حياة الريف بين مصر والمكسيك

حياة الريف بين مصر والمكسيك

بقلم/ إيمان أبومسلم 

كيف هي الحياة في المناطق الريفية في مصر وباقي دول العالم؟
نتساءل أحيانًا هل المناطق الريفية في البلاد الأخرى  متشابهة أم لا، وهل بيننا عادات مشتركة أم هناك اختلافات؟
بالنسبة لي دائمًا ما كنت أعتقد أن الدول التي لا تتحدث اللغة العربية بالتأكيد حياتهم ومعاملاتهم مختلفة.

حسنًا، هيا لنبدأ.

دعونا نبدأ بالبلاد الأجنبية ونصبّ تركيزنا على دولة المكسيك خاصة، وهذا لأنني دائمًا على تواصل بأناس منها.

الجميل في ولاية المكسيك أن ريفهم بعيد عن المدن، قريب جدًا من الجبال والأنهار والبحيرات. العائلة كبيرة، مكونة من الأجداد والآباء والأبناء والإخوة. فهم يعيشون سويًا في بيت واحد، نظرًا للفقر الشديد الذي يعانون منه. على الرغم من أنهم يزرعون ويعملون كل يوم إلا أن الدخل ضئيلٌ جدًا، لذلك تعيش العائلة بأكملها سويًا. أما على الجانب الآخر، فالمزارعون في مصر يعملون كثيرًا أيضًا، لكن العائلات صغيرة ومكونة فقط من الآباء والأبناء، وعائلات أخرى كبيرة كما هو الحال في المكسيك. عندما يكبر الإبن وينضج، يخرج باحثًا عن عمل لبناء حياته المستقلة مع زوجته.

 كما قلنا، الحياة شاقة في الريف المكسيكي، فالناس تزرع فقط  النباتات التي يحتاجونها في حياتهم اليومية كالفاصولياء والطماطم والبصل والشطة، إلخ. فقط يزرعون من أجل العيش، غير باحثين عن الثراء، وهذا بسبب المنتجات الغالية في الأسواق. وعلى النقيض من ذلك، ففي مصر يعمل المزارعون من أجل توفير القوت ولكنهم يبحثون أيضًا عن الثراء لتوفير حياة أكثر راحةً وترفًا لهم ولأبنائهم.

وكما هو معتاد فالفلاح المكسيكي يستيقظ مبكرًا جدًا، في الساعة الرابعة صباحًا، لكي يذهب لحلب الأبقار، وإحضار اللبن في المحلبة، وتنظيف الحظيرة حيث يربون الدواجن والخراف، ويغسلون ملابسهم في النهر، ثم بعد ذلك يعودون إلى المنزل للإفطار ومن ثم الرجوع لقطع الحطب من أجل الطهي. أيام أخر يتوجب عليهم الذهاب لتنظيف الحقل من الحشائش الضارة أو جمع الأناناس أو قصب السكر. ويحدث هذا أيضًا في ريف مصر، ولكن أحيانا يتناول المزارع الفطور قبل الذهاب إلى الحقل، ويأخذ معه بعض الطعام إن كان سيستغرق وقتًا في أرضه، ولا يقطع الحطب من أجل الطهي أو شيئًا كهذا لأنه يتواجد في منزله فرنًا او بوتاجازًا من الغاز وليس موقد حطب.

هناك شيءٌ طريفٌ يحدث في ريف مصر وهو عبارة عن تجمع عائلي لإعداد وجبة لذيذة على الحطب، حيث تقوم العائلة بتجهيز موقدًا من الحطب لطهي وجبة تسمّى "المحشي" لتدفئة معدتهم في فصل الشتاء. تلك العادة لا زالت موجودة في الوقت الحالي ولكن ليس بكثرة. في بعض قري أمريكا اللاتينية إن لم يكن لدى المزارع عمل في أرضه يذهب إلى مكان لشرب الخمر ويرجع إلى منزله سكرانًا.

في كل من المكسيك ومصر يرتدي المزارعون وقت العمل قميصًا وبنطالًا، لكن أغلب كبار السن يرتدون عباءة فضفاضة (جلباب)، يعتمد هذا على كل منطقة من المناطق الريفية المصرية، كما يحبون وقت العمل جلبابًا كان أو بنطالًا. أما عن بيوت المزارعين فتتنوع بين بيوت من الطوب اللبن أو من الخشب.

في السنوات الأخيرة لاحظنا اهتمام القرى بالتعليم وهذا بالتأكيد شيء حسن  من شأنه أن يطور من الريف المصري والمكسيكي. 

أما عن فترة المساء، فالمزارعون يخرجون إلى الشارع متبادلين الحديث، ومحتسيين أكوابًا من الشاي على سبيل المثال.

ختامًا، حياة الريف جميلة وهادئة، لكنها حياة قاسية بها الكثير من العمل.