التراث الإفريقي من أين وإلى أين!؟
بقلم/ شيماء طارق
يعد الفن الإفريقي من أهم الفنون على مستوى العالم، حيث أن الفن هو مرآة الحضارة، وصوت الثقافة ويساهم في تطور البشرية في المجالات كافة، ويرتبط بها ارتباطا وثيقا ،وتعد القارة الأفريقية من أوائل القارات المهتمة بالفن الشعبي والتشكيلي على مر العصور، ويبدو هذا واضحا من خلال ملابس أهلها وألوانها المبهجة التي تميزهم عن أي شعب أخر، لذلك أول أشكال الفن الإفريقي المعروف هو الرسم على الصخر، وكان يمارسه الأشخاص في جنوب الصحراء، وايضا توجد بعض الحفريات التي تم اكتشافها في ناميبيا ورسوم أخرى كثيرة، لذا هل الفن الإفريقي اقتصر على القارة الأفريقية فقط أو امتد إلى العالم أجمع ؟
بالطبع الإجابة نعم لم يقتصر الفن على القارة الإفريقية فقط، بل ساهم في تشكيل ثقافة العالم على مر العصور حيث ترى الكثيرة من الدول أن إفريقيا هي مهد الحضارة، ومصدر الثقافة وتعود أصول تاريخ الفن الإفريقي إلى قرون طويلة، حيث تشير الدراسات الخاصة بالفن الإفريقي إلى أن أقدم المنحوتات والرسومات جاءت من نيجيريا مما يدل على تنوع الفن وتأصيله على مر التاريخ.
ولم يكتف بهذا فقط، بل امتد إلى أوروبا وكان له أثر واضح وصريح في التجارب والمعالجات الفنية لفناني أوروبا، فعلى سبيل المثال فنان التعبيرية الألمانية "أرنست كريشنر" استعان بجماليات الفن الأفريقي وأشكاله المختلفة في أعماله للتعبير عن الحياة الحديثة بأشكالها الكافة، وظل الفن الأفريقي يمتد أثره إلى إيطاليا وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية من خلال اتصاله بالمدارس الأوروبية ودراستهم للمنحوتات الإفريقية.
وتميز الفن الأفريقي بالجمع بين القيم الروحية والمادية فيما بينها، حيث حافظ الفنان الإفريقي على التقاليد الفنية الخاصة بهويته الثقافية العريقة التي امتدت إلى جذور التاريخ وأصبحت مصدر ملهم للأوروبيين والغربيين في فنونهم مما ساهم في إبراز أهمية الفن الإفريقي على مر الزمن ، ولم ننس دور المرأة الأفريقية في تطور والإبداع في الفن حيث ساهمت المرأة الأفريقية في الابتكار والإبداع بشكل كبير في بعض الفنون، وبما في ذلك الفخار ، النسيج، المنسوجات اليدوية، ونجح الفنان الأفريقي في الابتكار والإبداع بأدوات بسيطة ورمزية مما ساهم في تطور الفن، وتفرده ، وتعبير عن مفردات الكون، وتقدير واحترام المجتمع له في العالم أجمع .
ونتيجة لهذا تعددت أنواع الفن الإفريقي على مدار العصور، ولكن من أشهر أشكاله الفنية " فن العمارة والنحت" حيث قيل في بعض المراجع الخاصة بالقارة الإفريقية أن المنازل كانت تبنى من الطين والفخار ، وتتميز ببساطتها وطابعها الخاص وتختلف من دولة إلى أخرى حيث نجد أن في السودان ومالي تبنى المنازل بشكل دائري ، وغالبا تحاط القرى الإفريقية بحصون وأساور عديدة تحميها من أي اعتداء أو غزو خارجي كما هو الحال في نيجيريا، وتتميز الأبنية والمعادن الدينية ببساطتها وجمالها الخاص الذي يبرز جمال الفن الإفريقي وتطوره وأثره في الفنون العالمية الأخرى .
ومن ضمن الفنون الإفريقية المشهورة في القارة " فن الرقص" عرف الفن الشعبي في إفريقيا بأن له طابع خاص، وفريد من نوعه، فهو عبارة عن حركات ورموز يؤديها الجسم بشكل معين، ولذلك تتعدد أنواع الموسيقى الأفريقية التي تضيف لمسة جمال لفن الرقص وتجعله في الدول الإفريقية جميعها ومتنوع، ومن أشهر أنواع الموسيقى الإفريقية " موسيقى الكناوة- الاصطنبالي- الموسيقى الحسانية- موسيقي جنوب الصحراء" وغيرها من الأنماط الموسيقية المتنوعة في القارة.
وهنا نجد أن الفن الإفريقي هو بالفعل تراث لا ينتهي، تراث ممتد إلى العالم أجمع، يضيف لمسة من الجمال والرقي في كل وقت، بسبب اختلافها وتنوعها الفريد الذي ميزه وجعله فريد من نوعه وإذا كان الفن حياة، إذا فلا توجد حياة بدون فن.
