الدول العربية تهدم المعبد  .... في "مالابو"

الدول العربية تهدم المعبد  .... في "مالابو"

 

من كتابات المفكر الراحل الأستاذ / حلمى شعراوي

بتاريخ السادس والعشرين من نوفمبر العام ٢٠١٦م.

يقول من يقابلوننا من أبناء الدول الإفريقية – جنوب الصحراء- أن الدول العربية هي دائما سبب المشاكل في القارة السمراء ، سواء بنزاعاتها المباشرة فيما بينها أو بسبب مشاكل داخلية  فيها . يقولون ذلك رغم معرفتهم بأن اللقاء العربي لمصر والمغرب والجزائر ( حتى وهى مؤقته) مع نظرائهم من غانا ومالي وغينيا ، أي دول شمال وجنوب  الصحراء كانت هي مؤسسة مجموعة " الدار البيضاء" ( يناير ١٩٦١) ، وقاتلت معا الإمبريالية الغربية في الكونغو لانقاذ " لومومبا" ، وإن لم تنجح – ولكنها هي نفسها أسست أول مواثيق التعاون الفعلى التى انتقلت بها لتأسيس " منظمة الوحدة الإفريقية " ، بتنازلات لاتنكر قدمها "عبد الناصر" و"نكروما" مثلا " لهيلاسلاسى "  و"نيريرى" ...و...الخ . ولا نريد هنا أن نعيد دلالات كل تفصيله عن الظروف الضرورية لحدوث ما حدث ...!

 لكن المهم الآن أن ننظر فيما يحدث خلال العقود الأخيرة ...، وإلى أية حقائق يشير إليها المتشائمون من الواقع العربي ومواقف العرب منذ عدة عقود للحيلولة دون بناء قوة اقليمية سليمة، ومثلما اليوم في القمة العربية الإفريقية، هي مشكلة الجمهورية الصحراوية مع المغرب.  وللمغرب تجارب غير سعيدة في هذا الاطار...، فقد كانت موريتانيا نفسها عند الاستقلال١٩٦٠، موضع اعتراض المغرب على استقلالها، لأنها جزء من المغرب، وأن استقلالها مؤامرة من الاستعمار الجديد – كما دفعت المغرب " مجموعة الدار البيضاء في" إفريقيا ومؤتمر "شتورا" العربي في المشرق لإعلان ذلك وقتها! . وبعد سنوات اعترفت بها المغرب، بل واقتسمت اقليم " الجمهورية الصحراوية " معها، حتى فضت موريتانيا الشراكة ...وعند اعتراف منظمة الوحدة الإفريقية بالصحراء انسحبت المغرب منها لتبقى جمهورية الصحراء على حدود المغرب والجزائر. وتتحرج معظم القوى الجزائرية من المضي في تحدى وجودها، لأنها كانت مستعمرة، ومسجلة في لجنة تصفية الاستعمار، وعاملتها منظمة الوحدة الإفريقية كمستعمرة ، ثم دولة مستقلة بانسحاب المستعمر ...والجزائر دولة تحرر وطني قديمة ... فكيف يمكن اذن حل  هذا اللغز ؟

  كذلك كان حال دولة عربية ازاء قضية "ليبيا" مع معارضي "تشاد" في شمال "تشاد" لسنوات من الثمانينات، مما أدى إلى انفضاض القمة الإفريقية نفسها في طرابلس حوالى ١٩٨٤ ، بسبب الخلاف حول من يُدعى من التشاديين ؛ الحكومة أم المعارضة !

 وقريبا من ذلك كانت مشكلة جنوب السودان، هل هو انفصالي" تدعمه هذه وتلك من الدول الإفريقية أو العربية المجاورة؟ أم محاولة حل تشرف عليه مجموعة "الإيجاد" في شرقي إفريقيا ..أم تنقسم الدول العربية والإفريقية ، حول شخصية قوية مثل الزعيم "قرنق" وشعب الجنوب المقاتل لعدة  عقود؟

 وليست مشكلة الصومال العربية بأقل حدة منذ قاد " سياد بر ى " جيوشه ليحتل الجزء الشرقي من اثيوبيا ( الأوجادين) بتأييد دول عربية بالطبع ورفض الكثيرين من حول اثيوبيا  لهذا السلوك المدفوع من الغرب ضد نظام "منجستو" المدعوم من الشرق !

