السادس من أكتوبر ١٩٧٣..يوم استعاد الشعب المصري عزته وكبريائه

السادس من أكتوبر ١٩٧٣..يوم استعاد الشعب المصري عزته  وكبريائه

لست سنوات حمل الجندي المصري هزيمة ٥ يونيو العام ١٩٦٧م على كتفيه، توجعه جراحها، وفي نفس الوقت تثقله بضرورة الإعداد لملحمة عبور تستعيد الهيبة، وتجتاز خط بارليف، وتتقدم إلى عمق سيناء المحتلة، وهو ما بدأ تحقيقه عندما انطلقت حرب الكرامة عند الثانية من بعد ظهر السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣م.

نسجت حرب أكتوبر خيوطا متماسكة لآلاف من قصص البطولة والتضحية لأجل استرداد الأرض، ما زالت حتى الآن تتكشف أمام أجيال جديدة لم تشهد المعارك؛ لكنها باتت تعاصر مفاهيم جديدة للسلام والعداء.

ولقد صدق الرئيس الراحل محمد أنور السادات عندما قال في خطابه الشهير تحت قبة البرلمان المصري في السادس عشر من أكتوبر من العام ١٩٧٣م": ....... إن قواتنا لم تعط الفرصة لتقاتل عام ١٩٦٧م، أن هذه القوات لم تعط الفرصة لتحارب دفاعا عن الوطن وعن شرفه وعن ترابه، لم يهزمها عدوها، ولكن أرهقتها الظروف التي لم تعطها الفرصة لتقاتل. إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكري، ولقد شاركت مع جمال عبد الناصر في عملية إعادة بناء القوات المسلحة ثم شاءت الأقدار أن أتحمل مسؤولية استكمال البناء ومسؤولية القيادة العليا لها أن القوات المسلحة قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكري استوعبت العصر كله تدريبا وسلاحا بل وعلما واقتدارا حين أصدرت لها الأمر أن ترد على استفزاز العدو وان تكبح جماح غروره فإنها أثبتت نفسها أن هذه القوات أخذت في يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادرة وحققت مفاجأة العدو وأفقدته توازنه بحركاتها السريعة إن التاريخ العسكري سوف يتوقف طويلاً أمام عملية يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣......

ولست أتجاوز إذا قلت أن التاريخ العسكري سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم السادس من أكتوبر٧٣....... إننا حاربنا من أجل السلام ٠٠ حاربنا من أجل السلام الوحيد الذي يستحق وصف السلام، وهو السلام القائم على العدل، إن عدونا يتحدث أحيانا عن السلام، ولكن شتان ما بين سلام العدوان وسلام العدل... إننا لم نحارب لكي نعتدي على أرض غيرنا وإنما حاربنا ونحارب وسوف نواصل الحرب لهدفين اثنين الأول: استعادة أراضينا المحتلة بعد سنة ١٩٦٧. الثاني: إيجاد السبل لاستعادة واحترام الحقوق المشروعة لشعب فلسطين ، هذه هي أهدافنا من قبول مخاطر القتال ولقد قبلناها رداً على استفزازات لا تحتمل ولا تطاق ولم نكن البادئين إنما كنا فيها ندافع عن أنفسنا وعن حرياتنا وعن حقنا في الحرية والحياة إن حربنا لم تكن من أجل العدوان ولكن ضد العدوان ولم نكن في حربنا خارجين على القيم ولا القوانين التي ارتضاها مجتمع الدول لنفسه وسجلها في ميثاق الأمم المتحدة الذى كتبته الشعوب الحرة بدمائها بعد انتصارها على الفاشية والنازية بل لعلنا نقول إن حربنا هي استمرار للحرب الإنسانية ضد الفاشية والنازية ، ذلك لأن الصهيونية بدعواها العنصرية وبمنطق التوسع بالبطش ليس إلا تكراراً هزيلاً للفاشية والنازية يثير الازدراء ولا يثير الخوف ويبعث على الاحتقار أكثر مما يبعث على الكراهية إننا في حربنا كنا نتصرف وفق نص روح وميثاق الأمم المتحدة وليس مجافاة للروح ولا للنص وإلى جانب الميثاق نفسه فقد كنا نتصرف تقديراً واحتراماً لقرارات المنظمة الدولية سواء على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو على مستوى مجلس الأمن.

