الرئيس ناصر: إن العرب يخشون من الوقوع تحت سيطرة الدول الغربية، وخوفهم هذا يجعل من الأفضل أن تُترك لهم التدابير الخاصة بأى نظام للدفاع عن المنطقة التى يعيشون فيها.

إن فى وسع العرب متى حصلوا على الأسلحة اللازمة أن يؤلفوا ١٢ فرقة عسكرية فى مدة تقل كثيراً عن المدة التى لزمت لفرنسا لكى تعد الفرق المقرر أن تعدها لتشترك بها فى الجيش الأوروبى.

وأنا ضد مساهمة أى دولة عربية فى أى حلف دفاعى؛ كالحلف بين تركيا والباكستان، فإن اشتراك أى دولة عربية للحلف التركى - الباكستانى سيثير ثائرة العرب.

إننى لا استطيع أن أقبل أى مشروع من هذه المشروعات لأن شعوبنا ضد أى نظام من هذا النوع؛ إذ أنها تعده نوعاً من الاستعمار المقنع.

وقد أوضحت هذه الحقيقة لـ "المستر دالاس"، وإن فرض أى نظام من هذا النوع على الشرق الأوسط سيعود بأضرار على الجميع؛ لإنه سيهيئ الفرصة أمام الشيوعيين لإثارة الحقد والكراهية ضده.. وإن الشيوعيين فى مصر أقلية ضعيفة.

إن وجود قواعد أمريكية فى ليبيا يهيئ للشيوعيين فرصة لنشر دعايتهم السيئة فى كل الشرق الأوسط والعالم العربى. وقد حاول الشيوعيين أن يقنعوا أكثرية الشعب المصرى أن برنامج النقطة الرابعة الأمريكى ليس إلا عملاً استعمارياً، وهذا البرنامج إنما يهيئ للبلاد معونة فنية بقدر ضئيل، وليست له نتيجة مادية يلمسها الجمهور، والجمهور يريد نتائج مادية يستطيع أن يلمسها حتى يدرك أن ثمة معونة حقيقية.

وأنا أعتقد أن الحكومة الأمريكية الحاضرة أكثر فهماً وإدراكاً لهذه المشاكل، وخاصة مشكلة إسرائيل، عن حكومة الرئيس "ترومان".

- سؤال من المحاور: هل ترى سيادتكم أنه لابد من تسوية الأمور بين العرب وإسرائيل قبل نظام الدفاع عن منطقة الدول العربية؟

 الرئيس ناصر: أعتقد أن بقاء إسرائيل سيؤثر دائماً فى الدفاع عن منطقة الشرق الأوسط، كما هو الحال الآن؛ لسبب بسيط وهو أن إسرائيل تشطر العالم العربى إلى جزئين.

- سؤال من المحاور: هل بقاء النزاع العربى - الإسرائيلى سيعوق تسليح منطقة الشرق الأوسط وتقويتها؟

 الرئيس ناصر: إنه ليس لهذا النزاع تأثير فى أى عمل من ناحيتها، ومن الطبيعى أن يلجأ الإسرائيليون إلى كل وسيلة لمنع وصول أية معونة عسكرية إلينا؛ فهم بعملهم هذا سيؤثرون فى الأمور المتعلقة بالدفاع عن الشرق الأوسط.

إنه ينبغى انتهاج سياسة "منديس فرانس" فى مراكش والجزائر.

وأعتقد أن حياد "نهرو" فى الهند سيساعد على إنهاء الحرب الباردة، وأعتقد أنه يجب أن تكون الهند محور أى نظام للدفاع عن آسيا والشرق الأقصى، وأنه ينبغى أن تقوم مصر بذات الدور فيما يتعلق بالدفاع عن الشرق الأوسط؛ فمصر تستطيع أن تجمع حولها فريقاً من الدول والشعوب.

إن جلاء القوات البريطانية عن منطقة قناة السويس سيجعل المصريين يركزون أفكارهم وجهودهم فى سبيل تقوية بلادهم.

إن الصين الشيوعية دولة قائمة الآن وحقيقة ثابتة، فيجب على أمريكا أن تقبل هذه الحقيقة لا أن ترفض الاعتراف بها؛ لأن هذا الموقف من جانب أمريكا ينطوى على إغفال للشعب الصينى وإهمال له، ومن شأن ذلك جعل الملايين الـ ٤٠٠ أو الـ ٥٠٠ من المتعصبين يقفون موقفاً ضدكم. لقد قابلت أناساً زاروا الصين، وعلمت منهم أن الشعب الصينى يحب حكومته الحالية، فينبغى على أمريكا أن تعترف بالصين الشيوعية؛ لأن من شأن اعترافها بها إنهاء الحرب الباردة.