 ثم كانت " كامب ديفيد " ودخلت مصر بثقلها لتعويض الرفض العربي بالضغط الدبلوماسي في إفريقيا، التي انقسمت بدورها حول دعم الحل الأمريكي الإسرائيلي أم رمزية تنازل مصر عن جوهر الصراع التحرري مع إسرائيل الموسومة في خانة الاستعمار الجديد منذ عام ١٩٦١ ؟؟؟

 حتى وصلنا لظاهرة الإسلام السياسي والتطرف الدينى ، والجماعات الإرهابية من أقصى شرقي القارة لغربها ، والذى أصبح  -  بفضل "اسلام العرب" في نظر كثير من الأفارقة -  ظاهرة عالمية ولم يقتصر على العرب ....!

 كثير من النزاعات الإفريقية –الإفريقية، تم حلها دون مشاكل للعب  .. منذ النضال ضد الابارتهيد حتي مشاكل نيجيريا او الكونغو او زيمبابوي ..... الخ ..بل إن المغرب طرحت مؤخرا العودة إلى" الإتحاد الإفريقي " ولاقت ترحيبا وهي تعلم ان "الصحراويين " هناك  !! ويزور مليكها في نفس الأسبوع ست دول إفريقية، وتستثمر وتتبادل مع إفريقيا بما يصل تقريبا  إلى أكثر من ٢٠ مليار دولار في القارة ، ثم تفجر المشكلة بسبب علم مرفوع وكرسى خال ، اتفق أن يبقى رمزيا فقط نتيجة مساعي " غينيا الاستوائية " ، مع الصحراويين والجزائر لتمرير المشكلة ، ولكن  عددا من دول  العرب ينسحبون فجأة في حشد من ثماني أو تسع دول بسبب هذه الاعلام  بما هدد بقاء انعقاد المؤتمر . لكن اتخاذ قرار الاستمرار ، وفيه مصر والسودان والحكومة الشرعية في ليبيا مع الجزائر ، سيشير إلى قول آخر...

 ولننظر لفارق السلوك من قبل " الأفارقة" الذين وقع أكثر من عشرين منهم منذ مدة نداء للصحراويين للانسحاب طوعيا تمهيدا لدخول المغرب المقرر مناقشة عودتها في قمة يناير القادم ..! ولا يمكن خروج الصحراء تلقائيا لأن قرار “الطرد " يحتاج لثلثي أعضاء الإتحاد، وهناك زخم الجزائر وجنوب إفريقيا ...! اللذين قيل أنهما يقودان التشدد مع المغرب ، مقابل السنغال وكينيا على الجانب الآخر .  بل ووقفت اثيوبيا مع التشدد تجاه المغرب ،  بسبب علاقة الصداقة مع الجزائر  رغم زيارة الملك  ومشروع المخصبات والزراعة المغربي المعروض في اثيوبيا ( ٣ مليار دولار ) ..؟

 الجامعة العربية في مالخليج مؤخرا ودول الخليج بالطبع لأسباب لا تخفى ، ومصر في مأزق وهى في حاجة للدعم المعنوي الإفريقي بعد نجاحها في تجاوز أزمة الاعتراف  واقترابها الجديد  عبر قضايا الأمن الإقليمي بالأساس مع دول الساحل والصحراء ، والجزائر نفسها كانت تقترب من الخليج  مؤخرا بسبب  أزمتها الاقتصادية ، ودول الفرنكفون  في مأزق ، والملك يزور ست دول معظمها   فرنكفونية ، بينما الأمين العام والامم المتحدة تعيد اثارة الموقف لصالح الصحراء ( لابد بدفع أمريكى) ، بينما تراهن المغرب على أن الامم المتحدة لم تعترف بدولة الصحراويين ، ومن ثم يتوجب إقصاؤهم من "الاتحاد الإفريقي" ...! هكذا يغيب مفهوم القوة الاقليمية لهذه المجموعة العربية الافريقية التي كان يمكن ان يكون لها شان على مستوي كتلة الجنوب بينما التصميم قائم للخروج من التاريخ ..... الا من رحم ...!

 نسيت أن أنبه إلى أن مؤتمر القمة العربي الإفريقي الرابع يجتمع تحت شعار "الشراكة العربية الإفريقية للتنمية المستدامة والتعاون الاقتصادي" !...وأن أبناء القارة يموتون في عرض البحار ، وأن الرئيس الأمريكي المنتخب يهدد التجمعات الإقليمية بضرورة الاعتماد على نفسها ..!فهل فهم العرب ذلك ؟