البيدوفيليا … من التحريم إلى التبرير
كتبت / أسماء القليوبي
«ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين.. ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكننى لم أجد إسلامًا!!».
وعلى الرغم من أن هذه الجملة قيلت منذ سنين على لسان قائلها الامام محمد عبده وأصبحت مشهورة بشكل كبير، لكن كانت قراءتها بالنسبة لي هذه المرة تختلف عن أي مرة أخرى ، وتوقفت أمام هذه المقولة لبرهه من الوقت، وبدأت أتعجب كيف رأي الإسلام وقتها في بلاد الغرب ، ويعلم الجميع علم اليقين كم الحروب والصراعات والخراب والتدمير الذي لحقها الغرب بالبلاد الأخرى وخصوصا الإسلامية فعن أي إسلام يتحدث الامام محمد عبده.
ولكن احقاقا للحق لم يكن هذا السبب الرئيسي وراء توقفي أمام هذه المقولة، ولم يكن التفكير بشكل رئيسي عن الماضي أو وقت قولها، ولكن كان السبب في ما أراه يحدث الآن في الغرب وما يصدر عنه، في ظل الأحداث المتلاحقة التي أصبح العقل عاجز عن أن يتقبلها، هل نحن في حقيقة أم في حلم ؟
لا أعرف كيف أبدأ الحديث ، فإني والله أري مجرد التحدث في هذا الأمر حرج كبير ، فكيف يطرحونه علنا في وسائل الإعلام بهذا الكم من التبجح ؟ وكيف يدافعون عنها وقد رفضتها كل الشرائع السماوية ؟
ولكن لقد تطور الأمر من مجرد طمس الفطرة التي خلقنا الله عليها، إلي فجور ومجون شنيع وتحديا لله .
فكما ذكرنا في المقال السابق " المؤامره لم تنتهي بعد … الشذوذ " عن خطتهم بنشر الشذوذ بين الشباب، وكيف بدأوا الترويج له ونشره بخطوات معدة ومحسوبه مسبقاً، فإنهم اليوم يسيرون على نفس نهج المخطط السابق، ولكن هذه المرة ازدادوا فجوراً فقد أصبحت القضية تخص الأطفال أو اشتهاء الأطفال أو ما يطلقون عليه " البيدوفيليا."
فبعد أن كان مجرد طرح هذه القضية في العلن من المحرمات والمحظورات في المجتمعات الغربية ، وما أن يتحدث عنها أي شخص كانت تطاله سهام الغضب والنقد الشديد من كل جهة ، إلى أن أصبحت مثل كرة الثلج يتقبلها البعض بل ويدافعون عن الفكرة ، وأصبحت تفرض بالقانون وتصدر علي أنها نوع من الحريات وليس عيبا أو فعلا يخجل منه ، حتى باتت تظهر في الأعمال الدرامية والأفلام الكارتونية الخاصة بالأطفال بكل وضوح ، وباتت ترفع أعلامها في المباريات الرياضية.
ففي البداية حاولوا كسر الطوق المرسوم حول هذه القضية بمنع التحدث فيها سواء بالايجاب أو السلب ، ثم بدأوا في تجميل المصطلحات ونفي الصفات السلبية عن الغلمانيين وتبرئتهم من كل الاتهامات التي فرضت عليهم من قبل ، ومحاولة جذب التعاطف معهم بأنهم مجرد أشخاص عاديين ولهم حقوق وحريات لابد أن يتمتعوا بها ، وفي النهاية يكون الأمر مقنن ودستوريا ، ويصبح ملاحقتهم نوع من أنواع الرجعية و تكميم الحريات .
