موريتانيا ... بناء سياسي ورؤية تنموية

موريتانيا ... بناء سياسي ورؤية تنموية

بقلم دكتورة/ رانيا أبوالخير

في كثير من التجارب التنموية في عالمنا العربي والإفريقي يثار الحديث عن متلازمة التشابك بين الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي، أيهما يسبق الآخر؟ ورغم منطقية هذا التساؤل في محاولة لفك التشابك وتحديد المسار ورسم الطريق للانطلاق، إلا أن القراءة المتأنية في تجارب العديد من الدول المتقدمة كشفت عن مغالطة حقيقية في طرح مثل هذا التساؤل، إذ مثل الارتباط بينهما المسار الأكثر نجاحا في العبور من الازمات ومواجهة التحديات، فلا يمكن ان يتحقق اصلاحا اقتصاديا دونما ان يكون هناك اصلاحا سياسيا؛ حيث تتوافر الإرادة السياسية والتوافق السياسي على برنامج الإصلاح الاقتصادي المطروح، هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى لا يمكن ان يكون هناك اصلاحا سياسيا قائما على الاطروحات والبرامج النظرية والخطابات المدغدغة لمشاعر المواطنين دونما ان يكون لذلك صدى حقيقي ينعكس في شئون حياتهم وتحسين ظروف معيشتهم، وهذا ما ادركته القيادة السياسية الموريتانية منذ وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى إلى السلطة قبل أربعة أعوام وتحديدا في أغسطس عام ٢٠١٩، إذ حمل معه رؤية متكاملة للتنمية ذات بعدين رئيسيين، هما الإصلاح السياسي عبر حزمة من الإجراءات الهادفة لإعادة ترتيب منظومة إدارة العلاقة بين الحكم والمعارضة وافساح المجال واسعا لمزيد من الممارسات الديمقراطية والتأكيد على منظومة الحقوق والحريات للمواطنين الموريتانيين، فكان الحوار الوطني مسارا مهما في بناء حالة التوافق السياسي بين كافة الأطراف السياسية، صحيح أنه قد برزت تباينات في الرؤى بين الجميع بشأن العديد من القضايا السياسية والاقتصادية بل وكذلك الاجتماعية، إلا انه من الصحيح أيضا أن هذا التباين يجب ان يُفهم في مساره الطبيعي لان الحوار يكون دائما بين المختلفين، بهدف التوصل إلى تفاهمات وتوافقات بشأن القضايا المختلف بشأنها، وهو ما يسهم في بناء الثقة بين صاحب القرار وأصحاب الرؤى والأفكار والمقترحات المتباينة في سبيل بناء رؤية تأخذ في اعتبارها متطلبات الواقع وطموحات المستقبل وتحديات الحاضر، وهذا ما تشهده الساحة السياسية الموريتانية اليوم، إذ انها على مقربة من استحقاق نيابي وجهوى في مايو القادم، وهو الاستحقاق النيابي الأول في عهد الرئيس ولد الشيخ الغزوانى، والمتابع لمجريات الاستعدادات لهذا الاستحقاق يخلص إلى نتيجة مفادها أن هناك إرادة سياسية حقيقية ساعية إلى بناء سلطة برلمانية ومجالس محلية وجهوية تعكس مختلف الآراء وتستوعب جميع الأطراف السياسية سعيا لبناء حالة التوافق المطلوبة في إدارة شئون البلاد.

