هيئة الرقابة الإدارية... يد الدولة لدحر جذور الفساد

هيئة الرقابة الإدارية... يد الدولة لدحر جذور الفساد

في مبنى ضخم بمنطقة مدينة نصر بالقاهرة، تتزين جدرانه بعلم مصر، يقع مقر "هيئة الرقابة الإدارية"، وتمتد فروعه في جميع محافظات مصر، ويمتد تاريخها لأكثر من نصف قرن، عندما فكر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في إنشاء جهاز لحماية القطاع العام من الفساد، فأصدر قرارًا عام ١٩٦٤م، بتأسيس الرقابة الإدارية كجهاز رقابي مستقل تابع لرئاسة الوزراء.

 

تشكلت الهيئة في بدايتها من عشرين ضابطـًا تحت مسمى "هيئة مراقبة الإدارة الحكومية"، وتم تعيين اللواء كمال الغر ضابط المخابرات، أول رئيسًا للهيئة. وكان هدف هيئة الرقابة الإدارية الأول هو مكافحة الفساد وبحث أسباب القصور التي تعرقل سير العمل، واتسع مجال عمل الهيئة وهيكلها الإداري بعد ذلك بقانونين صدرًا في عامي ١٩٦٤م، و١٩٦٨م.

​​​​​​اختصاصات هيئة الرقابة الإدارية

 طبقًا لقانون إنشائها رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٤ والمعدل بالقانون رقم ٢٠٧ لسنة ٢٠١٧

  • بحث وتحري أسـباب القصور في العمل والإنتاج واقتراح وسائل تلافيها.
  • الكشف عن عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية التي ​تعرقل السير المنتظم للأجهزة العامة واقتراح وسائل تلافيها.
  • متابعة تنفيذ القوانين والتأكد من أن القرارات واللوائح والأنظمة السارية وافية لتحقيق الغرض منها.
  • الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والفنية التي تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها.
  • كشف وضبط الجرائم الجنائية التي تقع من غير العاملين والتي تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمة العامة.
  • بحث الشكاوى التي يقدمها المواطنون عن مخالفة القوانين أو الإهمال في أداء واجبات الوظيفة ومقترحاتهم فيما يتراءى لهم أو يلمسونه بقصد تحسين الخدمات وانتظام سير العمل وسرعة إنجازه.
  • بحــث ودراســة مــا تنشــره الصحافــة مـــن شكــــاوى أو تحقيقات صحفية تتناول نواحي الإهمال، أو الاستهتار، أو سوء الإدارة، أو الاستغلال وكذلك ما تتعرض له وسائل الإعلام المختلفة في هذه النواحي.
  • مد السيد رئيس الوزراء والسـادة الوزراء والمحافظين بأية بيانات أو معلومات أو دراسات يطلبونها.

للاطلاع على نص القانون كاملا اضغط هنا

الاختصاصات المستحدثة بالقانون رقم ٢٠٧ لسنة​​ ٢٠١٧

  • كشف وضبط الجرائم التي تستهدف الحصول أو محاولة الحصول على أي ربح أو منفعة باستغلال صفة أحد الموظفين العموميين المدينين أو أحد شاغلي المناصب العامة بالجهات المدنية أو اسم إحدى الجهات المدنية المنصوص عليها بالمادة (٤) من هذا القانون.

للاطلاع على نص القانون كاملا اضغط هنا

  • الجرائم المتعلقة بتنظيم عمليات النقد الأجنبي المنصوص عليها بقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم ١٩٤ لسنة ٢٠٢٠ وفقا لأحكامه.
  • ​الجرائم المنصوص عليها بالقانون رقم ٥ لسنة ٢٠١٠ بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية.
  • الجرائم المنصوص عليها بالقانون رقم ٦٤ لسنة ٢٠١٠ بشأن مكافحة الإتجار في البشر.

