يحتاج من أولى الأمر فى هذا البلد أن يعملوا على رفع مستوى الصناعة وعلى التصنيع

إخوانى العمال:
أحييكم، وأهنئكم بهذه النقابة، وأرجو أن تكون فاتحة خير للعمل المجدى، والعمل المثمر والعمل المستمر فى سبيل المصلحة العامة للوطن وللمواطنين.
اسمعوا يا إخوانى.. احنا عايزين نسمع، ونتكلم كلام معقول، وكلام مفهوم.. نبطل هتاف شوية، ننتهز هذه الفرصة علشان نتفهم نقط كنا بنخدع بها فى الماضى.
الحقيقة أما بنبص فى الحال اللى احنا موجودين فيه دلوقت، كل واحد ما بيعجبوش هذا الحال، ولكن يجب أن نتفهم، ويجب أن نعلم إيه هى العوامل وإيه هى الأسباب اللى خلتنا موجودين فى الحالة اللى احنا فيها؟ إذا تفهمنا هذه العوامل، وإذا عرفنا هذه الأسباب، نستطيع أن نتغلب عليها، ونستطيع فى نفس الوقت أن نبنى وطناً قوياً يتمتع فيه العامل بحقه، ويتمتع فيه الفلاح بحقه، ويتمتع فيه المواطن بحقه، ويتمتع فيه الجميع بالحرية وبالعدل وبالمساواة. إذا تفهمنا هذه الأسباب وإذا عرفناها، وإذا عملنا على ألا نقع فيها مرة أخرى كما وقعنا فيها فى الماضى، وإذا عملنا على ألا نخدع مرة أخرى كما خدعنا فى الماضى، وإذا عملنا على ألا يضلل بنا كما ضلل بنا فى الماضى.. إننا إذا عملنا على كل هذا سنستطيع - بإذن الله - أن نسير بالوطن؛ الوطن كمجموع مكون من المواطنين العاملين، نستطيع أن نسير بالوطن، ونشعر بالعزة ونشعر بالكرامة ونشعر بالقوة، ونشعر بالحق فى الحياة ونشعر بالحق فى المساواة، ونشعر بالعدل؛ هذه الأسباب جميعها تراكمت على بلادنا طوال السنين الماضية.
اسمعوا يا إخوانى:
احنا مضينا مدة طويلة وسنين طويلة تحت حكم الاستعمار، وتحت حكم أعوان الاستعمار. كان باستمرار الاستعمار وأعوان الاستعمار بيحاولوا بكل الطرق وبكل الوسائل أن ينشروا الجهل، وأن يعملوا على تحديد التعليم، وأن ينشروا فى نفس الوقت الشك.. كل واحد يشك فى أخوه، كل واحد يشك فى بلده ويشك فى قدرة بلده، كانوا بيعملوا دائماً على التفرقة.. تفريق المواطنين، تقسيم الشعب إلى شيع وأحزاب؛ علشان يتمكنوا من السيادة وعلشان يتمكنوا من السيطرة، وعلشان يتمكنوا من الاستغلال.
كانوا دائماً بيستخدموا بعض الخونة من المصريين علشان يضللوكم، وعلشان يخدعوكم، وعلشان يخدروكم فى نفس الوقت بالوعود الكاذبة وبالآمال البراقة، ولكنهم كانوا بهذا يثبتون أقدام الاستعمار. كانوا يعلمون علماً أكيداً ان الواحد إذا كان صحيح.. صحيح الجسم وصحيح العقل، وإذا كان مطمئن فى حياته لازم حيفكر تفكير أكيد فىحريته وفى حرية وطنه، ولازم يفكر تفكير أكيد فى أن يمنع المستغلين من أن يستغلوه، وأن يمنع المستبدين من أن يستبدوا به. ولهذا فإنهم كانوا يعملون دائماً على أن ينشغل كل فرد فى حاله، وأن ينشغل كل فرد فى نفسه، فشاع الفقر فى البلاد؛ بلادنا شاع فيها الفقر على أساس أن يكون المواطنين جميعاً فقراء، والواحد الفقير اللى حيكون مش لاقى لقمة عيشه، وبيدور عليها ومشغول فيها، وبيدور على أكل ولاده، مش حيلحق أبداً يفكر فى حرية، ولا يفكر فى استقلال، ولا يفكر فى عزة، ولا يفكر فى كرامة.
