عبد النـاصر... من الثورة إلى الخلود

 عبد النـاصر... من الثورة إلى الخلود

بقلم: عمرو صابح

جمال عبد الناصر عاش 52 سنة فقط، منهم 18 سنة حاكمًا لمصر.

أسس تنظيم الضباط الأحرار وعمره 30 سنة.

قاد الثورة وعمره 34 سنة.

طرد الإنجليز وعمره 36 سنة.

أمّم القناة وعمره 38 سنة.

أقام أول وآخر وحدة اندماجية في تاريخ العرب المعاصر وعمره 40 سنة.

استرد مصر من الأجانب وعمره 43 سنة.

أنجز أنجح خطة خمسية في تاريخ مصر المعاصر وعمره 47 سنة.

ومات وعمره 52 سنة بعدما أعاد بناء الجيش المصري وبنى أكبر حائط صواريخ في العالم، وترك الجيش المصري مستعدًا لحرب التحرير.

عبد الناصر أنشأ قطاعًا عامًا قُدِّر ثمنه في بدايات التسعينيات من القرن الماضي بـ1400 مليار دولار، وترك 1200 مصنع للصناعات الثقيلة والتحويلية والعسكرية. وكان الناتج القومي المصري سنة 1970 أعلى من الناتج القومي الكوري الجنوبي، وكانت صادرات مصر إلى الصين أكبر من صادرات الصين إلى مصر، كما أن نسبة التنمية في مصر كانت أعلى من نسبة التنمية في إيطاليا. وفي عام 1969 حققت مصر أعلى إنتاجية لمحصول القطن عبر تاريخها كله. أما الديون التي كانت على مصر يوم وفاته فبلغت 1.8 مليار دولار، معظمها ديون للاتحاد السوفيتي، وقد تنازل عنها السوفيت في عهد مبارك.

عبد الناصر بنى السد العالي، أعظم مشروع هندسي تنموي في القرن العشرين وفقًا لاختيار الأمم المتحدة في عام 2000. السد العالي يحمي مصر من الفيضان والجفاف والعطش، وبحيرة ناصر هي خزان مصر المائي في مواجهة مؤامرات الأحباش.

حينما يحكم رجل كهذا عاش عمرًا قصيرًا بمقاييس الزمن، وأنجز كل ذلك في ظل حروب طاحنة ضده، بل وفي ظل نظام حكم يضم شخصيات معادية له، وتجد شابًا لم يقرأ مرجعًا واحدًا محترمًا عن تاريخ عبد الناصر، ومعلوماته كلها مستقاة من تفاهات الصفحات الإخوانية والليبرالية والصهيونية على "فيس بوك"، وأقصى إنجازاته في الحياة، وهو في عمر جمال عبد الناصر حين قاد الثورة، أن يتزوج وينجب ويشتري سيارة، ثم يجلس ليشتمه ويسخر منه.

الصراصير تبيض يا بُني، والبيضة الواحدة تُخرج صراصير أضعاف الأولاد الذين ستنجبهم طول حياتك، والأموال التي جمعتها وما زلت تجمعها ستذهب بموتك للورثة، ولن يتذكرك أحد.

رجل مات منذ 55 سنة، وتم الانقلاب على كل توجهاته الاقتصادية والاجتماعية منذ 51 سنة، ويتعرض لحملة ضارية لاغتيال شخصيته منذ وفاته، وتجد الآن أناسًا يشتمونه ويلقون عليه أسباب فشلهم، فهذا دليل على أنه رجل خارق للطبيعة ويؤكد عجزكم وقلة حيلتكم.

جمال عبد الناصر، مفجر الأحلام وصانع المستحيل، مات صغيرًا ولكنه عاش كرمز طويلاً، وسيبقى ذكره للأبد.

سلام عليك في عليين أيها الثوري الفذ والأخير في تاريخ أمتنا حتى الآن.