ويعتبر نصر أكتوبر ١٩٧٣ أهم حدث في تاريخ مصر في النصف الثاني من القرن العشرين وأول نصر عسكري عربي يتحقق على إسرائيل. وسيظل دوما علامة مضيئة في سجل الانتصارات المصرية، وعنوانا للتضامن العربي، حيث توحدت الامة العربية على نحو غير مسبوق وتجسد ذلك في المشاركات العربية الرمزية في صفوف المقاتلين على الجبهتين المصرية والسورية واستخدام سلاح النفط الى جانب تفاعل الشعوب العربية معنوياً ومادياً مع حملات دعم المجهود الحربي وتزامن ذلك كله مع وحدة الموقف العربي في ساحات النضال السياسي والدبلوماسي.

وكانت ارادة التحدي عنواناً للفترة من ١٩٧٦م حتى قبل معركة التحرير الكبرى عام ١٩٧٣م، ونحن نتذكر بكل الفخر نجاح البحرية المصرية في اغراق المدمرة الاسرائيلية ايلات في ٢١ اكتوبر ١٩٦٧م، وبدء الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف، والتي أشرف عليها الفريق اول عبد المنعم رياض رئيس اركان حرب القوات المسلحة (حينذاك) وكان يوم السبت ٨ مارس ١٩٦٩م، موعداً لبدء تنفيذ تلك الخطة، ويومها تكبد العدو أضخم الخسائر بين ضباطه وجنوده.

وكان اليوم التالي (٩ مارس ١٩٦٩م) يوما مشهوداً في تاريخ العسكرية المصرية، حيث توجه الفريق اول عبد المنعم رياض بنفسه إلى الجبهة ليرى عن كثب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدماً والتي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى ٢٥٠ مترا، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها ليستشهد بين ضباطه وجنوده ضارباً اروع صور البطولة والفداء والتفاني وهو يتابع عن كثب تنفيذ الخطة المصرية لتدمير خط بارليف.

لقد كان العبور العظيم ملحمة رائعة في تاريخ مصر المعاصر، فكلنا يعلم بأن القوات المسلحة المصرية المرابطة غرب قناة السويس كانت تواجه أكثر من مانع في مقدمتها المانع المائي والساتر الترابي وخط بارليف بتحصيناته المعقدة. ونترك لقائد سلاح المهندسين وقتذاك اللواء مهندس جمال الدين محمود علي ليصف لنا تحصينات خط بارليف إذ قال: " أقام العدو على كل ٤ كليو مترات نقطة قوية بتوصيلها بالساتر الترابي الذي بلغ ارتفاعه ٣٠ متراً في بعض المناطق، وكانت النقاط بمثابة هيئات حاكمة على المحاور الرئيسية في المناطق الصالحة للعبور وتبلغ مساحتها في المتوسط ٢٠٠ × ٣٥٠ متراً ومحاطة بأسلاك شائكة وحقول ألغام بعمق ٢٠٠ متر في المتوسط أيضاً، وبها جميع مرابض نيران الأسلحة ودبابات في شكل دفاع دائري بمدخل واحد ، وبها ملاجئ للأفراد من طوابق متعددة وبدرجة وقاية عالية جداً لمقاومة قنابل الطائرات زنة ألف رطل وأكثر، ومزودة بأجهزة تهوية وتنقية ضد الغازات، وأسلحة التدمير الشامل، وبها وحدات إنارة وتكييف هواء وغير ذلك من المرافق الصحية.

وحتى تتضح الصورة للشباب الذين لم يعاصروا هذا اليوم الخالد في تاريخ العسكرية المصرية السادس من اكتوبر ١٩٧٣ ... نقول إن القوات المسلحة المصرية وجدت نفسها أمام ترسانات من الموانع المائية والترابية والرملية والنقاط الحصينة جعلت العدو يتصور أنه في مأمن، وولدت اعتقاداً بأن من يريد تجاوزها سيكون مصيره الهلاك... ومن ثم، كان عبور المانع المائي على امتداد القناة باستخدام القوارب المطاطية والجسور والكباري عملاً بطولياً وخصوصاً أن العدو كان يهدد بتحويل القناة إلى كتلة من اللهب إذا ما فكر أحد في عبورها.

