ريادة الدراما المصرية(١من٢) : ملامح من النشأة.. إلى التأثير
كتب / حسين عبدربه
لا شك أنَّ الدراما المصرية قد شكلت وعي الملايين ليس في مصر فقط بل وفي الوطن العربي بقوة حكاياتها وعظمة صُنَّاعها، فمصر هي رائدة الدراما، حيث بدأت منذ ستينيات القرن الماضي تتوالى الأعمال الدرامية ومحاولات الكُتَّاب والمخرجين في تجسيد الحياة المصرية.
انطلق البث التلفزيوني في مصر عام ١٩٦٠
ومنذ ذلك التوقيت وتعددت الأعمال الدرامية وتنوعت قصصها، وكان أول عمل تلفزيوني في تاريخ الدراما هو مسلسل (هارب من الأيام) الذي عُرِض لأول مرة في عام ١٩٦٢، وكان مأخوذًا من إحدى قصص الكاتب ثروت أباظة، سيناريو وحوار للكاتب فيصل ندا، ودارت أحداث المسلسل عن حياة طبَّالٍ فقير في إحدى القُرى يعاني من سوء معاملة أبناء قريته له؛ فيضطر إلى إثارة الرعب في قلوبهم بسرقاتٍ وجرائمَ عديدة، التي أكتشفوا أنه كان هو الفاعل لها في النهاية، جذب ذلك المسلسل الناس بكافة طبقاتهم حتى أنَّه قيل أثناء عرضه كانت تخلو الشوارع من الناس.
جمع هذا المسلسل الأسرة المصرية لمشاهدته ومعرفة قصة بطله الهارب من الأيام.
وفي عام ١٩٦٤ تم عرض أول المسلسلات البوليسية مسلسل (القط الأسود) الذي كان من تأليف الكاتب محمد المازني، وإخراج عادل صادق، بطولة توفيق الدقن وعمر الحريري ومديحة سالم، تدور أحداث المسلسل عن رجل عصابة يُلقَّب بالقط الأسود؛ لارتدائه قناع على شكل قط، يشترك مع عصابته في ارتكاب الجرائم ويُطْلب للعدالة، وفيما بعد يَكشِف عن وجهه فيتبين أن وجهه مشوه بسبب حريق شبَّ في مَنزلِه منذ سنوات.
وتوالت بعدها الأعمال الدرامية التي تتحدث عن وقائع وَتُشخص العديد من الشخصيات الموجودة في المجتمع، والحقيقة انَّها جذبت الانتباه بشدة.
وفي السبعينيات وقد تجددت وتعددت قطاعات الإذاعة والتليفزيون، وبدأت الألوان تزيد من جمال ورونق الأعمال التليفزيونية، وتوالت الأعمال وتنوعت القصص
والحكايات الدرامية التي تتحدث لرفع الوعي لدى الناس وزيادة التماسك بين أفراد الأسرة الواحدة ومخاطبة الشباب بالقيم والمُثل العليا .
ونظرًا لوجود كل عناصر الأعمال الدرامية من مؤلفين ومخرجين وممثلين رائعين، ما دعى إلى كثرة الإنتاج الدرامي، حيث بدأت الدولة في إنتاج العديد من الأعمال الدرامية، وأيضًا بدأت بعض شركات الإنتاج العربية في التعاقد مع الكُتَّاب والممثلين لإنتاج أعمالٍ درامية جَمعَت الأُسر المصرية والعربية بشغف.
علي سبيل المثال لا الحصر.
مسلسل (غصن الزيتون) الذي عُرِض عام ١٩٧٥، من تأليف محمد عبدالحليم عبدالله، وسيناريو وحوار مصطفى كامل، وإخراج عبدالمنعم شكري، بطولة صلاح قابيل وعبدالرحمن أبو زهرة، حيث يناقش تفكير الفتيات في مرحلة الدراسة، وتفكير الأساتذة داخل عملهم وفي حياتهم.
مسلسل (وآه يازمن) الذي عُرِض عام ١٩٧٧، قصة وسيناريو وحوار كرم النجار، وإخراج أحمد طنطاوي، بطولة عزت العلايلي وحسن عابدين وأمينة رزق،
وتدور أحداثه حول حب ابن العمدة بابنة أحد رجال القرية، والتي يريد والدها إتمام تلك الزيجة حتي يصبح من الأثرياء .
وفي فترة الثمانينيات زادت الأعمال الدرامية وناقشة قضايا مجتمعية مصرية وعربية، وبدأ الاهتمام بكلمات الترات والموسيقى التصويرية أكثر من السابق.
ومن هذه الأعمال على سبيل المثال لا الحصر.
