هل آن أوان الدبلوماسية الشعبية؟

هل آن أوان الدبلوماسية الشعبية؟
المركز الديمقراطي العربي

بقلم/ روان خالد محي الدين - باحثة سياسية 
                                                                               
في عالم يموج بالأزمات السياسية والتحديات الإقتصادية والصراعات الإعلامية، لم تعد الدبلوماسية الرسمية وحدها صاحبة القرار في الساحتين الدولية والإقليمية، بل أصبحت الشعوب، بما تملكه من ثقافة وموروثات وقيم مشتركة، ركيزةً رئيسيةً في تشكيل صورة الدول الخارجية وتعزيز جسور التفاهم على كافة الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية.

واليوم، بينما تتبادل الشعوب الإتهامات ضد بعضها البعض، وتتراجع مساحات الثقة، وتتناثر معها القواسم القومية المشتركة من عادات وتقاليد وإرث حضاري إقليمي. يجب علينا أن نتساءل: أليس الآن، أكثر من أي وقت مضى، هو التوقيت الأمثل لتوظيف الدبلوماسية الشعبية بمفهومها الشامل، كأداة للإنفتاح والتواصل وإعادة بناء جسور التفاهم بين الشعوب؟

لقد أضحت الدبلوماسية الشعبية ضرورة مُلحة وليست رفاهيةً أو أمرًا ثانويًا، فهي تُمثل حلقة الوصل التي يُمكن من خلالها ليس فقط تصحيح الصور النمطية الخاطئة وسوء الفهم غير المقصود، بل أيضًا خلق مساحات حديثة للتعاون متعدد المستويات والأطراف. فضلاً عن أن تأثير الدبلوماسية الشعبية يمتد إلى صناعة الرأي العام على الصعيدين الإقليمي والدولي، بما يمنحها ثِقلاً لا يقل تأثيره عن الدبلوماسية الرسمية لا سيَّما فيما يتعلق بصنع السياسة الخارجية بين الدول.

وقد شهد التاريخ الحديث تجسيدًا ملهمًا فيما يتعلق بمجال الدبلوماسية الشعبية، مثل دور "الدبلوماسية الرياضية، والثقافية، والتعليمية، والشبابية، .... إلخ" في تعزيز التقارب الحقيقي بين دول كانت علاقاتها السياسية أو الإقتصادية متوترة، علاوةً على المبادرات الطوعية الإنسانية العابرة للحدود التي أسهمت في دعم المجتمعات المتضررة أثناء الأزمات لا سيَّما خلال أوقات الكوارث الطبيعية من الزلازل والبراكين والفيضانات. ومع ذلك، لا تزال هناك عدة تحديات تحدّ من فاعليتها، ومنها، على سبيل الذكر لا الحصر، التأثير غير الإيجابي لبعض الأزمات السياسية التي قد تُضعف الثقة بين الشعوب، أو تفرض قيودًا على التواصل الثقافي أو الإعلامي أو كليهما فضلاً عن غياب التنسيق المؤسسي بين المبادرات الفردية والحكومية في بعض الأحيان.

وختامًا، أؤكد إنه حين تتراجع لغة السياسة الرسمية، تظل لغة الشعوب، بما تحمله من صدق وإنسانية، قادرة على اختراق الحواجز. ولعل السؤال المطروح اليوم ليس فقط: هل آن أوان الدبلوماسية الشعبية؟ بل أيضًا كيف نحول الدبلوماسية الشعبية بمفهومها الشامل من شعار إلى ممارسة حقيقية على أرض الواقع؟