للاطلاع على نص القانون كاملا اضغط هنا

  • ​وضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية في الدولة. 
  • التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والوثائق والمعلومات مع الهيئات والأجهزة الرقابية في الدولة وغيرها من الجهات المختصة بمكافحة الفساد في الخارج.
  • نشر قيم النزاهة والشفافية والعمل على التوعية المجتمعية بمخاطر الفساد وسبل التعاون لمنعه ومكافحته وتقوم الهيئة في سبيل ذلك بالتعاون مع كافة الجهات المعنية ​​ومنظمات المجتمع المدني. 
  • متابعة نتائج المؤشرات الدولية والإقليمية والمحلية في مجال منع الفساد ومكافحته ووضع التوصيات اللازمة لتلافى أي نتائج سلبية اسفرت عنها تلك المؤشرات ومتابعة تنفيذها بصفة دورية وتقييم أداء المسئولين عن تنفيذها. ​​​​
  • معاونة الجهاز الحكومي والهيئات العامة وقطاع الأعمال العام في التحري عن شاغلي وظائف الإدارة العليا والمرشحين لنيل الأوسمة والنياشين.
  • التحري عن حالات الكسب غير المشروع تنفيذاً لقانون الكسب غير المشروع وبناءًً على ما تقرره هيئات الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع.
  • التحري عن العمليات المالية التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال بالتنسيق وتبادل المعلومات مع وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي. ​ ​​​​​​​

نطاق اختصاص الهيئة

١- الجهــــــــــاز الحكومي للدولــــــــــة وفروعــــــــــــــــــه.

٢- الهيئـــــــات العامــــــة والجهـــــــات التابعـــــــــــة لهــــــا.

٣- قطـــــــــاع الأعمال العــام والشركــــــات التابعــــــة لـــــه.

٤- الجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة.

٥- جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه.

 

الجرائم التي تختص الهيئة بضبطها

​ ​تنقســم الجرائــم التي يتــم ضبطهـــا بمعرفـة الهيئة إلى قسمين رئيسيين:

  القسم الأول:​

    جرائم تعد اختصاصا أصيلاً لهيئة الرقابة الإدارية وتشمل الآتي:

   ١- جرائم العدوان على المال العام:

  • الاختلاس.
  • الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام.
  • التربح.
  • الإضرار بالمال العام سواء كان عمداً أو عن إهمال.
  • الغش في عقود التوريد.

  ٢- جرائم الإتجار بالوظيفة العامة:

  • الرشوة.
  • استغلال النفوذ.

   ٣- جرائم التزوير في المحررات الرسمية.

   ٤- جرائم الكسب غير المشروع.

   ٥ـ استغلال صفة أحد الموظفين العموميين المدنيين أو أحد شاغلي المناصب القيادية للحصول أو محاولة الحصول على أي ربح أو منفعة.

   ٦- ​الجرائم المتعلقة بتنظيم عمليات النقد الأجنبي.

   ٧- الجرائم المنصوص عليها بالقانون رقم ٥ لسنة ٢٠١٠ بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية.

   ٨- الجرائم المنصوص عليها بالقانون رقم ٦٤ لسنة ٢٠١٠ بشأن مكافحة الاتجار بالبشر.​

 

القسم الثاني:

    جرائم يتم ضبطها بالتنسيق مع بعض الجهات والتي تتولى بدورها وفقاً لاختصاصاتها أعمال الضبط وتتمثل في الآتي:

     ١- التهـــــــــــرب الضريبي.

     ٢- التهـــــــرب الجمركي.

     ٣- جرائـــــم غســــــل الأمـــــوال.

     ٤- الغـــــــــش التجاري.

     ٥- الجرائم المتعلقة بالصحة العامة.

 

ومن منطلق حرص هيئة الرقابة الادارية على تهيئة مناخ جاذب للاستثمار وتنفيذا لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية تم انشاء الإدارة المركزية لدعم الاستثمار لبحث كافة المعوقات التي تواجه المستثمرين ومقترحات الحلول ومنحهم الثقة للعمل والاستثمار دون تخوف لان الضرر الواقع على الخزانة العامة للدولة من جراء حرمانها من الفرص الاستثمارية لا يقل حجما عن الضرر الذي يلحق بها من الفساد بمفهومه الأشمل. ويتلخص دور الإدارة  في:

