الدكتور سعيد البطوطي يكتب: السياحة الجبلية
السياحة الجبلية هي نوع من "النشاط السياحي الذي يحدث في مساحة جغرافية محددة ومحدودة بتكوينات جيولوجية مثل التلال أو الجبال ذات الخصائص والسمات المميزة المتأصلة في المناظر الطبيعية والتضاريس والمناخ والتنوع البيولوجي (النباتات والحيوانات) والمجتمع المحلي، وتشمل مجموعة واسعة من الأنشطة الترفيهية والرياضية في الهواء الطلق".
تتمتع السياحة الجبلية بإمكانيات عالية لتحفيز النمو الاقتصادي المحلي والتغيير الاجتماعي بسبب تكاملها مع الأنشطة الاقتصادية الأخرى، ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل، وقدرتها على تعزيز تشتت الطلب في الوقت المناسب (محاربة الموسمية) وعلى نطاق إقليمي أوسع.
في حين أن السياحة الجبلية أصبحت دافعا متزايد الأهمية للسفر، إلا أن البيانات المتعلقة بحجمها وتأثيرها لا تزال نادرة. وفقا لتقرير جديد صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) ومنظمة السياحة العالمية (UNWTO)؛ تمثل السياحة الجبلية ما بين ٩ و ١٦٪ من إجمالي السائحين الدوليين الوافدين في جميع أنحاء العالم، مما يترجم إلى ١٩٥ إلى ٣٧٥ مليون سائح لعام ٢٠١٩ وحده. ومع ذلك، فإن ندرة البيانات المحلية المتعلقة بالسياحة الجبلية تجعل من الصعب أو حتى المستحيل تقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لهذا النمط السياحي الهام.
يبلغ عدد سكان الجبال حوالي ١٫١ مليار شخص، بعضهم من بين أفقر الناس وأكثرهم عزلة في العالم. في الوقت نفسه، جذبت الجبال منذ فترة طويلة السائحين المهتمين بالطبيعة والوجهات في الهواء الطلق والأنشطة الخارجية مثل المشي والتسلق والرياضات الشتوية. كما أنها تجذب الزوار بتنوعها البيولوجي الغني وثقافاتها المحلية النابضة بالحياة. ومع ذلك، في عام ٢٠١٩، وهو آخر عام تتوفر عنه الأرقام، استقبلت الدول العشر الأكثر جبلية (من حيث متوسط الارتفاع فوق مستوى سطح البحر) ٨٪ فقط من السائحين الدوليين الوافدين في جميع أنحاء العالم.
في حين أن السياحة الجبلية لو تم إدارتها بشكل مستدام فسوف تساهم بشكل كبير في زيادة دخل المجتمعات المحلية والمساعدة في الحفاظ على مواردها الطبيعية وثقافتها.
فباستخدام البيانات الصحيحة، يمكننا التحكم بشكل أفضل في تشتت تدفقات الزوار ودعم التخطيط المناسب وتحسين المعرفة بأنماط الزوار وبناء منتجات مستدامة تتماشى مع احتياجات المستهلكين ووضع سياسات مناسبة من شأنها تعزيز التنمية المستدامة والتأكد من استفادة الأنشطة السياحية المجتمعات المحلية.
إن توليد المنافع الاقتصادية وخلق الفرص للمجتمعات المحلية وتطوير المنتجات المستدامة هي الدوافع الرئيسية لتنمية السياحة الجبلية بشكل مستدام لكي تصبح وسيلة للمساعدة على انتشار التدفقات السياحية ومعالجة الموسمية واستكمال العروض السياحية الحالية. لا بد من تضافر الجهود الجماعية، التي تشمل أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص من جميع أنحاء سلسلة القيمة، من أجل تحسين جمع البيانات وتوحيدها وتقديمها للحصول على تقييم أكثر شمولاً للسياحة الجبلية من حيث الحجم والتأثيرات، وبحيث يمكن فهمها وتطويرها بشكل أفضل لتتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، ولكي تصبح أكثر فاعلية في دعم المجتمعات المحلية وخلق فرص العمل ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وجذب الاستثمارات الخضراء في البنية التحتية، إضافة إلى دعم نمطي الاستهلاك والإنتاج المستدامين والحفاظ على الموارد الطبيعية.