هذا على الجانب السياسي أما على الجانب الاقتصادي، فقد اتخذت الدولة الموريتانية العديد من القرارات وأصدرت العديد من القوانين المنظمة لجذب الاستثمارات كان من ابرزها مدونة الاستثمار التي حملت رؤية جديدة في كيفية جذب الاستثمارات عبر تقديم العديد من التسهيلات إلى جانب منح العديد من المنح والمزايا للمستثمرين المحليين والأجانب الجادين في ضخ استثماراتهم في السوق الموريتاني، فالمُطلع على هذه المدونة تتأكد لديه القناعة بجدية الدولة في بناء اقتصاد وطني قادر على تلبية احتياجات مواطنيه، وتعظيم استغلال موارده، وتنمية دوره في محيطه الأفريقي والعربي، إذ كما يعلم الجميع أن الإمكانات والمقومات الاقتصادية لدى الدولة الموريتانية تمثل ركيزة كبيرة في النهوض بأوضاعها الاجتماعية وظروف مواطنيها المعيشية، فإلى جانب امتلاكها لثروة تعدينية كبيرة، يوجد لديها ثروة حيوانية تتجاوز ملايين الرؤوس  وثروة سمكية فريدة بما لديها من شاطئ يُعد من أطول الشواطئ في العالم (٧٥٠ كم على المحيط الأطلنطي) وثروة زراعية شاسعة على ضفاف نهر السنغال في جنوب البلاد. هذا كله إلى جانب الاكتشافات الأخيرة من الغاز والتي سيبدأ تصديره في يونيو القادم بما يمثل نقلة نوعية في رفد اقتصادها الوطني بمزيد من العملات الأجنبية التي تحتاج إلى رؤية في كيفية تعظيم كل هذه الموارد والإمكانات في سبيل تحديث الدولة وتطوير مختلف قطاعاتها الإنتاجية والخدمية.

ملخص القول إن موريتانيا اليوم تمثل نموذجا في بناء دولة عصرية بمرتكزاتها الثلاثة؛ فتح افق سياسي توافقي بين جميع الشركاء (حكومة ومعارضة)، بناء اقتصادي واعد يهدف إلى تعظيم استغلال كافة الإمكانات والموارد، بناء مجتمعي عبر ترسيخ منظومة ثقافية تعزز من القيم الإيجابية في نشر السلام والاستقرار والتعليم والولاء والانتماء. بهذه المنظومة الثلاثية ينتظر الجميع أن تحقق موريتانيا بقيادتها السياسية وبنختها الثقافية وبوعي مواطنيها، جمهورية جديدة في عالم يشهد تحولات عدة تعصف بالدول التي لا تستطيع أن تصون أمنها وتستثمر مواردها وتُنمى وعى شعبها.

في كثير من التجارب التنموية في عالمنا العربى والإفريقي يثار الحديث عن متلازمة التشابك بين الإصلاح السياسى والإصلاح الاقتصادى، أيهما يسبق الآخر؟ ورغم منطقية هذا التساؤل في محاولة لفك التشابك وتحديد المسار ورسم الطريق للانطلاق، إلا أن القراءة المتأنية في تجارب العديد من الدول المتقدمة كشفت عن مغالطة حقيقية في طرح مثل هذا التساؤل، إذ مثل الارتباط بينهما المسار الأكثر نجاحا في العبور من الازمات ومواجهة التحديات، فلا يمكن ان يتحقق اصلاحا اقتصاديا دونما ان يكون هناك اصلاحا سياسيا؛ حيث تتوافر الإرادة السياسية والتوافق السياسى على برنامج الإصلاح الاقتصادى المطروح، هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى لا يمكن ان يكون هناك اصلاحا سياسيا قائما على الاطروحات والبرامج النظرية والخطابات المدغدغة لمشاعر المواطنين دونما ان يكون لذلك صدى حقيقى ينعكس في شئون حياتهم وتحسين ظروف معيشتهم، وهذا ما ادركته القيادة السياسية الموريتانية منذ وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى إلى السلطة قبل أربعة أعوام وتحديدا في أغسطس عام ٢٠١٩، إذ حمل معه رؤية متكاملة للتنمية ذات بعدين رئيسيين، هما الإصلاح السياسى عبر حزمة من الإجراءات الهادفة لإعادة ترتيب منظومة إدارة العلاقة بين الحكم والمعارضة وافساح المجال واسعا لمزيد من الممارسات الديمقراطية والتأكيد على منظومة الحقوق والحريات للمواطنين الموريتانيين، فكان الحوار الوطنى مسارا مهما في بناء حالة التوافق السياسى بين كافة الأطراف السياسية، صحيح أنه قد برزت تباينات في الرؤى بين الجميع بشأن العديد من القضايا السياسية والاقتصادية بل وكذلك الاجتماعية، إلا انه من الصحيح أيضا أن هذا التباين يجب ان يُفهم في مساره الطبيعى لان الحوار يكون دائما بين المختلفين، بهدف التوصل إلى تفاهمات وتوافقات بشأن القضايا المختلف بشأنها، وهو ما يسهم في بناء الثقة بين صاحب القرار وأصحاب الرؤى والأفكار والمقترحات المتباينة في سبيل بناء رؤية تأخذ في اعتبارها متطلبات الواقع وطموحات المستقبل وتحديات الحاضر، وهذا ما تشهده الساحة السياسية الموريتانية اليوم، إذ انها على مقربة من استحقاق نيابى وجهوى في مايو القادم، وهو الاستحقاق النيابى الأول في عهد الرئيس ولد الشيخ الغزوانى، والمتابع لمجريات الاستعدادات لهذا الاستحقاق يخلص إلى نتيجة مفادها أن هناك إرادة سياسية حقيقية ساعية إلى بناء سلطة برلمانية ومجالس محلية وجهوية تعكس مختلف الآراء وتستوعب جميع الأطراف السياسية سعيا لبناء حالة التوافق المطلوبة في إدارة شئون البلاد.

