أحمد الجويلي يكتب: الملك رمسيس الثاني كما لم تعرفه من قبل

أحمد الجويلي يكتب: الملك رمسيس الثاني كما لم تعرفه من قبل

إن مصر وحدها تتفرد بولادتها للأبطال وحيث انني الان انقل اليكم هذا الخبر من التاريخ فإنني قد سمعته بإذني وقد تحققت به بعيني بينما كنت صغيرا أسير وحدي حول بهو معبد الكرنك المهيب وجدت من ينفض عن نفسه الغبار في الجانب الآخر من المعبد لا اعلم لماذا لم أكن خائفا منه لكنه كانت تنبعث منه رائحة الحياة ويخرج منه شعور غريب بالجاذبية والأمان،


اقتربت من هذا الجسد الذي يطلبه التراب  وسألته حول هذا المكان وسر وجوده فيه، فقال ودمع الشوق يملئه:"ربما تكون أشد الرحلات عمقاً هي أكثرها قوة وبساطة بنى العزيز هذا هو التاريخ وهذا تأريخ لأحد أبطال مصر العظام فمن لا يقرأ التاريخ محكوم عليه بالهلاك إنه شاهد باعثا ونذير بنى إنني التاريخ"


ونحن امام تمثال بطل غير اعتيادي في التاريخ الإنساني إنه ومن الالاف الأعوام في القرن الثالث عشر قبل الميلاد كانت تنعم مصر بالهدوء والسلام والأمان واقترن اسمها بالرخاء منذ عهد البطل الأول الملقب بالإله خوفو لما شيده من خلود مستمر في أعظم بناء في التاريخ في الجيزة والذي كان بعيداً عن منطقة الحياة العادية انها منطقة الحياة...

كان الشعب في رخاء وكان الحصاد يتزايد والنيل العظيم في تزايد برضاء أجدادنا العظام عنا كان كل شئ يسيراً في مدة تزيد عن أربعة قرون لم يعرف فيها الشعب سوى الوان الرخاء حتى اتى عهد الشقاء وظننا أنه قد غضبت الالهة عنهم فانصرف حابي العظيم عنا وبدأ النيل في الانخفاض وحدثت المجاعات حتى تولد من طموح الهكسوس نحو الجائزة،

الكبرى مصر المزيد فهم لم ينسوا ما حدث لهم في السابق من الملك مينا القائد العظيم حتى أنهم قد احتلوا جزء من المدينة على الحدود الشرقية للدولة المصرية ويمر الوقت الي ذروة حكم الملك سيتي الأول وقد خلف هذا العهد عداء ازلي مع الحيثيين،

على الحدود الشمالية لمصر في الشام بينما كان العداء مستمرا في الجنوب مع النوبة والغرب في ليبيا كل هذه هموم كثيرة تجول في رأس حاكم مصر الملك سيتي الأول...

لكنه الأن لا ينشغل سوى بولادة الحلم والأمل إنه في بهو قصره بنتظر بتلهم شديد لم أرى مثله قط إنها زوجته المحبوبة الملكة تويا ذات الشعر الأحمر الكثيف والجمال الشاهق في غرفتها والأطباء حولها تنجب له أكبر أبناء وقد رأيت الملك المعظم يقول:

" انجب من أحب زوجاتي الصبي إن هذا الصبي هو أمل الشعب العظيم وأملي وامتدادي إلي الخلود الأبدي" وكنا نتعجب حينها أنَ للمعظم ان يعرف بأن ما سيولد صبياً!

حتى اتى اليه الحبر الملكي بأنه صبي جميل فما كنت إلا منه إلا المجاوبة قائلاً "إنه صبي وإنه الملك رمسيس" حتى ركع جميع من حوله من وزراء وكهنة أمامه استجابة على هذا المرسوم الملكي الكائن خلف الكلمات...

وقد كان نابغاً منذ صغره فقد تفوق في كل شئ ومن كان يدري أن هذا الصغير العنيد ذو الشعر الأحمر المنهمر الذي أخذه عن والدته الملكة تويا سيكون أحد أكثر الملوك المؤثرين في التاريخ الإنساني الحديث،

فقد تربى وتعلم جيداً فحينما كان عمره عشر سنوات تولى قيادة الجيش وظل أشهر عديدة خارج حدود الوطن في بسالة فريدة من نوعها فقد كان يتمتع بثقة لا مثيل لها لا تهتز أبداً فقد تعلم فنوان القتال وبرع فيها ابتكر علم الدعاية وتفوق في السياسة انه بحق ..،
الأمل فقد كان يحبه الشعب وتخشاه الكهنة و تتحاشاه الوزراء لما يتمتع من ذكاء حاد وبراعة في فنون السياسة...

