الأستاذ خيري حسن يكتب: حليم ... وزمنه!

ذات يوم اتصل مسئول العلاقات العامة بنقابة الصحفيين بالأستاذ محمود عوض وقالوا له: "يا أستاذ محمود لازم تيجي تُكمل مقدمة حجز سيارتك ( اللى حجزتها من شركة النصر للسيارات - فيات ١٢٨ ) وتستلمها والنهاردة آخر يوم. وهذا الأمر ضرورى ولا يتحمل أي تأخير"؟
- "حاضر.. "!
بعد ساعة مرت من الوقت احتار فيها محمود عوض:" طيب أجيب منين دلوقتى ١٥٠٠ جنيه؟ ( كان هذا هو المبلغ المطلوب) وبعد فترة من التفكير قال:" مفيش غيره .. أروح استلفهم من حليم" !
- ••
(منزل حليم - بعد ساعة)
- أيه يا محمود صاحي بدري ليه؟
عايز ١٥٠٠ جنيه!
- والله يا محمود البيت ما فيه فلوس!..ثم أردف قائلاً: "استني أسأل اللى فى البيت معايا يمكن فيه فلوس وأنا معرفش! ردوا وقالوا:" "مفيش غير ١٠٠ جنيه تقريبا"
حليم سكت ولم ينطق ومحمود عوض كذلك لم ينطق وشعر بالإحراج والخجل .. لكن ما الحل؟
بعد دقائق قال حليم:
"لحظة واحدة يا محمود ثم طلب من السفرجى أن يذهب إلى بيت سفير عربي صديقه كان يسكن بجواره فى حى الزمالك .. بعد ١٠ دقائق عاد السفرجى ومعه ٣ الآف جنيه
- حليم: "أنت قلت له آيه"؟
"قلت له الأستاذ عايز ١٥٠٠ جنيه.. لقيته بيديني ٣٠٠٠ جنيه وقال لى قول للأستاذ لو يحب ابعت له دفتر الشيكات كمان مفيش مانع"؟!
ضحك حليم وهو يفرك عينيه من النوم الذى طار فى ذلك الصباح بسبب هجوم محمود عوض المفاجئ والمباغت. وقال وهو يضحك:" يله يا عم محمود ٣٠٠٠ مش ١٥٠٠ جنيه حلال عليك" قال ذلك ثم دخل إلى سريره يكمل نومه؛ فيما كان محمود عوض منهمك فى أخذ ١٥٠٠ جنيه فقط لا غير، وترك الباقي فى مكانه على الترابيزه أمامه وغادر مسرعاَ!
- ••
(الشقة - بعد ٣ ساعات)
عاد محمود عوض ومعه السيارة التى ركنها أمام العمارة، وصعد بسرعة إلى شقة حليم ودخل عليه سريره.
- "خير يا محمود تاني"؟
- "اصحى بس أوريك حاجه..قوم يا عم تعال" ثم ترجلاَ سوياَ حتى وصلا إلى شرفة حجرة النوم ومنها أشار محمود له قائلاَ:" هذه سيارتي التى دفعت فيها المقدم اللى اقترضته منك هذا الصباح"
- "طيب الف مبروك يا محمود...ادخل افطر بقي وسيبنى أنام يا أخى"!
- ••
(القاهرة - ٢٠٠٨)
يا أستاذ محمود عندي سؤال؟
- اتفضل يا سيدي!
حليم - وأنت توقظه من نومه فى ذلك الصباح - وتطلب منه هذا المبلغ الكبير ( بمقايس هذا الزمان ) ألم يسألك ولو من باب الفضول:" عايز الفلوس دي كلها ع الصبح كده فى أيه يا محمود " ؟!
نظر لى الأستاذ محمود بتأثر شديد وقال:" تصدق.. لم يسألنى ولم يعرف فيما ستذهب هذه الفلوس التى استلفها لى؛ إلا وأنا أوقف السيارة أمام بيته فى ذلك اليوم"
----------------------------
حليم.. وزمنه...
كان عصراَ. وكانوا رجالاَ.
----------------------------
- الأحداث حقيقية.. والسيناريو من خيال الكاتب.