كانت هذه الدعائم الذى كان يساعد عليها بعض المصريين من الخونة؛ هذه هى الدعائم الذى تثبت بها الاستعمار. كانت الرجعية تعمل دائماً على ألا يشعر المواطنون بالعزة لتثبت أقدامها، وكان الاستعمار دائماً يسند الرجعية على هذا العمل ليثبت أقدامه. وكانت الرجعية تعمل متعاونة مع الاستعمار تحت أساليب متعددة.. ابتدوا بعد الثورة اللى فاتت يخدروا الشعب بالدستور، وبالديمقراطية، وبالحرية، وشعر المصريون أنهم سيبدءون عهداً جديداً من الحرية ومن العدل ومن المساواة، ولكن هل انخدعت الرجعية؟ أو هل انخدع الإستعمار؟ أو هل تناكصوا ورجعوا على أعقابهم؟ أبداً يا إخوانى.. ساروا فى سياستهم وساروا فى طريقهم، واستغلوا الحرية واستغلوا الدستور واستغلوا الديمقراطية، وعاونهم الخونة المصريون؛ بعض الخونة القلائل الذين فضلوا على أن يرفعوا مستواهم هم على رفعة مستوى المواطنين، والذين فضلوا على أن يحصلوا من الغنائم الشىء الكثير، هؤلاء الناس الذين ساعدوا المستعمر.. هذه الرجعية هى التى وصلتنا إلى الحال الذى كنا فيه عندما قامت هذه الثورة..
عندما قامت هذه الثورة يا إخوانى.. عندما قامت هذه الثورة كان كل واحد فيكم بيشتكى، وكان كل واحد فى هذا الوطن بيئن، وكنا جميعاً نشعر أننا نسير إلى الهاوية. كان كل واحد بيشعر بالفقر، وكان كل واحد بيشعر بالعجز، وكان كل واحد بيشعر ان مافيش مجهودات بتبذل لمقاومة الفقر، ولمقاومة الاستغلال ولمقاومة الاستبداد. كانت هذه الأساليب التى تحالف عليها الاستعمار مع الرجعية هى الأساليب التى تمكنهم من وضع يدهم على هذه البلاد، والتى تمكنهم من وضع يدهم على رقاب أهل هذه البلاد، والتى تمكنهم أخيراً من أن يكونوا هم فقط أصحاب العزة وأصحاب السيادة وأصحاب الكرامة، وأن يكون المواطنون قوماً أذلاء؛ كل واحد منهم مشغول فى حاله، وكل واحد منهم مشغول فى مصيره.
وأما قامت هذه الثورة هل تناكصت الرجعية؟ أو هل يئست الرجعية؟ الرجعية اللى ضللت بثورة ١٩، والاستعمار اللى ضلل ثورة ١٩؟ لازالت هى نفس الرجعية التى تريد أن تضلل بهذه الثورة، ولازال هو الاستعمار الذى يريد أن يضلل بهذه الثورة.
الاستعمار اللى خدعنا بعد ثورة ١٩، وخدعنا تحت اسم الديمقراطية وتحت اسم الحرية، وأوقعنا فى الديكتاتورية البرلمانية والديكتاتورية الحزبية لن يتراجع، والرجعية التى استفادت والتى استغلت، والتى تحكمت فى الرقاب والتى تحكمت فى النفوس، والتى تحكمت فى الثروات، لن تيأس، ولكنها ستحاول دائماً تحت أسماء متعددة، تحت أى اسم من الأسماء.. تحت اسم الحرية، وتحت اسم الديمقراطية، وتحت اسم الشيوعية أيضاً..
