ياسر أبو معيلق يكتب: عن التسول الديني

ياسر أبو معيلق يكتب: عن التسول الديني
استوقفني الجدل الدائر حول فيديو تساقط الثلوج في الحرم المكي، والذي فندته دائرة أرصاد إمارة مكة المكرمة وحسمت الجدل بكونه مفبركاً.
هذا الفيديو أغضبني بشدة، لأنني قبله كنت قد شاهدت منشوراً عن كريستيانو رونالدو في إحدى الوسائل الإعلامية حظي بتفاعل كبير، وفي التعليقات وجدت بعض من وضعوا صوراً لطفلة محجبة لطيفة مع تعليق على شاكلة "لا أحد ينتبه لهذه الفتاة التي أتمت حفظ كتاب الله"، مذيلاً بالطبع بمئات الإعجابات.
نفس الشيء تراه في مواقع فيديو مثل" يوتيوب" تحت مقاطع غنائية وموسيقية عربية رائجة، بنصوص تتراوح بين "كم لايك سيحصل عليه رسول الله" أو "حفظة القرآن لا أحد يشاهدهم"، مع أن مقاطع تلاوة القرآن الكريم لكبار مقرئي العالمين العربي والإسلامي تحصد ملايين المشاهدات على يوتيوب!
هذه الظاهرة التي أراها سخيفة، بصراحة، تعبر عما صرت أنعته بالتسول الديني، وهو على أنواع:
١. نوع صادق ولكنه نادر، يسعى للهداية أينما ذهب، ونيته طيبة. لهؤلاء نسأل أن يثابوا على نيتهم.
٢. نوع يشتري بكلمات الله ثمناً بخساً: أناس يستغلون الحماس الديني الذي يسود منطقتنا لحشو حساباتهم بالإعجابات والمتابعات، واستغلالها تجارياً فيما بعد، إما عبر بيع الصفحة لأعلى مشتر بعد تخطيها رقماً معيناً من المتابعين، أو استخدامها للترويج المدفوع.
٣. نوع ساخر، وهو النوع الذي يندرج تحت بند "الترول" (Troll)، وهي حسابات وهمية مخصصة للسخرية والتهكم على أي شيء وكل شيء، فقط لإغاظة الآخرين.
٤. نوع مسيّس، وهم ناشطو/ناشطات التيارات الإسلاموية، الذي يلجأون عادة إلى اختراق المواضيع الرائجة من أجل الترويج لرسائلهم السياسية، حتى وإن وصل بهم الأمر لتحوير أحداث القصة أو اختلاقها بالكامل لتدعم نظرياتهم (وكم قرأت من هراء كُتب زوراً وبهتاناً لتبيان كم انحلال المجتمع الغربي، وسهولة وقوع المسلمين وأطفالهم فريسة له).
أنا لست ضد التوعية الدينية، أو نشر رسالة الإسلام في كل مكان، ولكنني ضد المتاجرة بهذا الدين ورسالته، أو الكذب والتزوير لنشر الفكرة بسرعة. هذا تسول ديني قميء، وأزعم أنه محرم كتحريم الكذب، لأن الإنسان لا يزال يكذب ويتحرى الكذب، حتى يُكتب عند الله كذاباً.