المغرب و مصر .. تاريخ تليد وحاضر ومستقبل مشترك

المغرب و مصر .. تاريخ تليد وحاضر ومستقبل مشترك
بقلم/ حمزة بنطاهر

العلاقات بين المملكة المغربية والجمهورية المصرية العربية موغلة في التاريخ، إذ عرفت هجرات مختلفة بين المغاربة والمصريين للإستقرار في البلدين، ما ترتب عنه حضور للبعدين الديني والتجاري في هذه العلاقة منذ نشأتها إلى اليوم، بتجوال الشيوخ والأولياء بين الفسطاط وفاس، واستقرار عائلات وأسر مغربية شتى لممارسة التجارة في بلاد الكنانة بعدما قادتهم اقدار الزيارة لبيت الله، لإستلطاف أجواء البلد وأهله، ما دفعهم لإتخاذ قرار الإستقرار النهائي بمصر، والإضطلاع بدور الوسيط بين الغرب والشرق، كما أن حضورهم كان له الأثر البالغ في الإستقرار السياسي للدولة المصرية أيام الفاطميين وبعدهم، وكذا حلقة وصل بين الأنظمة السياسية الحاكمة في المغرب ومصر، بعد الذي أبدته هته العائلات من براعة في التجارة والسياسة، وكانت عونا وسمدا للرفع الإنتاج الإقتصادي للدولة المصرية، وصارت جزء لا يتجزأ من النسيج الإجتماعي والسياسي لها .
وفي القاهرة أيضا كان للمغاربة حضور تاريخي في التجارة والعمران والدعوة والتعليم والتصوف، ومثلوا أكبر طائفة عربية إسلامية وافدة، ومازال الأزهر الشريف يحتفظ بباب للمغاربة ضمن أبوابه الاثنين والعشرين، وتحمل إحدى الأحياء العريقة في القاهرة، اسم "حارة المغاربة" كما تحتفظ سجلات الأرشيف المصري بأسماء تجار مغاربة تولوا منصب شهبندر تجار القاهرة.
كانت هذه المقدمة منطلقا للغوص في تفاصيل العلاقات المغربية/ المصرية المتميزة، إذ كانت مصر من أوائل الدول المنادية باستقلال المغرب، واستقبلت زعيم المقاومة فى الريف وأحد أعظم المقاومين الشعبيين للإستعمار فى التاريخ العالمي المعاصر الزعيم عبدالكريم الخطابى، الذي قاوم الاحتلال الإسبانى، ثم الفرنسى، واعتقل ليتم نفيه في جزيرة نائية بشرق أفريقيا، وحين عبوره قناة السويس، فر من الباخرة الناقلة وبقى فى مصر إلى أن وافته المنية، ومزال قبره وعدد من أبناءه مزارا بالعاصمة القاهرة .
كما شارك المغاربة اخوانهم المصريين جهادهم في الحرب ضد إسرائيل، بتشكيلات عسكرية مختلفة كان لها الأثر البالغ في رسم ملحمة أكتوبر 1973، ومازالت مقابر عدد من الجنود المغاربة على الجبهتين المصرية والسورية شاهدة على اواصر المحبة والإيخاء التي جمعت ووحدت البلدين .أفلاما مغربية، ومعرض الكتاب الذي يستضيف إبداعات المؤلفات المغربية، وكبار الشعراء والمثقفين المغاربة.
وعلى المستوى الرسمي، مصر والمغرب شركاء في ملفات العمل الوطني والاقليمي والدولي المشترك، والمتمثلة في توظيف العلاقات الدولية في دعم وتأمين الاستقرار الداخلي والتنمية بالبلدين، والانفتاح على العالم الخارجي للاستفادة من التجارب المختلفة، والالتزام بسياسة خارجية متوازنة في إطار استقلال القرار الوطني، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول والتمسك بمبادئ القانون الدولي، ومكافحة الإرهاب، والعمل على تسوية الأزمات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأولوية المحور الأفريقي. ولاشك أن الروابط الشعبية والممتدة، والمصالح المشتركة، تعزز فرص بناء شراكة إستراتيجية بين مصر والمغرب، تفرضها التحولات الإقليمية والدولية في ظل عالم متغير، والحاجة إلى تنسيق التعاون الثنائي، ومع شركاء البلدين، لإعادة التوازن إلى المنطقة، وحلحلة الملفات العالقة بها، وعلى رأسها الحرب على الإرهاب، والنهوض بعلاقاتهما الاقتصادية وتعظيم الاستفادة من موقعهما المتميز ومزاياهما الاقتصادية في إطار التكامل.
ختاما، تعتبر الدولتين من البلدان الكبرى إفريقيا وعربيا وإقليميا، لمكانتيهما الإستراتيجية وكذا للأدوار التاريخية التي اضطلعوا بها، وأيضا للحضور التاريخي والثقافي الدسم، ما جعلهما أمتين عظيمتين سطرتا صفحات مجيدة في التاريخ، تجعلانهما أكثر قربا ووصالا اليوم لما راكماه تواصل واتصال .