إخوانى:

أحب أن تعلموا أن هذه الثورة إنما هى ثورة تمثل آمال البلاد وإحساسها، وإن الأساس الذى تسير عليه هو عقيدتها بأنها تعبير عن مبادئ وأهداف ومثل عليا، وتحقيق لآمال شعب متطور، وبذلك وجبت المحافظة على الثورة من أجل أولادنا وأحفادنا.

وإذا تمكنا من أن نفهم الثورة على هذا الأساس، فإن الثورة لا شك ماضية إلى الأمام. فالأشخاص مصيرهم إلى الزوال، ولكن المبادئ والأهداف هى التى تدوم على مر الأجيال.

لقد طالب آباؤنا وأجدادنا بتلك المبادئ ولكنها لم تتحقق، فواجبنا الآن أن نواصل السعى فى هذا الطريق حتى نصل إلى تلك الأهداف؛ وبذلك نتمكن من فتح الطريق.. طريق العظمة والقوة والنصر المبين من أجل حرية هذا الشعب واستقلاله.

لقد كنا نشعر بذلك الكابوس الذى يجثم فوق صدورنا، ولكننا اليوم تحررنا وعلينا أن نواصل السعى حتى نزيل الكابوس نهائياً، وحتى نتخلص منه إلى غير رجعة.

(وهنا ردد أحد الحاضرين قائلاً لا تتركوا هذه الأفاعى مرة أخرى فرد عليه البكباشى جمال عبد الناصر قائلاً)

مادمتم متحدين متماسكين فلا يمكن أن تطل الأفاعى فوق رؤوسكم، وعلينا أن نتحد ونطمئن ولا نغفل مطلقاً؛ حتى لا تتمكن قوى الرجعية منا ثانية. إن الثورة ثورة أهداف ومبادئ، وطالما كانت هذه المبادئ وهذه الأهداف موجودة فلن تستطيع أى أفعى أن تطل برأسها.

(وهنا قال أحد العمال إننا نحن العمال فى الشركات نشعر أن هناك سوساً ينخر فى عظامنا، ولكن اعلموا جيداً إننا نحن سواعد الثورة تجدوننا فى كل مكان على أتم استعداد أن نرحل فوراً إلى القنال ونحن رهن إشارتكم. فرد عليه البكباشى جمال عبد الناصر قائلاً)

إن هذا السوس موجود فى كل مكان، وواجبنا الآن هو تلقيط هذا السوس، وأن نبين لكل فرد مكانه فى هذه الدولة. فلا يعقل مطلقاً أن يمر يوم ونقول للعامل هذه الشركة ملك لكم، فمن يقول لكم هذا فإنه يضللكم وعلينا أن نسير خطوة خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد الشعب، ولابد للبلد أن تتطور تدريجياً.

وإذا كنا قد تمكنا من تحقيق المساواة، فإن طبيعة الأمور تحتم أن يعمل كل فرد حساباً للآخر وأن يتعاونوا جميعاً من أجل نهضة البلاد؛ حتى نتمكن من أن نزيد الدخل القومى لنعيش جميعاً عيشة كريمة.

نريد من العمال وأصحاب رؤوس الأموال أن يسيروا متحدين، فإذا استجبنا لجميع مطالب العمال وتركنا مطالب الشركات فستكون النتيجة زيادة العمال العاطلين؛ وبذلك لن تقوم أية شركة ولن يجد أولادكم عملاً. ونحن لا يمكننا إلزام صاحب الشركة بإجابة جميع المطالب دفعة واحدة؛ لأن هذا يعمل على اختفاء رؤوس الأموال، ومصلحة البلاد العليا تقضى بأن نقوم من ناحيتنا بتشجيع أصحاب رؤوس الأموال حتى تعم الشركات فى جميع أنحاء البلاد.

وليكن فى علمكم أن الحكومة ليس لديها المال الكافى للقيام بالنهضة الصناعية الكافية؛ ولكن يجب أن نشجع كل من يريد استثمار أمواله حتى تستفيد البلاد والعمال من جراء ذلك. وسنعمل دائماً على تقريب وجهات النظر حتى يأخذ كل فرد نصيبه من هذه الحياة، وواجبكم جميعاً أن تتحدوا وتتعاونوا من أجل رفعة هذا الوطن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة الرئيس جمال عبد الناصر فى وفد عمال كفر الدوار

بتاريخ السابع من إبريل العام ١٩٥٤م.