أسباب الحرب

  • فرض إسرائيل سياسة الأمر الواقع على العرب وتكريس احتلالها للأراضي العربية.
  • تحرير الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل في حرب يونية ١٩٦٧ وإزالة آثار العدوان.
  • إنهاء حالة اللاحرب واللاسلم التي فرضت على المنطقة في ظل سياسة الوفاق بين القوتين العظميين (أمريكا والاتحاد السوفيتي).
  • رد كرامة الجندي المصري والعربي وتغيير النظرة للجيوش العربية بأنها لا تستطيع ولا تعرف أن تحارب.
  • إنهاء حالة التفوق العسكري الإسرائيلي على العرب نتيجة لقيام الولايات المتحدة بإمداد إسرائيل بأحدث الأسلحة وفى التوقيتات التي تضمن لها التفوق الدائم.
  • أصبح الموقف الأمريكي رهينة للسياسة الإسرائيلية خاصة بعد المذكرة التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل عام ١٩٧٢ والتي تعهدت فيها إنها لن تتقدم بأي مبادرة سياسية في الشرق الأوسط قبل مناقشتها مع إسرائيل.
  • كسر حدة التفوق الإستراتيجي العسكري الإسرائيلي الناتج عن اتخاذه حواجز طبيعية كموانع بينه وبين الجيوش العربية عقب حرب ١٩٦٧ حيث احتل مرتفعات الجولان السورية شمالا ونهر الأردن شرقا ووصل للضفة الشرقية لقناة السويس جنوبا.

لماذا السادس من أكتوبر؟

يوافق يوم السادس من أكتوبر في ذلك العام يوم " كيبور " وهو أحد أعياد إسرائيل وهو عيد الغفران ، وقد أعلنت مصر وسوريا الحرب على إسرائيل في هذا اليوم وفقا لدراسة على ضوء الموقف العسكري للعدو والقوات المصرية ، وفكرة العملية الهجومية المخططة ، والمواصفات الفنية لقناة السويس من حيث المد والجزر، و تم دراسة كل شهور السنة لاختيار أفضل الشهور في السنة لاقتحام القناة على ضوء حالة المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه واشتملت الدراسة أيضا جميع العطلات الرسمية في إسرائيل بخلاف يوم السبت وهو يوم أجازتهم الأسبوعية، حيث تكون القوات المعادية أقل استعداداً للحرب ، و تم دراسة تأثير كل عطلة على اجراءات التعبئة في إسرائيل ، ووجد ان لإسرائيل وسائل مختلفة لاستدعاء الاحتياطي بوسائل غير علنية ووسائل علنية تكون بإذاعة كلمات أو جمل رمزية عن طريق الإذاعة والتليفزيون، وكان يوم كيبور هو اليوم الوحيد خلال العام الذى تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث كجزء من تقاليد هذا العيد أي ان استدعاء قوات الاحتياط بالطريقة العلنية السريعة غير مستخدمة، وبالتالي يستخدمون وسائل أخرى تتطلب وقتا أطول لتنفيذ تعبئة الاحتياطي، وتم الاتفاق على ساعة الصفر في يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣م .

وقد تم اختيار عام ١٩٧٣م، بالتحديد لوصول معلومات تفصيلية الي القيادة المصرية بان اسرائيل قامت بعقد اتفاقيات عن عقود التسليح وعن الاسلحة ونوعياتها التي سوف تصلها في عام ١٩٧٤م، لذلك فإن الانتظار الي ما بعد عام ١٩٧٣م سوف يعرض القوات المصرية الي مفاجآت قد تكلف القوات جهودا وتكاليفا أكثر.

وقد قام الرئيس السادات بالتصديق على الخطة في يوم الأول من أكتوبر - الخامس من رمضان - وذلك وسط اجتماع استمر ١٠ ساعات للرئيس مع حوالي ٢٠ ضابطا من قيادات القوات المسلحة.

العبور العظيم

في الثانية وخمس دقائق من بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر انطلقت أكثر من ٢٢٠ طائرة الى سيناء الاسيرة لتعبر قناة السويس في توقيت واحد متجهة صوب أهدافها المحددة، وكان لكل تشكيل جوى أهدافه وسرعته وارتفاعه. ونفذت ضربة جوية مركزة ورائعة حققت هذه الضربة أقل خسائر ممكنة وأقل من الخسائر المتوقعة لها حيث أصابت مواقع العدو اصابات مباشرة وعادت جميع الطائرات عدا طائرة واحدة استشهد قائدها، ونجحت ضربة الطائرات نجاحا كاملا ومذهلا وفتحت أبواب النصر، حيث أربكت القوات الاسرائيلية بتحطيم مراكز القيادة والسيطرة، ومواقع التشويش الإليكتروني، والمطارات، كما دمرت عشرات المواقع لمدفعيات العدو، ومواقع راداراته، ومراكز التوجيه، والانذار فضلا عن تدمير العديد من المناطق الادارية للعدو والتجمعات العسكرية الهامة في سيناء .