وبدأوا في تنفيذ الخطوة الأولى منذ بداية الألفينات ، حيث سارعت الكثير من المنصات بإدانة الحديث عن هذه القضية ، ووجهت إليها الكثير من النقد والإدانة ، ووصفتها بأنها خلل ومرض لابد من معالجته ، وعلى الجهة الأخري قامت منصة ألمانية باستضافة طالبة طب لتلقي ندوة بعنوان " البيدوفيليا هي توجه جنسي طبيعي " ، وقدمت فيها أبحاث وتقارير تفيد بأن هذا التوجه غير قابل للتغيير ، ولكن علي حسب المخطط تم مهاجمة هذه المنصة ورميها بالاتهامات وتم حذف هذا الفيديو وتقديم الاعتذار عن استضافة مثل هذه الطالبه .
وسيرا على نفس المنوال ، بدأت محاولات تغيير نظرة المجتمع تجاه هؤلاء ، حيث عرضت شبكة CBN الإخبارية عن طبيبة نفسية بأنه مجرد اضطراب ذهني بل وقال طبيب أخر " أن الغلمانيين يمتلكون أمخاخا ليست كأمخاخ البشر فإننا لو أجرينا مسحا على مخهم لوجدنا أن مخهم يشبه مخ من يعاني من الوسواس القهري، وبقشرة أمامية أصغر " وبتلك الآراء أصبحوا ضحايا يستحقون العلاج وليسوا مجرمين ، ونجحت خطتهم في كسب تعاطف المجتمعات إليهم ، ومن هنا بدأوا في الخطوه الثالثه وهي تطبيع العلاقات مع الغلمانيين وروجوا بأن توجهاتهم هذه أمر فطري ، وعملوا على تقديم نماذج يغيرون بها الصوره المشبوهة عن هؤلاء لدي المجتمعات .
وفي هذا الاتجاه نشرت بعض المجلات مقالات تعزز هذا الاتجاه بعنوان "لماذا ينبغي على المجتمع أن يكون أكثر تعاطفا مع البيدوفيليا؟"
"البيدوفيليا: اضطراب وليس جريمة".
وبذلك نكون قد وصلنا الى اخر خطوه وهي التقنين ، حيث نشرت صحيفة هافينغتون بوست إلى أبعد من ذلك عندما نشرت ملفا بعنوان: "ليس كل البيدوفيلكس مصابين باضطرابات ذهنية: الدليل الجديد لجمعية علم النفس الأمريكية"، أوردت فيه أن الرغبة الجنسية تجاه الأطفال قد يصدر من أشخاص عاديين تماما، مستندة إلى محو البيدوفيليا من قائمة الاضطرابات الذهنية .
فيقوم الأطباء النفسيين بإعادة تعريف البيدوفيليا بالطريقة نفسها التي تم إعادة تعريف الشذوذ الجنسي بها منذ عدة سنوات ، وذلك ما ذكره السياسي الأمريكي " آلان ويست " .
وعلى الرغم من كل ما ذكرته ولكني كنت أتوقع استحاله تطبيق هذا الفعل ، أو أن عقلي كان يأبي تصديق أن هذا سوف يحدث في واقعنا في يوم من الأيام ، إلى أن صدمت منذ يومين أثناء تصفحي لاحدى وسائل التواصل الاجتماعي قرأت خبر " بأن رجلين قد أعلنا زواجهما وقاما بتبني طفلين ثم قاما بالاعتداء عليهما."
ودفعني ذلك إلى البحث وراء هذا الخبر وهل تلك الواقعة هي الأولي من نوعها أم سبق وتكررت من قبل ، حتى قرأت تقارير وقعت علي كالصاعقة ، حيث وجدت ما يسمى بسياحة البيدوفيليا ، وهي سياحة أقرتها بعض الدول وقودها الأطفال ، وتعتبر هذه السياحة محرك للاقتصاد ، وغالبا ما تكون وجهة هؤلاء السياح إلى البلدان الفقيرة والنامية حيث يتم فيها استغلال الفقراء ، ويتم توفير الأطفال للسائحين الاثرياء مقابل مبالغ مالية ، وقد يكون ذلك بعلم الأهل ، فتدفع بعض العائلات الفقيرة بأبنائها لاستغلالهم لهذا الفعل المشين من أجل المال ، وما هو أكثر بشاعة ودناءة أن تلك الأفعال تتم في دور الأيتام تحت ستار النوايا الطيبة.