قد وضع المصريون ثقتهم خلف هذا الرجل وأحسوا أنه هو مفتاح رضا الآلهة القديمة عنهم ليعود الرخاء ويزيد أكثر مما كان وحالما بلغ الثالثة عشر احس والده بأن على الدماء الشابة أن تتدفق إلى المملكة وأن النهاية قد اقتربت،

تم تنصيب رمسيس الثاني ولي للعهد وتشاركه ذلك زوجتة المحبوبة نفرتاري وأدار المملكة في ظل مرض ابوه ستي الأول وحالما خيم الحزن علي ارجاء المملكة بموت الملك سيتي الأول تولي رمسيس الحكم بعد سنة وهو في الرابعة عشر من عمره كانت بوابة الخلود تفتح للملك سيتي الأول بينما تشرق مصر علي عهدا جديداً...

كان رمسيس طموحاً مثابرا عنيدا وذكياً بارع في القتال والسياسة كان على الموعد بأفكار غير اعتيادية وكان امام عينه دائما جده الأكبر خوفو المعظم وكان مدركا لما فيه من طموحات وايضا لما يحيط به من أخطار فكان الخطر من الشمال في الشام ومن الجنوب في النوبة والغرب ليبيا ومن الشرق الهكسوس وهنا علم أن الهجوم خير وسيلة للدفاع واليقين حينما قال "إن القوة بالكامل تكمن في جيش مصر العظيم"


نقل مقر الحكم إلى الكرنك هدفا منه بالتوسعة العمرانية على نحو الأميال المترامية للدولة وقام بتوسعة المواقع الدينية وبناء المواقع الأخرى إنه يسعى بسرعة وطموح كبير نحو الكمال في ظل الفوضى القائمة في هذا العالم الكبير، حقق الإعجاز الهندسي والكثير من التطور العلمي في عهده


فقام بأعداد الجيوش وبعد سنة واحدة من الحكم ذهب بالجيش إلى الشام نحو فلسطين و أغار علي الكنعانيون وانتصر عليهم بل وخلق ممراً امناَ للتجارة حتي تستقر الاوضاع الاقتصادية في البلاد،


ومن هنا أعاد ترتيب النظم العسكرية وقد انشأ نظم جديدة في الحرب وتشكيلات حربية خاصة وصنفهم إلى فرق وكوادر بأعلى مستوى من التدريب وكان يشارك معهم في التدريبات بنفسه ويطالبهم بعدم الخوف او الشفقة معه حين يخطئ فالحرب هي الحرب


كان مغامراً من أجل الشعب فكان إذا مات في اي حرب ولم يحقق لشعب مصر الرخاء والأمان ولم يشيد لنفسه الطقس الجنائزي اللائق فسيكون معلقاً بين الدنيا والاخرة ولن تفتح له بوابة الخلود الأبدية ولكنه شرع في إنشاء العديد من المواقع الدينية وقرر إنشاء طقس يليق به ويحقق الإعجاز الهندسي على سفح الجبل بمدينة أبو سمبل شرع في إنشاء بوابة جنوبية لمصر مهيبة وبينما كان البناؤون في العمل


أمر الجيش بحملة بحرية سميت بمعركة شيردين البحرية ضد القراصنة التي كانت تهاجم سفن البضائع المصرية في البحر المتوسط وانتصر بل واسر امير من امراء كنعان وأتى به كأسير حرب إلى مصر،

في السنة الخامسة من الحكم خرج على رأس الجيش بحملة في الشمال نحو سوريا مدينة المعارك،


في معركة من امجد المعارك المصرية في التاريخ الحملة الثانية علي الشام إنها معركة "قادش – أم البقاع حالياً" قادها نحو الحيثيين الأعداء الازليين للمملكة المصرية فقد كان جهز لهذا الجيش اعلي رقم سجل في المعارك العسكرية لقرون مديدة  قد جهز نحو سبع وثلاثون الفا مقاتل من القوات الخاصة المدربة على اعلى مستوى بعد ان جهز ما يقرب من ست الأف من العجلات الحربية المطورة الي عربات متقدمة سريعة،


تستطيع المناورة على الكثبان الرملية بشكل سلس وسريع وركبوها مزودين برماح قوية وشديدة مطورة سهامها بمزيج من الخشب الخفيف والعظام حتى تجوب سرعتها ما لا يقل عن ثلاثمائة وخمس وخمسون متراً وتستطيع هذه السهام اختراق دروع الحيثيين المطعمة بالبرونز الثقيل، وكان هذا اكبر تجهيز عسكري مطور في التاريخ الإنساني الحديث...


جُمعت جيوش أكثر من عشرين دولة من وسط هضبة الأناضول وشمال سوريه واتحدت ضد الجيش المصري لمقاومة المد المصري الكبير وهنا حدثت المفاجأة حيث أسر رمسيس جاسوسان اعترفوا ان جيش الحيثيين يبعد عن المدينة بأكثر من مائة كيلومتر وهذا يعني أن المدينة دون حماية فافترق الجيش ولكن الجيش الحيثي كان متخفيا لصد الهجوم في فخ كبير ولكن لبراعته الحربية استطاع أن يحافظ على معظم جيشه وعاد به إلى مصر،


بعد توقيع هدنة حرب فكانت أول مرة في التاريخ تحدث حالة اللاسلم واللا حرب،

بعدها بعامين بدأ الكنعانيين في الثورة ضد الحكم المصري (بدعم من الحيثيين العدو الأول لمصر). فى السنه السابعه من حكمه رجع الملك المعظم رمسيس لسوريه في حملة ضخمة ولكنه قد نجح هذه المرة بتحقيق انتصارات اكبر من اى مره سبقت ووصل بجيشه (الجيش المصري العظيم) إلى القدس و اريحا و حتى ل دمشق و ما بعد قادش...


