الحرب الناعمة والشباب

بقلم/ محمد إيهاب
قبل أن نتطرق للحديث عن الحرب الناعمة يجب أن نعرف من أين نشأ المسمى نفسه؟
يعتبر مصطلح الحرب الناعمة اشتقاق من كلمة القوة الناعمة كما سماها البروفيسور جوزيف ناي نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق، وقد عرفنا القوة الناعمة في المقال السابق بأنها القدرة على التأثير في سلوك الأخرين مما يجعل الطرف المُتأثر ينخرط في حالة من الانفعال أو الهزيمة دون أي استخدام للقوة من الطرف المؤثر وذلك عن طريق التأثير النفسي بالإعلام، الفن، الرياضة وكذلك الطعام والشراب والملبس، إذاً فالحرب الناعمة هي استخدام هذه القوة نفسها.
تختلف الحرب الناعمة عن الحروب العسكرية والسياسية وكذلك النفسية رغم أن بعض الأهداف واحدة، ولكنها تركز قوتها نحو الطبقة العامة وليس السياسيين ولا العسكريين، يُظهر فيها الطرف المؤثر نفسه بطلاً، أن الحياة في بلاده هادئةً ومليئةً بالحرية والرخاء الاقتصادي والمعيشي، وهدفه الرئيسي الأول أن يُحدث حالة من الضجر لدى شعب عدوه، فيصبح شعبا ناقماً على حاله وعلى بلاده ويتطلع للهروب للرخاء من وجهة نظره التي رُسمت له في بلاد أعدائه.
إذن السؤال هنا: ما هي حقيقة الحياة في هذه البلاد؟
دائماً ما تكون الكذبة جزءاً من الحقيقة حتى يصدقها العقل، الحقيقة أنه لا مُجتمع كامل، إن أي مجتمع به سلبياته وإيجابيات وكذلك العادات والتقاليد تختلف من مكان لأخر، ما تقبله هنا غيرك لا يقبله هناك والعكس صحيح، فما يظهر لك من هذه المجتمعات ماهي إلا محاولة تجميل للواقع ليس إلا وإظهار الإيجابيات بصورة أفضل.
ولِما الشباب؟
سأجيبك بطريقة أخرى، كلنا نُعانى من الكسل أحياناً ونصبح في حالة ضيق شديد نتيجة لذلك ولا نستطيع أنجاز أي عمل نقوم به في أوقات النشاط الأخرى، كذلك الشباب بالنسبة للدولة؛ هو من يعمل للبناء والتطوير، هو من يُحرك كل ساكناً للأفضل، ببساطة هو النشاط الذي يُريد عدوك أن يُخمده فيك.
وماذا إذا تأثر الشباب بما يُريده الأعداء؟
ستُسلب الإرادة، وكذلك العادات والتقاليد الإيجابية التي تربينا عليها، لأنه قد أضاع وقتك وصحتك بإدمان وسائل التواصل والتصفح على الانترنت، توجيه الإعلام لتوصيل رسائل معينه للشباب بهدف التلاعب بميولهم وأفكارهم، والأخطر من ذلك هو استهدافهم لقيم الدين ومحاولة رسم الحرية على أنها التخلص من معتقدات الدين، وكذلك محاولة تحريف الآيات وتفسيرها بشكل خاطئ يخدم مصالحهم وأهدافهم.
ألم تشعر بالخطر بعد؟
حسنا لنرى إذا كنت لم تتأثر بأحد الأفلام الأجنبية أو المُسلسلات المُترجمة والمدبلجة للغة بلدك ، إذا كنت لم تتأثر فيكفى أنك أضعت بعض الوقت أمامها بلا جدوى ، ولكن يوجد غيرك تأثر بها وبالشخصيات التي رأها والمجتمع الذى شاهده وبدأ يُقارن في نفسه بين الواقع من حوله وما شاهده ، وأخر يود أن يفعل كما رأى في المسلسل داخل مدرسته أو مع أصدقائه في الشارع لأنها حرية من وجهة نظره بعد مشاهدة الفيلم ، وأخرى شاهدت هذا الفيلم وتأثرت بالبطل وتود أن تسمى رضيعها على أسمه لأنه جديد ومميز ، وشركة أنتجت ملابس الفيلم ويرتديها أغلب الشباب ، أليس كل هذا تلاعب بثقافتك وعقلك وهويتك؟
مازلت لم تقتنع؟
ولكنك تشترى من أحد المطاعم من أجل علامته التجارية العالمية قبل جودته، وتشترى نوعًا ما من القهوة حتى تلتقط صورة بالعلامة التجارية الموجودة على الكوب وهذه هي القوة الناعمة التي تأثرت بها دون أن تشعر.
الهدف من هذا المقال هو أن تفهم ما يدور حولك، أن لا تُصدق كل ما تراه في التلفاز أو على الإنترنت، حكِّم عقلك قبل أن يتحكم فيه غيرك، تحكم في مشاعرك وميولك وأوقات فراغك وأستمتع بكل لحظة تعيشها بسلام ، لا تُضيع حياتك من أجل اللاشئ.