كريسبو ديالو يكتب: أرشيف "توم مبويا" في ماسبيرو زمان يعبر حدود الزمان!
التلفزيون المصري وقتها كان مستضيف الكيني "توم مبويا" تحدث باستفاضة لمدة 30 دقيقة حول اقتراحات "شعوب إفريقيا وآسيا" المتعلقة ببرنامج باندونج التحرري من أجل أن يكون طريق الاستقلال مكتمل برغم الاختلافات التي بدأت بالانتشار بين صفوف اعضاء الدول (الشيوعيين - القوميين). أشار أن باندونج ليست حلقة في الحرب الباردة، أن البعد الحقيقي للمؤتمرات تكوين اتحاد أفرواسيوي معادي لجميع اشكال وانواع الهيمنة.
"توم مبويا" يعتبر من ضمن الشخصيات المغمورة لكن بارزة في التاريخ السياسي الافريقي - واحدا من المؤسسين لجمهورية كينيا. كان له دور فعال في تشكيل حركة الاستقلال، برغم أنه شغل منصب الأمين العام لحزب KANU الحاكم لكن مواقفه كانت أكثر وضوح وجذرية من جومو كينياتا. كان له معزة خاصة في عقول وقلوب الكينيين. فقد كان يشارك وينظم بشكل دوري احتجاجات ضد عمليات حيازة الاراضي ومعسكرات الاعتقال والمحاكمات السرية. ساهم في بناء الحركة النقابية في كينيا، أوغندا و تنزانيا ، وكذلك عبر أفريقيا. كما شغل منصب ممثل إفريقيا لدى الاتحاد الدولي لنقابات العمال الحرة (ICFTU). في عام 1959 دعا إلى مؤتمر في لاغوس ، نيجيريا ، لتشكيل أول منظمة عمالية في عموم إفريقيا للاتحاد الدولي لنقابات العمال الحرة.
عندما تذهب الي كينيا وتذكر اسمه أمام أي شخص سوف يروي لك موقفه البطولي في أواخر الخمسينات عندما اندلعت قضية مقتل الخادم الاسود "كاماوي موسونج" علي يد سيده الابيض "بيتر هارولد بول"
بيتر هارولد بول كان ضابط بالجيش البريطاني تم تسريحه من الخدمة ثم ذهب إلي كينيا للمشاركة في الواجب المقدس الذي كان يراها البريطانيين حينها من أجل الانهاء وردع التمرد الثوري للماو ماو.....في أبريل من عام 1959 ، وظف بيتر بول طاهًيا أفريقيا في منزله يعرف باسم "كاماوي موسونج".... في وقت مبكر من صباح أحد الأيام عندما كان كاماوي عائد من السوق الي المنزل ، ركضت كلاب سيد المنزل الابيض نحوه لتحاول أن تفترسه. لإنقاذ حياته أوقفهم برشقهم بالحجارة. لسوء حظه ، رأى السيد الابيض المشهد بأكمله. اشتعل غضبا، كيف عبد أسود يتطاول علي حيوانات سيده الابيض. خرج من منزله وصوب مسدسه تجاه كاماوي موسونج أسقطه قتيلا علي الفور.
خلال أيام انتشر الخبر في جميع أرجاء كينيا مما ادي الي اندلاع احتجاجات واسعة كان في طليعتها "توم مبويا" لم تهدأ سوي بالقبض على بول والحكم عليه بالإعدام. أثار الحكم ضجة بين المستوطنين البيض لأنهم لم يتوقعوا أبدًا أن تجد هيئة محلفين بيضاء رجلاً أبيض مذنباً بقتل رجل أسود.
قام المستوطنون البيض في كينيا بجمع 25000 توقيع وطلبوا من الحاكم الاستعماري لكينيا العفو عن بول، أُجبر الأفارقة على التوقيع على العريضة في خطوة لإظهار أن حتى السود في كينيا كانوا على استعداد للتسامح مع بيتر بول. أدان توم مبويا توقيع الأفارقة على العريضة. أكد أن أرباب العمل البيض أجبروا الأفارقة على التوقيع على العريضة مقابل الطرد من وظائفهم.
بذل الحاكم الاستعماري والمستوطنين جهدهم لإنقاذ بول من حبل المشنقة من خلال مطالبة مبويا بالتدخل لامتصاص غضب الناس وإقناع أهل القتيل بالتنازل والمصالحة قابل مبويا هذا الكلام برفض واستهجان شديد قال "سأظل ادافع عن حقوق شعبي حتي لو كلف هذا حياتي أو منصبي، لقد بدأت مشوار الثورة معهم وسوف انهي معهم"
في 18 أغسطس 1960 شنق بيتر بول. تجمع قرابة 10000 أفريقي خارج المحكمة وبعد فترة وجيزة من إعدامه صاح الحشد "لقد تحققت العدالة بدعم من مبويا".....أصبح بول أول وآخر رجل أبيض يُشنق بأمر من محكمة اثناء فترة الاستعمار، كل هذا بفضل مواقف توم مبويا الذي كلفته حياته بالفعل في عام 1969.