وعلى الرغم ما تذكره بعض الدول بأنها تحاول حماية هؤلاء الأطفال، نجد تقارير واحصائيات تفيد بزيادة الأعداد ، فحسب التقرير الدولي الذي أقر بأن هناك أكثر من ١.١ مليار سائح في سنه ٢٠١٤ أي ما يقرب من ضعف ٥٢٧ مليون سائح في سنة ١٩٩٥، فقد برزت مولدوفا والبرتغال وأوكرانيا كوجهات جديدة لمثل هذه السياحة ، وذلك ان دل فانما يدل على أن حكومات الدول الفقيرة تغض طرفها عن هذه السياحة، فلا تبدو الحكومات جادة في محاربة مثل هذه السياحة، ولا تبدو السياسات مقنعة في مواجهة هذه الظاهرة.
وما يؤكد ذلك هو طلب بعض الحكومات مثل بريطانيا والدنمارك مؤخرا بنص قانون يصرح للأطفال باختيار من يقومون معه بتلك الفعله الشنيعه سواء كان بنفس أعمارهم أو أكبر منهم، كل ذلك وهم يصمون آذانهم عن الأخطار البدنيه والنفسيه التي تقع على الأطفال جراء هذه الظاهرة، فضلا عن الرفض القاطع لكل الشرائع السماوية لها والمعروف لدى الجميع والذي لا يحتاج حتى إلى التأكيد عليه، ويتشدقون بالحريات وحماية الأطفال ، فعن أي حرية وأي حماية يتحدثون ؟! ولكن يمكننا أن نلاحظ أن تلك الحجج تتشابه مع حجج من يدافعون عن حركة الشذوذ، فيبدو لنا أنها مجرد تكمله لهدف منشود وواضح لدي الجميع.
وما يصدمك إلى أبعد الحدود، فقد ظهرت دعوات في المانيا والسويد وهولندا وفرنسا تطالب بمنع تسمية الأطفال حديثي الولاده أو تحديد جنسهم، ولكن يتم تسمية الطفل بكود تعريفي لريثما يبلغ ويختار اسمه وجنسه بنفسه تحت بند الحقوق والحريات ، يبدو الأمر في البدايه مضحكا أو غير قابل للتصديق، ولكن مقارنة بما حدث فان دل فيدل علي أن الأسوأ لم يأتي بعد.
وبما أن العالم أصبح قرية صغيرة، إذا فمن المتوقع أن خطر البيدوفيليا ليس ببعيد عن دولنا العربيه والاسلاميه ، ولا يصعب علي الغرب تصدير مثل هذه الظواهر الينا كما صدرت غيرها من قبل، وبالفعل قد نشرت بعض المنصات الأجنبيه تقارير تفيد بانتشار هذه الظاهرة في بعض الدول العربية، ولكن تلك الدول نفت وكذبت هذه التقارير بأنها لا تحتوي علي معلومات وارقام صحيحه، ولكن علينا أن نتوخى الحذر، خصوصا أن الشباب المسلم أصبح مولع بالسفر الى الخارج لتحقيق حلمه، لذا فعلينا حماية أطفالنا وتوعية شبابنا بما هو قادم إلينا ، فإن الثوب أول ما يهترئ منه بقعة ، وان الحبل أول ما ينفك منه عقدة، فإن لم نتداركه صار الحبل على الغارب.
وأود أن أنهي حديثي بالرد على المقولة التي بدأت بها ، فوالله يا فضيلة الامام لا رأينا فيهم اسلام ولا مسلمين ، بل رأينا انحلالا وفجور واساءة لكل الشرائع السماوية وليس الاسلام فقط.