وفي نفس الوقت – الثانية ظهر السادس من أكتوبر – أعلنت المدفعية المصرية على طول المواجهة كسر الصمت الرهيب الذي ساد الجبهة منذ أغسطس ١٩٧٠م، وتحول الشاطئ الشرقي للقناة الى جحيم. وفوجئ العدو بأقوى تمهيد نيراني تم تنفيذه في الشرق الأوسط، وخلال التمهيد النيراني على مواقع العدو وقلاعه على الضفة الشرقية للقناة في الدقيقة الأولى من بدء الضربة المدفعية عشرة آلاف وخمسمائة دانة مدفعية بمعدل ٧٥ دانة في كل ثانية.

وبدأت فرق المشاة وقوات قطاع بورسعيد العسكري في اقتحام قناة السويس مستخدمة حوالي ألف قارب اقتحام مطاط ١٥٠٠ سلم لتسلق خط بارليف، ووضع ثمانية آلف جندي أقدامهم على الضفة الشرقية للقناة وبدأوا في تسلق الساتر الترابي المرتفع واقتحام دفاعات العدو الحصينة، وبعد ٨ ساعات من القتال تم فتح ٦٠ ممر في الساتر الترابي على القناة وإنشاء ٨ كباري ثقيلة وبناء ٤ كباري خفيفة وبناء وتشغيل ٣٠ معدية، وعادت أعلام مصر ترفرف من جديد على الضفة الشرقية للقناة.

يوم السابع من أكتوبر

أنشأت القوات المصرية ٥ رؤوس كباري في سيناء بواسطة ٥ فرق مشاة، وذلك بعمق ٦-٨ كم بعد ٥ معارك ناجحة رفعت بعدها الأعلام المصرية على أرض سيناء. وقد تحققت هذه الإنجازات بخسائر قليلة نسبية وهى٢٫٥٪ من الطائرات و٢٪ من الدبابات و٣٪ من القوات البشرية الباسلة بينما خسر العدو ٢٥ طائرة و٢٠ دبابة ومئات القتلى بالإضافة لتحطيم خط بارليف.

تمكنت الفرقة ١٨ من السيطرة على مدينة القنطرة شرق تمهيدا لتحريرها الذي اكتمل في اليوم التالي. ودارت معارك بحرية ضارية بين القوات المصرية وقوات العدو واستسلم عدد كبير منهم.

بدأت واشنطن الاتصال بالقاهرة على الصعيد الدبلوماسي، وكانت رسالة مصر واضحة ويمكن تلخيصها في ضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلتها وبعد الانسحاب يمكن البدء في مفاوضات في سبيل السلام وبحث القضايا المعلقة.

يوم الثامن من أكتوبر

حررت القوات المصرية مدينة القنطرة شرق، وتم أسر ٣٠ جنديا من العدو وتم الاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والمعدات وذلك على يد الفرقة ١٨ الباسلة التابعة للجيش الثاني. وتمكنت الفرقة ١٩ التابعة للجيش الثالث من السيطرة على موقع عيون موسى.

كما نجحت القوات المصرية في التصدي لضربة إسرائيلية مضادة قامت بها ٣ فرق إسرائيلية فشلت جميعها وتراجعت وانسحبت شرقا بعد أن تكبدت خسائر فادحة.

أعاد العدو تنظيم قواته وحاول التقدم بلواءين مدرعين ضد فرق قطاع شرق الإسماعيلية تلك المعركة المعروفة باسم معركة (الفرادن) والتي نجح فيها الجيش المصري في التصدي لهذه الهجمة الصهيونية. وخسر جيش العدو معركة أخري هامة شرق السويس أمام هجمات قوات الجيش الثالث لذلك سمي هذا اليوم (يوم الاثنين الأسود في إسرائيل).

دمرت قواتنا المسلحة المصرية كافة مطارات العدو في سيناء ولم تعد كلها صالحة للاستخدام عدا مطار العريش كما تم تدمير مركزين للقيادة والتوجيه وتم إسقاط ٢٤ طائرة فانتوم وسكاي هوك للعدو. كما نجحت القوات المصرية والكفاح الشعبي في الدفاع عن بور سعيد التي حاولت إسرائيل الهجوم عليها خوفا من توجيه ضربات بصواريخ أرض / أرض ضد المدن الإسرائيلية.

يوم التاسع من أكتوبر

تم تصفية جميع حصون العدو في سيناء عدا حصن واحد في طريق بورسعيد - رمانه - العريش الساحلي. وانسحبت قوات العدو الى خط المضايق في سيناء بعد سقوط خط الدفاع الأول وخط الدفاع الثاني.