وقد عاد إلى مصر ليرى انجازه الكبير بوابة مصر الجنوبية معبد أبو سمبل المهيب الذي تتعامد فيه الشمس في نفس التوقيت من كل عام تخليداً لذكراه محققا الإعجاز المهيب


بعدها قد تجهز للحرب ضد النوبة وقد انتصر وضمها إلى المملكة المصرية ومنها إلى الحدود الغربية في ليبيا لتتسع الإمبراطورية المصرية، فهو مبتكر فكر "الهجوم خير وسيلة للدفاع" وهو من اكتشف نظرية الأمن القومي في نقل المعركة إلى خارج الأرض في أرض العدو وهو من أيقن أن رخاء الشعب وعمق الأمن المصري يكمن في تأمين منابع الحدود نحو كافة الاتجاهات، وهو من أسس تعريف الجيش المصري "بأن الشعب المصري يحمل السلاح"،


وكان معبد أبو سمبل رسالة تحذير الى اعداء مصر من الجهة الجنوبية  أن من يمر عبر هذه البوابة فإنه يمر إلى طريق الموت المحتوم، واشتعلت الحرب مرة اخرى مع الحيثيين وجهز هذه المرة جيشاً مهيباً وكان علي أوج الحرب ولكنه رأى أن الخسائر ستكون عظيمة ولا يمكن لأي من الجيشين تحقيق الانتصار الكامل وان في اضعاف الجيش المصري خسائر ومصلحة يريدها أعداء مصر الآخرون،


فعقد لقاء لأول مرة في التاريخ لقاء مباحثات مع الملك خاتوسيلي الثاني ملك الحيثيين وأبرم أول معاهدة سلامة في التاريخ الإنساني بعد عشرين عاماً من الحروب...


مات الملك المعظم عن عمر يناهز التسعون بعد ان وصل الجيش المصري إلي ستمائة ألف مقاتل محترف على أحدث النظم والتقنيات العلمية الحديثة في ذلك الوقت كان لديه من الأبناء أربعون ولد وخمس وأربعون من البنات ترك المملكة بعدما قام بتأمين المصريين على حدودهم التي بلغت من منابع النيل في إثيوبيا جنوباً وحتى الشام وهضبة الأناضول شمالا ومن المملكة الليبية غربا وحتى البحر الأحمر شرقاً،


مات الملك الذي أحب شعبه وضحى من أجله بالكثير والذي كان يبادره شعبه بالحب الوفير مات على فراشه بمصر تصلب الشرايين الذي قضى عليه بعد كل هذا التأثير في التاريخ أنه رمسيس الثاني الذي سمي بعده بأسمه تسع ملوك تخليداً لذكره قد فعل ما توجب عليه فعله تجاه الدولة وحقق من طموحاته الكثير والكثير وبنى أكبر إمبراطورية في العصر الحديث دفن في مقبرة سرية بوادي الملوك وتم تحنيطه محدوده العظام...


قام رمسيس خلال مدة حكمه ببناء عدد كبير من المباني يفوق أي ملك مصري أخر، فقد بدأ بإتمام المعبد الذي بدأه والده في أبيدوس ثم بنى معبد صغير خاص به بجوار معبد والده ولكنه تهدم ولم يتبق منه إلا اطلال، وفي الكرنك أتم بناء المعبد الذي قد بدأه جده رمسيس الأول وأقام في طيبة معبد الرامسيوم وهو معبد جنائزى ضخم بناه رمسيس لأمون ولنفسه،


أقام رمسيس أيضا التحفة الرائعة معبد أبو سمبل المعبد الكبير له المنحوت في الصخر ويحرس مدخل المعبد أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني وهو جالسٌ، ويزيد ارتفاع كل تمثال عن 20 مترا، والمعبد الصغير المنحوت أيضا في الصخر لزوجته المحبوبة نفرتاري وكان مكرسا لعبادة الإلهة حتحور إلهه الحب والتي تصور برأس بقرة، وتوجد في واجهة المعبد 6 تماثيل ضخمة واقفة 4 منهم لرمسيس الثاني و2 للملكة نفرتارى ويصل ارتفاع التمثال إلى حوالي 10 متر...


وبعد الآن هل تعلمتم جميعا أهمية التاريخ!؟ انني رأيت كل ذلك بعيني بسحر ذاك الرجل الذي نفض الغبار عن نفسه ذاك الرجل المسمى بالتاريخ وتلك الغبار هو عبق التاريخ وقلة السائلين!


والي اللقاء مع بطل عظيم آخر من أبطال المحروسة