفه وتعلقه بالسينما، فقد قرر العمل بها في بادئ الأمر، وكان دوره في ذلك المحراب هو تدوين الوقت الذي يستغرقه كل مشهد في فيلم «الفتوة» مع المخرج الكبير صلاح أبوسيف، بعدها عمل مساعدًا لصلاح أبوسيف في أفلام «الوسادة الخالية»، «الطريق المسدود» و«أنا حرة»، كما عمل شادي مع المخرج الإيطالي الكبير «روسيلليني» في فيلم «الحضارة» عام ١٩٦٦، وكان لروسيلليني كبير الأثر على شادي عبدالسلام فكرياً وحتي علي مستوي أعماله الفنية لما يتمتع به الأول من عمق وبساطة في التفكير السينمائي، وبعد استلامه لرئاسة مركز الفيلم التجريبي التابع لهيئة السينما، بوزارة الثقافة في عام ١٩٧٠، مباشرةً، وفي الفترة مابين عامي (١٩٧٠- ١٩٨٠) أخرج شادي عبدالسلام أربعة أفلام تسجيلية قصيرة، مقدماً إياها كنموذج لأوجه النشاط الثقافي المختلف في مصر.

توفي شادي عبدالسلام في الثامن من أكتوبر عام ١٩٨٦، وتحوي مكتبة الإسكندرية معرض متميز وقيّم لأعمال شادي عبدالسلام مند عام ٢٠٠٢والذي تم افتتاحه بمناسبة اليوبيل الماسي لشادي عبدالسلام في مارس ٢٠١٥، ليضم العديد من اللوحات وعددٍ من اللقطات السينمائية المأخوذة من الأفلام التي شارك فيها أو أخرجها، فضلا عن بعض مقتنياته الشخصية،مثل قطع أثاث لمكتبه ومكتبته الخاصة،، ومُلحقاً به قاعة «آفاق»، وهي قاعة تُعرض بها يوميًّا الأفلام التي أخرجها شادي عبد السلام وأغلبها أفلام تسجيلية وتعليمية، بالاضافة لعرض بعض الأحاديث التليفزيونية التي أجراها الفنان، وبعض الأفلام والبرامج التي تتناول حياته وأعماله.


تجدر الاشارة إلي أن «شادي عبدالسلام» هو أحد الركائز الأساسية والنماذج القديرة التي يعتد بها مشروع بذور في عمله، إذ تتخذ من رؤيته مساراً إلى الغوص في أعماق حضارتنا الإنسانية التي مرت على الانسان المصري واستطاع صياغتها في اشكال جديدة تناسبه، فنسعي الى ازاحه الستار عن الفنون في مصر القديمة والعادات الفرعونية التي لم تندثر حتى الان والتي يواظب عليها المصري منذ القدم إلى وقتنا الحاضر وكيف انها رابط وثيق لمكونات الأمة المصرية ترسخ الهوية حتى الان.

مصادر:
- الموقع الرسمي، مجتمع السينما
- الموقع الرسمي لمكتبة الاسكندرية - معرض شادي عبدالسلام
- مشروع بذور - برنامج مدرسة السنيما