طريقة اكتساب المعرفة عند الذكاء الاصطناعي

طريقة اكتساب المعرفة عند الذكاء الاصطناعي

بقلم دكتور/ إيهاب خليفة

إن طريقة اكتساب المعرفة عند الذكاء الاصطناعي تختلف كلية عن نظيرتها عند البشر. وهنا لا أقصد بذلك أن جودة قرارات البشر أفضل، ولكن طريقة تعلمهم مقارنة بطريقة تعلم الذكاء الاصطناعي قد تكون أدق وأثقل؛ فالبشر يكتسبون مهاراتهم عبر سنوات من التجارب والتعلم، ويمرون بعملية إثقال وتنمية مهارات وحفظ معلومات خلال عدد لا يُحصى من التجارب الإنسانية.

فالإنسان يكتسب مهاراته ومعارفه عبر عقود يتعلم فيها كلمات وجُملاً وتراكيب معقدة، ثم يبدأ في توليد أفكار نابعة من عقله، ويبتكر من العدم، وأثناء هذا يمتزج الفكر بالثقافة بالدين بالمعلومة بالحدس بالخبرة التاريخية، ويحفظ الحمض النووي والجينات المعلومات الأساسية التي تضمن استمرار البشر على قيد الحياة. ويحدث هذا كله تحت إشراف نظام عقلي وبيولوجي شديد التعقيد، فيسهم ذلك في تكوين نسق فكري ومنهج إنساني قادر على الانتقاء والترتيب والترشيح والاختيار، على عكس نظم الذكاء الاصطناعي التي تعتمد فقط على التعلم اللحظي والفوري.

كما أن الدماغ البشري قادر على التعامل بكفاءة عالية جداً مع قدر قليل من المعلومات، فأنت بسهولة تستطيع أن تدرك أن "أبو محمد اسم ابنه محمد"، وهذه معلومة لم يستطع "شات جي بي تي" أن يدركها بداعي عدم توافر المعلومات، فالحاجة إلى معلومات ضخمة أمر ضروري لتعلم نظم الذكاء الاصطناعي، وجودة هذه البيانات أمر تتوقف عليه جودة الإجابة التي سوف يوفرها النظام.

وإذا كان الدماغ البشري قادراً على الابتكار من العدم، فإن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع فعل ذلك، بل يحتاج إلى مئات "التيرابايت" من البيانات الضخمة التي تمت معالجتها لكي يتعلم منها ثم يضيف عليها. فقد يستطيع الإنسان أن يتخيل - مثلاً - شكل الشيطان ويصوره في فنونه بناءً على معارفه الإنسانية ورمزية دور الشيطان في حياة البشر، لكن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع فعل ذلك دون أن يتعلم من صور سابقة تم رسمها لكائن شديد القبح فأخذها النظام الذكي وزادها قبحاً وقدمها على أنها الشيطان.

وبينما يهدف الذكاء الاصطناعي من التعلم إلى توفير إجابات لتساؤلات مطروحة، أو القيام بمنفعة وقتية، أو تحقيق مصلحة راهنة؛ فإن هدف البشر من التعلم هو فهم الأحداث وتفسيرها سواء للتكيف معها أو تغييرها، وليس الوقوف عند مرحلة توفير إجابات لتساؤلات مفتوحة. فإذا كان الذكاء الاصطناعي يسعى لمعرفة أن سبب وقوع التفاحة من على الشجرة هو وجود جاذبية أرضية، فإن البشر يسعون لمعرفة ماهية هذه الجاذبية وتأثيرها في حياتهم.