أنا بدى أقول لكم - يا إخوانى - الثورة قامت فى ٢٣ يوليو، الملك خرج فى ٢٦ يوليو، فى أول أسبوع من أغسطس قاموا ناس تحت اسم الشيوعية يهاجموا هذه الثورة، ماكانش حد أبداً فى هذه البلد يعرف مين الناس اللى قاموا بهذه الثورة، ولكن الشيوعيين أو اللى بيتخذوا اسم الشيوعية عنوان لهم فى هذه البلد أخرجوا منشورات فى أوائل أغسطس، وقالوا: إن هذه الثورة ثورة تسند الاستعمار، وثورة تعمل على تثبيت الاستعمار.
بالعقل طبعاً.. مش لازم كانوا يستنوا لغاية ما يعرفوا مين الناس اللى قاموا بهذه الثورة علشان يحكموا؟ ولكن كل الدلائل اللى عندنا تثبت ان الناس اللى بيدعوا الشيوعية، واللى بياخدوا عناوين براقة وآمال معسولة، ويحاولوا يضحكوا على المواطنين تحت اسم الشيوعية، ويدوهم آمال كاذبة تحت اسم الشيوعية.. دول أكبر عون من أعوان الرجعية فى هذا البلد. هؤلاء الناس جميع المعلومات أثبتت وجميع القضايا بتاعتهم أثبتت ان أساسهم من الصهيونية؛ الصهيوينة هى التى تعمل على نشر الدعاية الشيوعية، وهى التى تعمل على إيجاد تنظيمات شيوعية فى هذا البلد، وهى التى تعمل تحت اسم الشيوعية اللى ماحدش فاهمه إيه، واللى يستطيعوا إنهم يخدعوا بعض المواطنين ان الغرض منه هو الحرية، أو الغرض منه هو الديمقراطية، تحت هذا الاسم الجديد، وتحت هذا الاسم الخلاب، وتحت هذا الاسم البراق، وتحت هذه الدعاية اللى موجودة يستطيعوا انهم يخدعونا مرة تانية؛ زى ما خدعونا بعد ثورة ١٩ تحت اسم الحرية وتحت اسم الديمقراطية.
النهارده بيخدعوا بعض الشبان وبيخدعوا بعض الناس تحت اسم الشيوعية، ولكن هل نستطيع أن نعقل أن هذه الشيوعية التى ثبت ثبوتاً أكيداً أنها فرع من الصهيونية؟! أكبر منظمة شيوعية فى البلد طلع اللى بينظمها واحد صهيونى اسمه "كورييل"، "كورييل" هو اللى كان بيمول، "كورييل" هو كان من أغنى أهل هذا البلد، دا اللى كان بيمول الشيوعية. ولكنهم كانوا يلتقون بالمواطنين، ويقولوا لهم إنهم حيعملوا على تحريرهم. أنا مش قادر أفهم أبداً ازاى واحد صهيونى يقدر يعمل، أو يكون فيه عرق واحد يعمل على تحرير هذا البلد؟! ولكن هذه - يا إخوانى - هى الطريقة الجديدة التى تتبع الآن فى الخداع، وفى التضليل، وفى خداع صغار العقول، وفى خداع بساط النفوس. بيدوروا على الناس يجيبوا لهم أسماء براقة وأهداف جميلة، ولكن بعد هذا يقدروا ياخدوهم وتسيطر عليهم الصهيونية العالمية؛ الصهيونية التى ترجو أن تتوسع من إسرائيل حتى تستولى على وادى النيل، وحتى تستولى على جزء من العراق، وحتى تستولى على جزء من المملكة العربية.
هذه هى الصهيونية التى تعمل فى هذا البلد على خداع بعض أفراد هذا الشعب، وعلى تضليلهم تحت اسم الشيوعية. يطلعوا لهم كلام جميل يقولوا لهم: الشيوعية ستعمل على المساواة، والشيوعية ستعمل على رفع مستوى العامل، والشيوعية ستعمل على رفع مستوى الفلاح، والشيوعية ستعمل على رفع مستوى الفقير؛ تحت هذه الكلمات المعسولة وتحت هذه الكلمات البراقة يمكن واحد يتخدع، ويمكن واحد يضلل، ولكن يا إخوانى.. هذا هو الخداع وهذا هو التضليل، وهذا هو الإفك، وهذه هى الطريقة الجديدة، وهذه هى الوسيلة الجديدة التى تتبع الآن، بعد ما اتبعت وسيلة الديمقراطية ووسيلة الحرية بعد ثورة ١٩، واستطاعوا أن ينكسوا ثورة ١٩.
