التكامل الاقتصادي بين دول مصر وليبيا وتونس

التكامل الاقتصادي بين دول مصر وليبيا وتونس

كتب / محمد عبدالمحسن سيد عبدالرازق

بمساحة تقارب الثلاثة ملايين كم مربع؛ وسواحل مشتركة تمتد بين الثلاث دول يبلغ طولها ٤ آلاف كم على البحر المتوسط، تشكل الثلاث دول المتجاورة قوة اقتصادية وجيوسياسية في حال تم تفعيل التنسيق الاقتصادي كمرحلة أولى في مختلف القطاعات الاقتصادية ،كما أنها تمثل بابًا مفتوحًا لانضمام المزيد من دول الشمال الأفريقي.

في حال تم تفعيل جميع الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين دولتي مصر وليبيا فإنه من المتوقع أن يقفز حجم الميزان التجاري بين الدولتين إلى ١٩ مليار دولار، ولربما يزيد هذا الرقم أو ينقص في ظل أسعار الصرف الحالية. بينما يبلغ الميزان التجاري بين مصر وتونس مليار دولار، ويبلغ بين تونس وليبيا ما مقداره ٩٧٧ مليون دولار. هذا وتسعى الثلاث دول فيما بينها إلى زيادة المعاملات الاقتصادية و التجارية فيما بينهم. إلّا أنّ المأخذ الوحيد في ذلك الأمر هو سعي كل دولة مع الأخرى على حدة. فكل دولة من الثلاثة تسعي مع الدولتين المذكورتين آنفا إلى توقيع مذكرات تفاهم ، وعقد مشاريع برامج تنفيذية، والدخول في اتفاقيات إقليمية مشتركة مع دول أخري، ولكن التعاون الاقتصادي المشترك لا يرقي إلى الآمال المنشودة.

ولعل أبرز سببٍ لذلك الأمر هو عدم اختلاف المنتجات التي تنتج في أغلب الدول مما يبطئ عملية التعاون الاقتصادي وبخاصة إذا كانت هذه الاتفاقية تضم الكثير من الدول.

إلّا أنّ نظرتنا إلى ثلاث دول يجب أن تختلف عن نظرتنا إلى عشر أو بضع عشرة دولة موقعة على اتفاقية، والسبب في ذلك أنه كلما زاد عدد الدول كلما زاد معه الجهد المبذول للتنسيق بين الدول المشتركة من حيث الرؤى الاقتصادية ناهيك عن ذلك إن حدث اختلاف في إحدى الرؤى السياسية الأمر الذي في بعض الحالات قد يتكفل بمفرده في تعطيل حركة عجلة التعاون الاقتصادي.

ولكن عند التعمق والبحث في العلاقات الاقتصادية بين الدول الثلاث مصر وليبيا وتونس، يتكشف لنا كم الجهود الكبيرة المبذولة من أجل تنمية العلاقات الاقتصادية وعشرات مذكرات التفاهم الموقعة، واللجنة الاقتصادية بين مصر وتونس و مصر وليبيا وكذلك ليبيا وتونس. فلماذا لا يتم توحيد عمل الثلاث لجان المشتركة في لجنة واحدة مشتركة تضم الثلاث دول الشقيقة ، وتكون مرحلة سابقة قبل عمل منطقة تجارة حرة بين الثلاث دول. حيث بادئ ذي بدء يتم النظر إلى الأمر المشترك بين الثلاث دول من اللجنة الاقتصادية المشتركة، وأول ما أوصى أن يتم النظر إليه هو النظر إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، ووضع اللجنة المشتركة برامج للاستزراع السمكي، والسياحة ، والنقل البحري المشترك ، والتكامل بين موانئ الثلاث دول ، وتكون هذه البرامج نواة للمزيد من التعاون بين الثلاث الدول الشقيقة في برامج اقتصادية أخري، مع ضرورة أن يستتبع ذلك تنسيقات أخري بين الثلاث دول لتأمين تحالفها الاقتصادي.

في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم الآن ،أصبح من الصعب على كل دولة أن تتحدى هذه الظروف بمفردها، في معزل بعيدا عن باقي الدول. وهذا الاقتراح الذي ربما فكر فيه مئات إن لم يكن آلاف الأشخاص، لم أقدمه في هذه المقالة إلا في محاولة مني يملأها الأمل في أن يتم الالتفات لها وإعادة التفكير فيها مليًا، فهي ستعود بالنفع على شعوب الثلاث دول، كما أنها ستسهم في خلق نوع من الاستقرار الاقتصادي في الثلاث دول ما يستتبعه استقرار سياسي في حال ثبوت التحالف الاقتصادي بين الدول الثلاث.