وقد دارت معركة بحرية عنيفة أسفرت عن إغراق ٥ زوارق إسرائيلية، كما تقدمت القوات المصرية ١٥ كم في عمق سيناء.

قامت قوات العدو بقصف دمشق للرد على فشلها المتوالي منذ ٦ أكتوبر في الجبهة المصرية برغم تأكيد مصر انها لن توسع نطاق الحرب إلى التجمعات السكانية.

يوم العاشر من أكتوبر

تميز اليوم الخامس للقتال بعمليات مطاردة واسعة قامت بها قواتنا في سيناء. وبلغت خسائر العدو خلال هذا اليوم تدمير ست طائرات، وثلاث دبابات، وأربعة مدافع ١٠٥ مم، وستة مدافع ذاتية الحركة، وأربعة هاونات، كما استولت قواتنا على ١٢ دبابة معادية سليمة من طراز (إم – ٦٠)، وسنتوريون، وثلاث عربات مدرعة، وعدد من الأسرى.

يوم الحادي عشر من أكتوبر

اشتدت ضراوة المعارك في اليوم السادس للقتال وشهدت جبهة سيناء معارك طاحنة بين الجانبين اشتركت فيها مئات الدبابات، والمدرعات، والمدفعية. وحاول العدو أن يدفع بالمزيد من طائراته لمهاجمة المطارات المصرية فتصدت له مقاتلاتها ودفاعاتها الجوية. وأسقطت القوات المصرية ٤ طائرات فانتوم، وميراج بواسطة مقاتلات مصرية واستطاعت وحدات دفاع الجو المصري إسقاط ٥ طائرات أخرى، وعندما حاول العدو الصهيوني مهاجمة مطار المنصورة أسقط له ١١ طائرة أخرى.

يوم الثاني عشر من أكتوبر

تركز القتال الشرس في محور الوسط، وتم تدمير ١٣ دبابة، و١٩ عربة مدرعة من طابور إسرائيلي حاول وقف تقدم القوات المصرية كما خسر العدو ١٥ طائرة خلال معارك هذا اليوم.

يوم الثالث عشر من أكتوبر

استمرت معارك الدبابات في سيناء في الوقت الذي استطاعت فيه القوات المصرية من تعزيز مواقعها المحررة، واستطاعت إنشاء أحد عشر معبرا على طول القناة، وعندما حاول العدو الاغارة بطائراته عليها شرق القناة أسقط له ١٦ طائرة منها ثلاث طائرات هليكوبتر.

يوم الرابع عشر من أكتوبر

بدأت قواتنا تطوير الهجوم شرقا حيث تقدمت قواتنا بنجاح على طول المواجهة، وتمكنت قواتنا من تحرير المزيد من الأرض. كما نجحت في تطويق ١٥٠ دبابة للعدو، واستطاعت قواتنا الجوية أن تسقط ٢٩ طائرة للعدو في الوقت الذي دارات فيه معارك جوية واسعة في شمال الدلتا دمر فيها للعدو ١٥ طائرة أخرى.

يوم الخامس عشر من أكتوبر

بدأت أحداث هذا اليوم بقتال شرس، وعنيف للمدرعات في سيناء استمر طوال اليوم ودمرت القوات المصرية للعدو الإسرائيلي سبع دبابات، وثلاث عربات مدرعة، وعشرون عربة إدارية، كما أسقطت قواتنا تسع طائرات.

يوم السادس عشر أكتوبر

شهدت مسارح العمليات تصاعدا خطيرا في البر، والبحر، والجو، ففي مسرح العمليات البري تصدت قواتنا لهجوم إسرائيلي مدرع على المحور الاوسط استمر لمدة ست ساعات وانتهى بتدمير الجزء الأكبر من مدرعات العدو الذي انسحب بعد تكبده خسائر فادحة.

 وفي مسرح العمليات البحري دارت معارك بحرية شرسة في البحرين الأحمر والأبيض المتوسط شاركت فيها قواتنا الجوية.

وفي مسرح العمليات الجوي جرت معركة جوية أسقطنا فيها للعدو ١١ طائرة. وشهد هذا اليوم بدء المحاولة الاسرائيلية لعبور القناة الى الضفة الغربية وتعرضت المحاولة لنيران كثيفة ومركزة من قواتنا.

