دور مصر في حركات الاستقلال الأفريقية

بقلم: نور الهدى سيد حجازي.
لعبت مشاركة مصر في حركات الاستقلال الأفريقية ودعمها لها دورًا مهمًا في تشكيل مسار القارة. في أعقاب ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام ١٩٥٢، اعتبرت مصر، تحت قيادة جمال عبد الناصر، أفريقيا المجال الاستراتيجي الثاني بعد المنطقة العربية، واحتل العالم الإسلامي المرتبة الثالثة. وضع هذا القرار الأساس لمشاركة مصر النشطة في دعم حركات التحرير في جميع أنحاء أفريقيا.
كان من أوائل مساعي مصر دعوتها لاستقلال السودان، ففي عام ١٩٥٣، ناصرت القاهرة اتفاقية السودان، التي دعت إلى استقلال السودان عن الحكم الاستعماري البريطاني. وأوضحت هذه الخطوة التزام مصر بتحرير أفريقيا وحقها في تقرير مصيرها. في العام التالي، أعلنت مصر دعمها للثورة الجزائرية، وعزز هذا التأييد العلني لاستقلال الجزائر دور مصر كمؤيد للتحرير الأفريقي. في عام ١٩٥٥، في مؤتمر باندونج، أصدرت مصر إعلانًا مهمًا - وهو دعمها لحركات التحرير الأفريقية. كان هذا بمثابة بداية لحركة عدم الانحياز، حيث ألهم دعم مصر الدول الأفريقية الأخرى للانضمام إلى القضية.
أدى دعم مصر لحركات التحرير الأفريقية إلى موجة من إعلانات الاستقلال في جميع أنحاء القارة. تحت قيادة كوامي نكروما، أعلنت غانا استقلالها عن بريطانيا في عام ١٩٥٧. حققت غينيا كوناكري، بقيادة أحمد سيكو توري، الاستقلال عن فرنسا في عام ١٩٥٨. أقام كل من نكروما وتوري صداقات وثيقة مع الرئيس عبد الناصر، مما سلط الضوء على الاحترام المتبادل والإعجاب الذي كان قائماً بين القادة الأفارقة ومصر.
استمرت المطالبة بالاستقلال في السنوات اللاحقة، مع حصول دول مثل سيراليون وتنجانيقا (وهى الآن جزء من تنزانيا) وبوروندي ورواندا والجزائر وأوغندا على استقلالها عن القوى الاستعمارية الأوروبية. لعبت مصر دورًا أساسيًا في تسهيل هذه العملية، وذلك باستضافتها قادة حركات التحرير الوطني وتقديم الدعم العسكري واللوجستيكي ، كما قام الجيش المصري بتدريب الأجيال الأولى من الضباط العسكريين الأفارقة، مما عزز دور مصر في حركات الاستقلال.
كما ساعدت الدبلوماسية المصرية حركات التحرير، مستفيدة من علاقاتها في العالم العربي، والكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي، وجمهورية الصين الشعبية لتقديم الدعم السياسي. قدمت اتحادات الطلاب المصريين في أوروبا، وخاصة في لندن وباريس، منصة للطلاب الأفارقة لعرض قضاياهم الوطنية في الخارج.
في الختام، لعبت مشاركة مصر في حركات الاستقلال الأفريقية دورًا محوريًا في كفاح القارة من أجل حقها في تقرير مصيرها. من خلال دعوتها ودعمها وجهودها الدبلوماسية، ضمنت مصر استقلال العديد من الدول الأفريقية ومهدت الطريق لأفريقيا موحدة ومستقلة. تجسد أعمالها أهمية التضامن بين البلدان الأفريقية والدور الهام الذي يمكن أن تلعبه دولة واحدة في تشكيل مصير قارة بأكملها.