مسلسل (دموع في عيون وقحة) الذي عُرِض لأول مرة عام١٩٨٠، وهو من أوائل المسلسلات المصرية التي سلطت الضوء على وقائع بُطولية حقيقية من ملفات المخابرات في حرب أكتوبر المجيدة.
كان السيناريو والحوار للكاتب صالح مرسي، وإخراج يحيي العلمي، وبطولة عادل إمام و صلاح قابيل.
وأيضًا مسلسل (رأفت الهجان) الذي بدأ إنتاج أول جزء منه عام١٩٨٧، وكان أيضًا من ملفات المخابرات العامة، كان السيناريو والحوار للكاتب صالح مرسي، وإخراج يحيى العلمي، وبطولة محمود عبدالعزيز.
مسلسل (ليالي الحلمية) الذي بدأ إنتاج الجزء الأول منه عام ١٩٨٧، سيناريو وحوار للكاتب أسامة أنور عكاشة، وإخراج إسماعيل عبدالحافظ، بطولة يحيي الفخراني وصلاح السعدني وصفية العمري، جسد من بداية الجزء الأول تقاليد وعادات المجتمع المصري والحياة اليومية للحارة المصرية.
أيضًا تلك الفترة كانت بداية أول مسلسل عرائس مصري (بوجي وطمطم) والذي بدأ إنتاج الجزء الأول منه عام ١٩٨٣، من فكرة وإخراج وتصميم محمود رحمي، بطولة يونس شلبي وهالة فاخر، حيث كان لهذا المسلسل تأثيرٌ على ثقافة الأطفال لعقود، وتعددت أجزائه وحكاياته التي شكلت وعي الأطفال.
وفي فترة التسعينيات وهي نهاية حقبة القرن العشرين تعددت الأعمال الدرامية التي كان من بينها الأعمال التاريخية والأعمال التي تتحدث عن الصعيد.
ومنها علي سبيل المثال لا الحصر.
مسلسل (ذئاب الجبل) الذي عُرِض لأول مرة عام ١٩٩٢، تأليف محمد صفاء عامر، وإخراج مجدي أبوعميرة، وبطولة حمدي غيث وعبدالله غيث وأحمد عبدالعزيز وسماح أنور، جذب هذا المسلسل أنظار جموع الشعب المصري، حيث ناقش عادات وتقاليد الصعيد والقيم التي تتوارثها الأجيال.
وأيضًا مسلسل (يوميات ونيس) والذي بدأ إنتاج الجزء الأول منه عام ١٩٩٤، سيناريو وحوار مهدي يوسف، ومحمد صبحي، وإخراج محمد بدرالدين وبطولة محمد صبحي وسعاد نصر وجميل راتب، ناقش الحياة الأُسرية وكيفية تربية الآباء للأبناء، وتعليمهم الأخلاق والقيم، والمبادىء، حقق حينها نجاح مدوي في العالم العربي.
وكان من المسلسلات التاريخية والدينية
مسلسل (الأبطال) الذي عُرِض لأول مرة عام ١٩٩٦، من تأليف سامي غنيم، وإخراج حسام الدين مصطفي وسعيد الرشيدي، بطولة حسين فهمي ومحيى إسماعيل وحسن حسني ومحمد وفيق والعديد من النجوم، عُرِض في جزئين وأرخ فترة دخول الحملة الفرنسية مصر والمقاومة الملحمية التي قام بها جموع الشعب المصري آن ذاك.
وأيضًا مسلسل (أبوحنيفة النعمان) الذي تم عرضه لأول مرة عام ١٩٩٧، تأليف بهاء الدين إبراهيم، وإخراج حسام مصطفى، بطولة محمود ياسين وأحمد ماهر، والعديد من النجوم، تحدث عن سيرة الإمام أبو حنيفة النعمان، والدور الذي قام به في تأسيس أحد المذاهب الفقهية الأربعة.
وأيضًا مسلسل (السيرة الهلالية) الذي عُرِض لأول مرة عام ١٩٩٧، سيناريو وحوار يسري الجندي، وإخراج مجدي أبوعميرة، بطولة حمدي غيث ويوسف شعبان وأحمد عبدالعزيز وأحمد ماهر، والعديد من النجوم وتحدث علي مدار ثلاثة أجزاء عن قصة ابوزيد الهلالي.
والعديد من الأعمال الدرامية التي تحتاج مقالات عديدة لذكرها شكَّلت وأدت إلى تنمية الوعي لدى المجتمع المصري، وأرخت التغيرات التي ٍحدثت في مصر في السابق من غُزَاةٍ أرادوا نهب خيرات مصر، وثورات غيرت الأحداث، ومقاومة أبناء مصر، وعن حرب أكتوبر المجيدة، وناقشت حياة شخصيات دينية وإسلامية أثرت في تلك الحياة على مدار التاريخ.