يوم السابع عشر من أكتوبر

شهد القطاع الاوسط من سيناء أعنف معارك الدبابات في التاريخ حيث دفع العدو ١٢٠٠ دبابة على مدى ثلاثة أيام، دمرت قواتنا جزء كبير من دبابات العدو، ومنى بخسائر عديدة في الأفراد والمعدات، كما فقد ٢١ طائرة.

يوم الثامن عشر من أكتوبر

استمرت معارك الدبابات وبلغت خسائر العدو ٣٠ دبابة، و١٠ عربات مدرعة، و٥ بطاريات مدفعية، وقاعدتين للصواريخ، وعددا من مستودعات الذخيرة. كما أسقطت قواتنا للعدو ١٥ طائرة.

يوم التاسع عشر من أكتوبر

واصلت القوات الجوية النصرية قصفها لتجمعات مدرعات العدو، وواصلت حصارها حول القوات الاسرائيلية المتسللة غرب القناة، وتكبد العدو خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات وأسقط له ثلاث طائرات.

اليوم العشرون من أكتوبر

ازداد القتال عنفا، وضراوة خاصة في منطقة الدفرسوار بين قواتنا وقوات العدو المتسللة وخسر العدو ٧٠ دبابة، ٤٠ عربة مدرعة، ٢٥ طائرة.

اليوم الواحد والعشرون من أكتوبر

تمكنت القوات المصرية من تحرير مزيد من الأراضي المحتلة بسيناء، وأسرت عدد من أطقم الدبابات الاسرائيلية، كما دمرت القوات الجوية المصرية ٩ طائرات للعدو واسقطت ٧ طائرات معادية كانت تحاول امداد القوات الاسرائيلية.

أصدر مجلس الأمن الدولي قرار رقم ٣٣٨ الذي يقضي بوقف إطلاق النار وأي نشاط حربي وبدء المفاوضات بين الاطراف المعنية.

وافقت كل من مصر واسرائيل على قرار مجلس الامن، لكن القوات الاسرائيلية لم تلتزم به، وارادت استغلاله لتحسين وضعها في منطقة الدفرسوار.

اليوم الثاني والعشرون من أكتوبر

دارت معركة بحرية على الساحل الشمالي أمام مدينة بورسعيد، وأسفرت المعركة عن تدمير ثلاث قطع بحرية إسرائيلية وإصابة طائرتين هليكوبتر، وانسحبت باقي القوات شرقا.

اليوم الثالث والعشرون من أكتوبر

انفجر الموقف على الجبهة في قتال عنيف بعد ساعات من وقف إطلاق النار بعد محاولة قوات العدو في الدفرسوار التحرك لخطوط جديدة غرب القناة.

اليوم الرابع والعشرون من أكتوبر

حاول العدو ان يقطع الطرق المؤدية الى مدينة السويس، وحاولت قوات العدو اقتحام المدينة ودارات على مشارف المدينة أشرف وأعنف المعارك، وفشل العدو في اقتحام المدينة، وخسر ١٣ دبابة و٨ طائرات ميراج.

اليوم الخامس والعشرون من أكتوبر

حاول العدو اقتحام مدينة السويس ومنى بفشل ذريع في مواجهة المقاومة المستميتة من قواتنا بالمدينة يدعمها الأهالي، ودمر للعدو ١١ دبابة وحاول اقتحام المدينة مرة أخرى، ودمرت له ٨ دبابات أخرى.

 أصدر مجلس الأمن قراره رقم ٣٤٠ بناء على مشروع تقدمت به دول عدم الانحياز الذي نص على انشاء قوة دولية لمراقبة وقف إطلاق النار وعودة القوات لخطوط يوم الثاني والعشرين من أكتوبر.

وفي الثامن والعشرين من أكتوبر، انتهت حرب أكتوبر المجيدة فعليا، واجتمع الوفدان المصري والاسرائيلي في الساعة الواحدة والنصف لبدء المباحثات لتثبيت وقف إطلاق النار. وقضت مصر بهذا النصر على أسطورة الجيش الذي لا يقهر‏؛‏ باقتحامها لقناة السويس أكبر مانع مائي واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف‏،‏ واستيلائها خلال ساعات قليلة على الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونها‏،‏ ثم إدارتها لقتال شرس في عمق الضفة الشرقية وعلى الضفة الغربية للقناة.

وفي الواحد والثلاثين من مايو عام ١٩٧٤م، انتهت الحرب رسميا بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك، حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر، مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية.

وعمل وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر وسيطا بين الجانبين ووصل إلى اتفاقية هدنة، ووقع الطرفان فيما بعد اتفاقية سلام شاملة في "كامب ديفيد" عام ١٩٧٩م.

