إن الأمانة التى أُلقيت على عاتقنا خطيرة وعظيمة

أيها المواطنون:
باسم الرئيس القائد أتحدث إليكم: لله هذه الجموع التى تتماوج فرحاً وغبطة، وإننى أمام ما طوقتم به عنقى من إكرام وترحيب لأتوجه إلى الله العلى القدير بالشكر والحمد على أن هيأ لى فرصة أتحدث فيها إليكم.
إن الأمانة التى أُلقيت على عاتقنا خطيرة وعظيمة، فهى الأمانة التى... وإن ما يواجهنا من جهود ضخمة ومسئوليات كبرى ليبدو فى نظرى الآن هيناً يسيراً بعد أن رأيت ذلك الشعور الغامر المتدفق، المتدفق وطنية وحماسة؛ مما أشعرنى حقاً أن الآمال الكبار التى تجيش فى صدرى إنما هى صدى كريم لما تشعرون به، وإن الأعباء التى نحملها إن هى إلا التزامات فرضتها وطنيتكم وبطولتكم، ولمصر العليا فى التاريخ منزلة مرموقة ومكانة سامية.
أيها المواطنون:
إننا مقبلون على فترة حاسمة فى تاريخ مصر الحديث، وإن العالم كله لينظر الآن إلينا وقد استرددنا ثقته بنا فى ثورتنا المقدسة التى تولتها العناية الإلهية فأقصت عنها الغادرين، ومكنتها من أن تحقق فى خطواتها الرشيدة سيادة هذا الشعب العظيم.
أيها المواطنون:
لقد انبعثت ثورتنا من قلوب ضاقت ذرعاً بمن كانوا يتولون أمر هذا الشعب، يستنزفون دمه ويستسخرون جهوده لتحقيق شهواتهم ونزواتهم، ومن فوقهم ملك مستهتر متهالك على مفاتن الدنيا ومتاعها، ومن حوله بطانة سوء تسول له ما يشاء، مُلقية فى روعه أنه لا يُسأل عما يفعل.
من هنا كانت ثورتنا غضبة لله وصدى للشعور الشعبى المكبوت، فزال الملك وزال الفساد وزال الإقطاع وزالت الأحزاب، وجلس الشعب يضع دستوره لنفسه، وتفتحت القلوب حتى كانت هيئة التحرير فعبئت القوى الشعبية فى نطاق شعاره الاتحاد والنظام والعمل.
أيها المواطنون:
إن هذه الثورة وقد رفعت رأسها لن تحنيها من جديد، وإن بقاء الاحتلال ووجود الثورة أمر شاذ لا يقره عرف الثورة ولا منطقها القوى الفاصل.
أيها المواطنون:
منذ أن ألقى العبء علينا ونحن نكافح لتقويض دعامات الاستعمار، ففى الجنوب انتهت المعركة بتقرير المصير، أما هنا فى الشمال فإننا لن نباهى - كما كانوا يقولون - بالمفاوضة، وإنما نحن نقول قولة واحدة: أخرجوا من بلادنا.
أيها المواطنون:
لن يدافع عن القنال إلا أبناء النيل ولن نرضى عن أنفسنا إلا إذا رحل عن أرضنا الطيبة آخر جندى أجنبى.
أيها المواطنون:
إنما نحن نقول قولة واحدة: أخرجوا من بلادنا، لن يدافع عن القنال إلا أبناء النيل، ولن نرضى عن أنفسنا إلا إذا رحل عن أرضنا الطيبة أخر جندى أجنبى، فنحن لن نساوم فى حق وطننا، ولن نرضى عن حريتنا بديلاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمة البكباشى جمال عبد الناصر فى مبنى مديرية بنى سويف أمام الجماهير المحتشدة هناك نيابة عن اللواء محمد نجيب
بتاريخ السابع والعشرين من مارس العام ١٩٥٣ م.