ولكن الشعب الذى ضلل فى الماضى وخدع فى الماضى لن يضلل مرة أخرى، ولن يخدع مرة أخرى. كل واحد - يا إخوانى - بينادى بالشيوعية، وبيعمل على الدعاية للشيوعية، تجده ساكن سكن مريح وسكن جميل، وييجى يقعد يتكلم كلام جميل وكلام معسول. أبو الشيوعية فى هذه البلد اللى هو كان أصله باشا، وسموه الباشا الأحمر؛ اللى اسمه البندارى واللى لامم حواليه شوية ناس؛ ساكن فى عمارة الشمس، وعايش عيشة مرفهة وعيشة منعمة، وبعدين يقعد يتكلم ويقول الشيوعية؛ الشيوعية تمشى البلد، والديمقراطية الشعبية.. كلام جميل، كلام براق، كلام حلو. قابلته فى مرة من المرات لقيته عامل برنامج كله كلام جميل وكلام معسول، أيام تنظيم الأحزاب؛ علشان متقدم به لتنظيم حزب. وبعدين رحت له.. رحت له فى بيته وقابلته، وقلت له: الكلام اللى انت بتقوله دا كلام جميل جداً.. رفع مستوى العامل، ورفع مستوى الفلاح، ورفع مستوى المواطن، وإيجاد سكن مش فاهم إيه.. لكن قول لى: ازاى حتعمل الكلام دا؟ أنا جاى أفهم منك، وجاى آخد منك درس تفهمنى. أنا عندى فرصة إن أنا أنفذ كلامك دا. ازاى أنفذ هذا الكلام؟ احنا سمعنا كتير كلام بهذا الشكل، وخدعنا كتير بكلام جميل بهذا الشكل، بتقول لى الحاجات دى كلها مكتوبة فى ورق، شربنا كتير من الكلام ده فى الماضى، بدى النهارده تفهمنى ازاى الكلام دا يتعمل؟ والله يا إخوانى لم أسمع منه إلا نفس الكلام: "أبداً.. احنا نعمل على رفع مستوى الفلاح، ونعمل على رفع مستوى العامل".
علشان أرفع مستوى الفلاح يا إخوانى وعلشان أرفع مستوى العامل لازم أزيد ثروة هذا البلد؛ لأن الفلوس اللى كل واحد منكم بياخدها عبارة عن ثروة هذا البلد مقسمة علينا جميعاً، مش حاقدر أزود أبداً الفلوس اللى بياخدها الأفراد إلا إذا رفعت ثروة هذا البلد. مش حاقدر أرفع ثروة هذا البلد إلا إذا زاد العمل فيها؛ زاد العمل فى الزراعة وزاد العمل فى الصناعة، أى واحد يقول لكم كلام غير دا يبقى بيضحك عليكم، ويبقى بيخدعكم ويبقى بيضللكم، ويبقى لا يقصد إلا حاجة واحدة؛ اللى هم بيقصدوها المدعين بالشيوعية دول؛ اللى هى الفوضى.. الفوضى اللى تنتج عنها النكسة، واللى ينتج عنها ان كل واحد من أهل هذا البلد يكون مصيره أسود؛ لأن مافيش بلد من البلاد أبداً بنيت بالفوضى.. أبداً. كل بلد من البلاد ومن بلاد العالم بنيت بالعمل وبنيت بالعرق وبنيت بالجهد. كل واحد يآمن بوطنه، وكل واحد يعرق، وكل واحد يتعب، وكل واحد يشتغل؛ وبهذا نزيد ثروة البلد. كل ثروة البلد ما تزيد كل دخل الفرد ما يزيد، كل ثروة البلد ما تزيد كل عدد العمال العاطلين ما يقل، لكن عمر ما فيه بلد فى الدنيا اتبنت بالكلام، عمر ما فيه بلد فى الدنيا اتبنت بالخداع، عمر ما فيه بلد فى الدنيا اتبنت بالتضليل. دا الكلام اللى كل واحد منكم لازم يعرفه، ودا الكلام اللى كل واحد منكم لازم يفهمه.