نتائج الحرب

النتائج على المستوى المحلي المصري

استطاعت القوات المصرية أن تعيد نوعا من التوازن إلى جبهتها على مجموعة مستويات:

على مستوى التخطيط فقد بلغ مستوى التخطيط العلمي والعملي للمعركة مستوى ممتازا ودقيقا فقد استطاعت القوات المصرية في الأيام الأولى للمعركة أن تحقق هدفا استراتيجيا لا يختلف عليه أحد وهو كسر النظرية الأمنية الإسرائيلية.

 كما حقق الجيش المصري إلى جانب الانتصار الاستراتيجي انتصارا آخر على مستوى العمل العسكري المباشر متمثلا في عملية العبور التي اكتسحت مانعا مائيا ضخما في ساعات ثم دخلت لعدة أيام في معارك بالمدرعات والطيران، وأمنت لنفسها عدة رؤوس كباري داخل سيناء، وألحقت بالعدو خسائر وصلت إلى ربع طائراته وثلث دباباته تقريبا في ظرف أسبوع واحد من القتال.

أما على مستوى القرار فقد استطاع الرئيس السادات أن يثبت أن القيادة المصرية والعربية ليست واهنة، بل لديها الشجاعة على اتخاذ القرار فرغم المنحنيات الكثيرة التي مرت بها عملية اتخاذ القرار فحينما جاءت اللحظة الحاسمة أعطى أمر القتال وأطلق شرارة الحرب.

على مستوى الجندي المصري فجرت الحرب والظروف التي نشبت فيها طاقة إنسانية لم يكن أحد يحسب لها حساب أو يخطر بباله أنها موجودة على هذه الدرجة من الاقتدار.

النتائج على المستوى العربي

أعاد نصر أكتوبر للشارع العربي والمصري ثقته في ذاته بعد أن كانت تجتاحه حالة من الإحباط الشديد أثر نكسة ١٩٦٧، والتي رافقها العديد من المظاهر الاجتماعية في الوطن العربي.

المواقف العربية خلال الحرب أظهرت وعدا بعصر عربي جديد يضع العرب على موضع يرضونه لأنفسهم من توافق وتكامل يؤدي بهم إلى الصفوف الأولي فان تحالفا واسعا على الناحية العربية للمعركة قام وراء جبهة القتال تمثل في عدة خطوط تساند بعضها بطريقة تستطيع تعويض جزء كبير من الانحياز الأمريكي لإسرائيل وقد كانت الجيوش العربية المقاتلة بشجاعة هي الخط الأول وكانت الجبهات العربية الداخلية التي تجلت إرادتها هي الخط الثاني كما ظهر سلاح البترول للمرة الأولى بعد أن لوحت السعودية باحتمال قطع إمداداتها لأى دولة تقوم بمساعدة إسرائيل .

دخلت فكرة المفاوضات المباشرة للمرة الأولى في الصراع العربي الإسرائيلي بعد المفاوضات التي قامت عند الكيلو ١٠١ التي أجراها وفدان عسكريان في الطريق بين القاهرة والسويس يوم ٢٨ أكتوبر والمعارك مازالت مستمرة وقادها من الجانب المصري اللواء محمد عبد الغني الجمسي مدير العمليات في حرب السادس من أكتوبر واحد أبرز أبطالها.

النتائج على المستوي الإسرائيلي

انكسرت نظرية الأمن الإسرائيلي على المستوي الاستراتيجي والتي تقوم على عدة مرتكزات هي التفوق الكيفي أمام الكم العربي، وضعف عربي عام بسبب الخوف وحرب الأعصاب مما يؤدي إلى وهن على مستوي اتخاذ القرار.

أحدث انكسار هذه النظرية صدمة عسكرية وسياسية لم يسبق لها مثيل في التاريخ القصير لدولة إسرائيل، وقد أدي ذلك بدورة إلى تفكك تركيبة القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل وتمزق العلاقات فيما بينها وبدأت مرحلة تبادل الاتهامات وتصفية الحسابات.

وعلى مستوى الرأي العام أدى انكسار النظرية الإسرائيلية إلى سقوط أساطير إسرائيلية كثيرة على رأسها الجيش الإسرائيلي الذي كان أمل إسرائيل وموضع اعتزازها الأول، وأيضا سقطت صورة المخابرات الإسرائيلية التي كانت غائبة عن مسرح الأحداث بالمعلومات والكشف والتحليل كما سقطت شخصيات إسرائيلية كانت مثل أصنام لدى الرأي العام الإسرائيلي ومنها جولدا مائير وموشي ديان.

