ياسر أبو معيلق يكتب: يا حبايبي يا مصريين

ياسر أبو معيلق يكتب: يا حبايبي يا مصريين

من يعتقد منكم أن العالم يتآمر على مصر لسرقة حضارتها، بسبب دراما وثائقية تافهة مثل "الملكة كليوباترا"، فأحثه على إعادة التفكير في هذه النظرية، لأن "المؤامرة" لا تركز على مصر وحدها...

لماذا؟

في عام ٢٠٢١، اختارت "نتفليكس" ممثلة سوداء البشرة تدعى كارولين هيندرسون، للعب شخصية محاربة قوية وحاكمة أرض "كاتيغات" الخيالية في الشمال النوردي الأوروبي!

وقتها قيل إن اسم شخصية هيندرسون في المسلسل (يارال هاكون) وصفاتها كمحاربة قوية وزعيمة حكيمة، فيه تشابه أكبر من اللازم مع شخصية تاريخية، ألا وهي هاكون زيغوردسون، الملقب بـ"هاكون القوي"، ملك النرويج بين عامي ٩٧٥ و٩٩٥ ميلادية.

المشكلة ليست في الهجمة على الثقافة والحضارة المصرية القديمة، وليست في تغوّل حركة المركزية الأفريقية "أفروسنتريزم".

المشكلة الحقيقية، برأيي، هي ما يسمى بـ"التبديل العرقي" (race swap)، وأخته الكبرى "التبديل الجندري" (gender swap)، والذي بدأ يطال معظم التراث القصصي والتاريخي غير الأسود أو الأفريقي.

لذلك، بدأ الأمر أولاً بقصص متخيلة، مثل "عروس البحر"، أو مسلسل "خواتم القوة" المبني على قصص "سيد الخواتم" (Lord of the Rings)، والتي "حُشر" فيها السود حشراً في القصة، رغم أن القصص الأصلية مستقاة من الثقافة الغربية كما كانت إبان العصور الوسطى وعصور الإقطاع (النبلاء، الفرسان، الأسلحة الحديدية، استخدام الخيول، غياب الآلات... إلخ).

الإنتاج الهوليوودي، بما فيه المنصات الرقمية مثل نتفليكس وأمازون وديزني بلس وغيرها، أصيب بداء عضال يدعى الإفراط في الصوابية السياسية والجندرية (wokeism)، لدرجة أن تمثيل أقليات لا تتعدى في أكثر حالاتها انتشاراً نسبة الـ5% من إجمالي السكان (مثل ذوي الميول الجنسية المختلفة) أصبح يسود معظم الأعمال الموجودة في السوق الآن، وكأن المجتمع يتكون مناصفة من المجموعتين!!

ما الحل، إذن؟

الحل هو - طبعاً - إثارة الجدل والنقاش: النقاش الحقيقي البعيد عن أي نزعات تفوق عنصري أو شوفيني (كلنا من تراب... لا يوجد تراب نخب أول ونخب ثاني)، والمبني على دلائل وحقائق تاريخية أو منطق معقول يسهل فهمه.

إذا لم يكن ذلك كافياً لتحقيق التغيير المأمول، فالمقاطعة: المقاطعة التجارية كفيلة بإفشال أي فيلم أو مسلسل أو وثائقي مهما كانت ميزانية تمويله وتسويقه، وهذه المنصات وشركات الإنتاج في نهاية الأمر تعتمد على الأرباح لتمويل أعمالها، وإذا ما خُيّرت بين الربح والأجندة، فستختار الربح كل مرة.

(الصورتان للممثلة كارولين هيندرسون "يارال هاكون" ولملك النرويج هاكون القوي كما وصفه شعراء وأدباء بلاطه في وقتها).