هذا على الجانب السياسي أما على الجانب الاقتصادى، فقد اتخذت الدولة الموريتانية العديد من القرارات وأصدرت العديد من القوانين المنظمة لجذب الاستثمارات كان من ابرزها مدونة الاستثمار التي حملت رؤية جديدة في كيفية جذب الاستثمارات عبر تقديم العديد من التسهيلات إلى جانب منح العديد من المنح والمزايا للمستثمرين المحليين والأجانب الجادين في ضخ استثماراتهم في السوق المورتيانى، فالمُطلع على هذه المدونة تتأكد لديه القناعة بجدية الدولة في بناء اقتصاد وطنى قادر على تلبية احتياجات مواطنيه، وتعظيم استغلال موارده، وتنمية دوره في محيطه الافريقى والعربى، إذ كما يعلم الجميع أن الإمكانات والمقومات الاقتصادية لدى الدولة الموريتانية تمثل ركيزة كبيرة في النهوض بأوضاعها الاجتماعية وظروف مواطنيها المعيشية، فإلى جانب امتلاكها لثروة تعدينية كبيرة، يوجد لديها ثروة حيوانية تتجاوز ملايين الرؤوس  وثروة سمكية فريدة بما لديها من شاطئ يُعد من أطول الشواطئ في العالم (٧٥٠ كم على المحيط الاطلنطى) وثروة زراعية شاسعة على ضفاف نهر السنغال في جنوب البلاد. هذا كله إلى جانب الاكتشافات الأخيرة من الغاز والتي سيبدأ تصديره في يونيو القادم بما يمثل نقلة نوعية في رفد اقتصادها الوطنى بمزيد من العملات الأجنبية التي تحتاج إلى رؤية في كيفية تعظيم كل هذه الموارد والإمكانات في سبيل تحديث الدولة وتطوير مختلف قطاعاتها الإنتاجية والخدمية.

ملخص القول إن موريتانيا اليوم تمثل نموذجا في بناء دولة عصرية بمرتكزاتها الثلاثة؛ فتح افق سياسى توافقى بين جميع الشركاء (حكومة ومعارضة)، بناء اقتصادى واعد يهدف إلى تعظيم استغلال كافة الإمكانات والموارد، بناء مجتمعى عبر ترسيخ منظومة ثقافية تعزز من القيم الإيجابية في نشر السلام والاستقرار والتعليم والولاء والانتماء. بهذه المنظومة الثلاثية ينتظر الجميع أن تحقق موريتانيا بقيادتها السياسية وبنختها الثقافية وبوعى مواطنيها، جمهورية جديدة في عالم يشهد تحولات عدة تعصف بالدول التي لا تستطيع أن تصون أمنها وتستثمر مواردها وتُنمى وعى شعبها.