وجدت إسرائيل نفسها مرغمة على الاستمرار في عملية التعبئة العامة لدعم خطوطها العسكرية وكان ذلك يعنى أن عجلة الإنتاج الإسرائيلي في الزراعة والصناعة والخدمات توقفت أو أصبحت على وشك التوقف.

النتائج على المستوي العالمي

استطاعت مصر من خلال موقفها القوي في الحرب خلق رأى عام عالمي واضح مناهض للجبهة التي تساند إسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة.

 وقد عبر عن هذا الرأي الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت بومبيدو بقوله:" نحن نعرف أن العرب هم الذين بدأوا القتال، ولكن من يستطيع أن يلوم طرفا يقاتل لتحرير ارض احتلها أعداؤه".

حصلت مصر على مددا عسكريا ضخما خلال أيام المعركة فقد قررت القيادة السوفيتية تعويض الجيش المصري عن بعض خسائره من الدبابات وأهدته ٢٥٠ دبابة من طراز تى ٦٢ كما بعث تيتو رئيس يوغسلافيا في ذلك الوقت بلواء كامل من الدبابات وضعه تحت تصرف القيادة المصرية.

وقدرت خسائر القوات الإسرائيلية خلال الحرب بما يلي:

الخسائر البشرية: من ٨٠٠٠ إلى ١٠٠٠٠ قتيلا، و٢٠٠٠٠ جريحا، ٣٤٠ أسيرا.

الخسائر في المعدات: تدمير أكثر من ١٠٠٠ دبابة، ومن ٣٠٣ إلى ٣٧٢ طائرة حربية، ٢٥مروحية، بالإضافة إلى إصابة وأسر عدد آخر من الدبابات.

وقدرت خسائر القوات المصرية والسورية بما يلي:

الخسائر البشرية: ٨٥٢٥ شهيدا من المدنيين والعسكريين، ١٩٥٤٩جريحا.

الخسائر في المعدات: تم تدمير ٥٠٠ دبابة مصرية، ٥٠٠ دبابة سورية، ١٢٠طائرة حربية مصرية، ١١٧طائرة حربية سورية،١٥ مروحية مصرية، ١٣مروحية سورية.

ولهذه الحرب عدة أسماء من بينها:

يوم العزة والكرامة: تذكاراً لاستعادة الدولة المصرية كرامتها وأرضها الغالية.

حرب السادس من أكتوبر: تيمناً بالشهر الميلادي الذي نشبت فيه الحرب.

يوم النصر: تيمناً لأعظم الانتصارات العسكرية المصرية في التاريخ الحديث.

حرب العاشر من رمضان: تيمناً بالشهر الهجري الموافق لنفس التاريخ الميلادي.

ذكري نصر أكتوبر المجيد: بعد هزيمة وطرد الاحتلال الصهيوني من مصر.

حرب يوم الغفران أو حرب يوم كيبور: أطلق هذا الاسم من قبل الإسرائيليين تزامناً مع احتفالهم بعيد الغفران.

ذكري العبور العظيم: حيث نجح الجيش المصري في عبور واختراق خط بارليف.

حرب التحرير أو حرب تشرين التحريرية: أطلق هذا الاسم من قبل السوريين الذين وقفوا بشهامة وشجاعة مع الجيش المصري.

وختاماً، لابد وأن نقر بأن نصر أكتوبر عام ١٩٧٣م، قد غير العديد من المفاهيم في المجال العسكري العالمي، حيث عرف العالم بأكمله قوة الجيش المصري وكيف دافع عن بلده بكل شجاعة دون تردد. كما أن أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، لم تعد موجودة. وستظل مصر تحتفل كل عام بانتصاراتها العظيمة وفخرها بالجيش المصري الباسل ومساندة الشعوب العربية والإفريقية لبعضها البعض.

 وستعيد بكل الفخر بطولاتها وذكرياتها العطرة لنستمد منها العزم والإصرار وتستلهم منها كل المعاني والقيم الرفيعة، الايثار ونكران الذات، وروح الفريق، والتضحية، والفداء. لتواجه تحديات العصر من خلال توظيف الامكانات والموارد المتاحة بما يمكن مصر من تجاوز الصعوبات والتحديات الراهنة بذات العزيمة التي مكنتها من تحقيق نصر أكتوبر أحد أعظم الانتصارات في التاريخ المصري المعاصر.

المصادر

موقع مكتبة الإسكندرية

موقع الهيئة العامة للاستعلامات