سمعنا كتير - يا إخوانى - على خزان أسوان، كهربة خزان أسوان، إخراج الحديد من خزان أسوان، من أول ما كان الواحد صغير وهو فى ثانوى كان بيسمع الكلام دا. ولكن كانت سياستهم.. هل كانت سياستهم رفع مستواكم؟ هل كانت سياستهم رفع مستوى العمال؟ ورفع مستوى الفلاحين؟ هم يعلمون علماً أكيداً انهم إذا رفعوا مستوى العامل وإذا رفعوا مستوى الفلاح.. إذا نوروا عقل الفلاح لن يمكنهم أبداً من استغلاله، ولن يمكنهم من التمكن فى رزقه ولن يمكنهم من انهم يسلبوه عرق جبينه؛ ولذلك كانوا يعملون دائماً على عدم زيادة الزراعة، وكانوا يعملون دائماً على عدم زيادة الصناعة؛ علشان يبقى المستوى واطى؛ لأن المستوى إذا علا.. المستوى إذا ارتفع، وإذا تنور العامل وإذا تنور الفلاح، لن يمكنهم من أن يخدعوه، ولن يمكنهم من أن يستغلوه. دى السياسة اللى كانوا بيتبعوها أولاً، وكانوا بيتبعوها تحت اسم الكلمات البراقة، وتحت اسم الكلمات الجميلة.
إذا كنا عايزين نبنى بلدنا، إذا كنا عايزين أولادنا - يا إخوانى - يطلعوا ويجدوا حياة عزيزة كريمة، يجب ألا نمكن أنفسنا مطلقاً من أن نخدع أو نضلل تحت أى اسم من الأسماء، ولا اسم الديمقراطية ولا الحزبية، ولا الكلام المعسول اللى بيقولوه، حتكون فيه ديمقراطية، حتكون فيه حرية، ولكن يجب أن نتحرر أولاً من الاستغلال، ويجب أن نتحرر أولاً من الاستبداد ومن الاستعباد.
أنا ما أفهمش ازاى تكون فيه حرية وأنا مش حر فى إنى ألاقى أكل عيشى أو ألاقى رزقى؟! مش حر فى إنى ألاقى عمل أعمل فيه؟! إن العمل بيتحكم فيه بعض الناس، وإن الأرض بيتحكم فيها بعض الناس، وإن الناس اللى متحكمين فى الأرض والناس اللى متحكمين فى العمل هم اللى بينادوا بالحرية.. ما أفهمش أبداً إذا كانوا دول هم اللى كانوا بينادوا بالحرية، ليه ما حرروش الفرد؟! ما حررهوش فى إنه يلاقى لقمته؟! ما حرروهوش فى إنه يلاقى أكل عيشه؟! ما حرروهوش من الاستغلال اللى كانوا بيستغلوه؟! دى الحرية اللى نادوا بها ٢٠ سنة..
النهارده إذا كنا عايزين حرية حقيقية وحرية أكيدة يجب أن نتحرر من الاستغلال، ونحرر العمل.. العمل اللى بيشتغل فيه العامل، والأرض اللى بيشتغل فيها الفلاح من التحكم؛ تحكم المستغلين، تحكم أصحاب الأرض. هى دى الحرية الأكيدة، وهى دى الحرية اللى احنا يجب أن نعمل عليها، دى الحرية اللى بدأتها الثورة.