  • بحث أوجه القصور والخلل في الجهاز الإداري التي تعوق الاستثمار بشكل عام وتقديم المقترحات التي من شأنها تحسين بيئة ومناخ الاستثمار.
  • وبحث كافة الشكاوى الواردة من قبل المستثمرين والعمل على حلها بالسرعة والدقة اللازمة واستقبال الشكاوى عبر البريد الالكتروني الخاص بالإدارة المركزية لدعم الاستثمار.
  • التعاون الفعال مع المستثمرين الجادين لسرعة تنفيذ مشروعاتهم الجديدة أو التوسع فيما هو قائم وتذليل كافة المعوقات والمشاكل التي تواجههم.
  • متابعة كافة القوانين والقرارات الصادرة عن أجهزة الدولة وبحث تأثيرها على الاستثمار وكذا متابعة كافة المؤشرات الدولية عن نشاط الاقتصاد المصري.
  • عقد لقاءات مستمرة مع المستثمرين في كافة المجالات لبحث ومناقشة أفكارهم ومقترحاتهم لتطوير مشروعاتهم بما يتفق مع أهداف الدولة.
  • العمل على تعظيم إيرادات الدولة سواء من خلال زيادة حجم الاستثمار المباشر أو من خلال زيادة حجم الصادرات المصرية.
  • التنسيق مع كافة المجالس التصديرية ودعمهم ومناقشة مقترحاتهم لتذليل المعوقات التي تساعد الشركات على زيادة صادراتهم بهدف تحقيق التنمية المستدامة خاصة في النقد الأجنبي.

أبرز القوانين الصادرة لدعم الاستثمار

 قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧ ولائحته التنفيذية.

 قانون تيسير إجراءات منح التراخيص الصناعية رقم ١٥ لسنة ٢٠١٧.

 قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي من الإفلاس رقم ١١ لسنة ٢٠١٨.

 تعديل قانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ للسماح بتأسيس شركات الشخص الواحد.

 قانون الإجراءات الضريبية الموحدة رقم ٢٠٦ لسنة ٢٠٢٠.

الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد

ولأن التدريب يُشكل منذ نشأة هيئة الرقابة الإدارية بالقانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٤ واضطلاعها بمهام مكافحة الفساد والوقاية منه عنصراً أساسياً وجزء لا يتجزأ من عناصر نجاح الهيئة جيلاً بعد جيل و في عام ٢٠١٧ صدر القانون رقم ٢٠٧ بتعديل القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٤ حيث تم إنشاء " الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد " ككيان مستقل تابع لهيئة الرقابة الإدارية لترسيخ حرص الهيئة على تنمية الموارد البشرية بتخصيص كيان إداري يتولى أنشطة التدريب والتطوير بصفة عامة في مجالات مكافحة الفساد ونشر قيم النزاهة والشفافية على وجه الخصوص وباقي أفرع العلوم المرتبطة بمكافحة الفساد.

نبذه عن أهم الأعمال والقضايا التي عملت عليها الهيئة:

اصطدمت الهيئة بالسلطة، في عهد الرئيس أنور السادات، عندما فتحت تحقيقات موسعة، في قضية عرفت باسم "عصمت السادات ورشاد عثمان"، ابن شقيق الرئيس، وهو ما أزعج السادات وقتها، فقرر نقل رئيس الهيئة كمال الغر عام ١٩٧٨م، للمجالس القومية المتخصصة، وحلت الهيئة بعد عامين من هذا القرار، وجمد نشاطها في عام ١٩٨٠م. ووزعت ملفات القضايا بالهيئة، على الشرطة العسكرية ومباحث أمن الدولة، وفرمت الكثير من أوراق وأدلة الفساد، وتم إبعاد موظفي ورجال الهيئة في عدة وظائف أخري، وهو ما ترك فراغا ً كبيراً على الساحة الرقابية.