إذا كل فرد شعر بالحرية يبقى لازم الوطن حيكون حر. يجب أن نتحرر من الناس اللى كانوا بيتحكموا فينا فى الماضى، واللى آثارهم لازالت باقية، واللى ساروا بنا هذا الطريق الطويل، وكانوا حيودونا للمصير والهاوية اللى احنا كنا حنصل فيها قبل قيام هذه الثورة. هى دى الحرية، وبعد كده يجب أن نجد من يمثلونا.. من مين؟ من أبناء الشعب اللى بيشعروا بشعور الشعب، واللى بيحسوا بآمال هذا الشعب، واللى تألموا زى الشعب دا ما تألم. هم دول اللى يقودوا الشعب إلى حريته، وهم دول اللى يحافظوا على الحرية، ما نجيبش الناس القدام مطلقاً.. الناس اللى تحكموا فينا، والناس اللى استغلونا، والناس اللى استبدوا بنا؛ لأن الناس دول إذا عاشوا أو إذا مارسوا أى حق من الحقوق السياسية فى هذا البلد فإن هذه الثورة سوف تنتكس؛ سيضللون بكم مرة أخرى، حيخدعوكم بالكلام الجميل، حيخدعوكم بالكلام البراق، حيخدعوكم بالكلام المعسول.
دا الدرس - يا إخوانى - اللى احنا لازم نعرفه. كل واحد فيكم لازم يعرف ان حريته حياخدها بالعمل، والعمل وحده؛ لأن الحرية مبنية على الرزق، والرزق مبنى على العمل، والعمل يحتاج كل واحد منا انه يعمل، يحتاج كل واحد انه يعمل علشان يرتفع مستواه، يحتاج كل واحد انه يعمل علشان نجد عمل لإخواننا العمال العاطلين اللى مش واجدين عمل، ويحتاج من أولى الأمر فى هذا البلد أن يعملوا على رفع مستوى الصناعة وعلى التصنيع. علشان نرفع مستوى الصناعة، علشان نصنع هذه البلد يجب أن تسير البلد فى حالة ثابتة، ويجب أن يكون هناك تعاون كامل بين العامل وبين صاحب العمل؛ لأن صاحب العمل هو اللى بيقيم الصناعة. العامل بيتعامل معاه، وبيتعاون معاه على إقامة هذه الصناعة. فى نفس الوقت يجب أن نزيد الأراضى الزراعية ويجب أن نمكن الفلاح، ونعطيه الفرصة والإرشاد، بأن يزيد محصوله؛ لأن زيادة محصول الفلاح زيادة للثروة فى هذا البلد.
دا الطريق اللى قامت فيه هذه الثورة، ودا الطريق اللى تسير فيه هذه الثورة. وتسير فيه بدون خداع وبدون تضليل، وبدون كلام جميل. مش حنديكم وعود براقة، مش حنديكم كلام، حنديكم عمل، عايزين منكم كل واحد يفتح.. يفتح مخه كويس ويفهم، ما يديش لحد فرصة انه يخدعه، ما يديش لحد فرصة انه يضلله، وفى نفس الوقت عايزين من كل واحد منكم انه يعمل، ويعتبر ان عمله وعمله الكامل، عمله الطويل، وعمله الشاق، دا حجر بيبنى به هذا الوطن؛ من أجل نفسه، ومن أجل إخوانه، ومن أجل أبنائه.
هذا هو الطريق اللى يجب أن نسير فيه، وهذا هو الطريق اللى يجب أن نسير فيه سنين طويلة ولا ننتكس، ونكمل الطريق للنهاية؛ حتى نتمكن من أن نخلق وطناً قوياً، وحتى نتمكن من أن نخلق مصر العزيزة، ومصر الكريمة، مش بالكلام بس.. بالفعل وبالعمل، وحتى نتمكن من أن نخلق لأولادنا من بعدنا وطناً عزيزاً كريماً، ماحدش يستغلهم فيه، ماحدش يستبد بهم فيه، كل واحد منهم يطلع يجد عمل، يجد لقمة عيش، يجد رزق، يقدر يشتغل، ما يحسش بآلام الدنيا زى احنا ما حسينا بها، وزى آباؤنا ما حسوا بها فى الماضى.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمة الرئيس جمال عبد الناصر فى احتفال نقابة عمال مستخدمى النقل المشترك بافتتاح دار نقابتهم الجديدة ومستشفاهم التعاونى ومعهد الدراسات بالسبتية
بتاريخ التاسع والعشرين من إبريل العام ١٩٥٤م.