وعندما تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك الحكم، أصدر قراراً عام ١٩٨٢م، بإعادة تشكيل الهيئة، ونقل مقر الهيئة في الجيزة بالدقي، إلى المبني الحالي للهيئة بمنطقة الجولف في مدينة نصر، وعين اللواء محمد عبد الله، منصب رئيس الهيئة، خلفه اللواء أحمد عبد الرحمن، ثم اللواء هتلر طنطاوي في عام ١٩٩٦م، وخلفه في المنصب مدير المخابرات الحربية الأسبق، اللواء محمد فريد التهامي، وكانت أول قضية فتحتها الهيئة وقتها، هي قضية عصمت السادات وأبنائه، وعلاقاته برشاد عثمان، والتي انتهت بحبسه وبمصادرة أملاكه.

خلال فترة الثمانيات، فجرت الهيئة الكثير من قضايا الفساد، التي هزت الرأي العام، أشهرها قضية لوسي أرتين، والتي أدت للإطاحة بعدد من السياسيين، وكبار رجال الدولة، وقضية نواب القروض، وقضية عبد الوهاب الحباك وزير الصناعة، وقضية رجل الأعمال توفيق عبد الحي، المتهم باستيراد دواجن فاسدة.

ولكن في النصف الثاني من عصر مبارك، تصاعد مؤشر الفساد، ووضعت أمام الهيئة العراقيل لتقويض عملها، وهو ما تسبب في زيادة الفساد المالي والإداري، بسبب تزاوج المال والسلطة، وهو ما أدي لتصاعد الغضب في أوساط الرأي العام، ليصل الأمر للانفجار في ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١م.

وعندما وصل الإخوان للحكم، حاولوا استغلال الهيئة لمحاربة خصومهم، ودخلوا في صراعا مع رئيس الهيئة، اللواء محمد فريد التهامي، بعد أن اتهمواه بإخفاء أدلة اتهام مبارك في قضية قصور الرئاسة، مما أدى إلى إقالته ليتم تعين اللواء محمد عمر هيبة رئيسًا للهيئة، وبالرغم من ذلك تمكنت الهيئة، من الكشف عن وقائع فساد عقب ثورة ٢٥ يناير وحتى عام ٢٠١٤م، وأعادت للدولة ما يقرب من ١١ مليار جنيها مصريا، وهو ما عرض أعضاء الهيئة للتهديد، ما دفعهم للمطالبة بحمايتهم بموجب القانون.

وأثناء وضع تعديلات دستور ٢٠١٤، ضمنت مواد الدستور استقلال الهيئة، لأول مرة في تاريخها، وخروجها من تبعية رئيس الوزراء منذ تأسيسيها، بالرغم من أنها مكلفة بمراقبة السلطة التنفيذية وأجهزة الدولة.

وعندما تولي الرئيس السيسي أعطى الهيئة صلاحيات كبيرة، للقضاء على الفساد، الذي يقف حائلا أمام خطة التقدم الاقتصادي، وتم تعين الوزير محمد عرفان جمال الدين في الفترة من ٢٠١٥ وحتى عام ٢٠١٨م، تلاه الوزير شريف الدين حسين في الفترة من ٢٠١٨ وحتى ٢٠٢٠م، ثم الوزير حسن عبد الشافي أحمد في الفترة من ٢٠٢٠ وحتى عام ٢٠٢٢م، ويشغل رئاسة الهيئة الآن الوزير عمرو عادل.

 وبدا دور الهيئة واضحاً عندما ألقي ضباط الرقابة الإدارية، القبض علي صلاح هلال، وزير الزراعة في حكومة إبراهيم محلب في ميدان التحرير، عقب خروجه من رئاسة الوزراء وتقدمه باستقالته، لاتهامه في قضية فساد كبري، واستيلاء على أراضي الدولة.

وسعت هيئة الرقابة الإدارية سلطتها، في محاولة لضبط الأسعار والسيطرة على الأسواق، وتمكنت من خلال فروعها بالمحافظات، من توجيه ضربات قوية لمافيا احتكار السلع الأساسية والإستراتيجية، توجهت الهيئة نشاطها خلال هذه الفترة، بالكشف عن قضية مافيا الإتجار في الأعضاء البشرية، المتورط فيها أطباء وأطقم تمريض، وأساتذة كبار في عدد من المستشفيات والجامعات الحكومية.

المصادر

موقع هئية الرقابة الإدارية

جريدة  الأهرام