الجهود المصرية في ملف مكافحة الإرهاب

كتبت/ سلوى حسين أبو ضيف
تمضي مصر مؤخرًا خطوات سريعة ومتواصلة نحو تنمية سيناء، تنفيذ استراتيجيتها الوطنية لتنمية المنطقة، حيث تعمل من خلال مسارات متنوعة ومتوازية من أجل تحقيق الربط الجغرافي والتنموي بين شبه جزيرة سيناء والوادي والدلتا، لكي تصبح مصر إقليما واحدًا؛ حيث حرصت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية على المضي قدمًا من أجل تعزيز جهود الإعمار، والعمل على تطوير البنية التحتية، وكذلك إنشاء شبكة طرق قوية وعملاقة، مع إطلاق مجموعة من المشروعات القومية في مختلف المجالات، الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية والسياحية، كما تسعى الدولة من الاستفادة بتوافر المقومات الطبيعية والتاريخية داخل سيناء ومدن القناة، وذلك لتحسين حياة أهلها وسكانها والارتقاء بالمستوى المعيشي لهم، وتعزيز الاستثمار في العنصر البشري بما يضمن إدماج مختلف فئات المجتمع في عملية التنمية، بجانب العمل على توفير كافة سبل الدعم والتيسير لتحفيز مناخ الاستثمار، وتوفير بيئة أعمال فعالة وتنافسية، تصبح بها سيناء أحد الروافد الداعمة للاقتصاد الوطني، وذلك بعد أن تمكنت الدولة المصرية من إرساء وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار بها عقب سنوات من التضحيات والتحديات في سبيل استئصال جذور الإرهاب، لتسهم تلك الجهود سواء الأمنية والتنموية معاً في تحسين النظرة الدولية لملف تنمية سيناء ومستقبلها.
هذا، ويسلط المقال الضوء على جهود مصر في مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل الأوضاع التي شهدتها الدولة عقب سقوط نظام الإخوان المسلمين، وذلك عبر التطرق إلى المشهد الأمني في البلاد قبل وضع استراتيجية مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى استعراض جهود مصر في هذا الصدد، مع الوقوف على التحديات التي تواجه الدولة في ملف مكافحة الإرهاب فضلًا عن تسليط الضوء على دور القوات المسلحة واتحاد قبائل سيناء في التعاون المشترك والقضاء على الإرهاب.
أولًا: الوضع الأمني في سيناء قبل وضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب
وفيما يتعلق بالمشهد الأمني في سيناء بعد أحداث 30 يونيو 2013، وما تلاها من سقوط نظام الإخوان المسلمين، وزعزعة الاستقرار الداخلي، فإن المشهد الأمني كان يعاني من حالات الفوضى وانتشار العمليات الإرهابية لبعض الجماعات التكفيرية داخل سيناء، والتي استغلت الحالة التي تمر بها البلاد، لا سيما وأن هذه الجماعات استطاعت ترسيخ نفسها داخل بعض المناطق في سيناء من أجل خدمة أهدافها ومصالحها، مستغلة تمركزها والتضاريس الصعبة داخل سيناء، فضلًا عن تهميش سيناء لفترات طويلة.
وفي هذا السياق، فإن الحالة الأمنية التي عانت منها سيناء على مدى عقود قد مثلت تهديدًا كبيرًا على القطاعات السكانية في هذه المنطقة، والتي آثرت أيضًا على الخدمات الأساسية، فيمكن القول أن هذه الأوضاع الأمنية التي مرت بها سيناء قد أدت إلى غياب التنمية، لا سيما فيما يتعلق بالبنية التحتية والخدمات كالصحة والتعليم، والمشروعات الاستثمارية، وشبكة الطرق والكباري والمواصلات، والتي تعد عاملًا أساسيًا للتنمية في أي منطقة، وكذلك عوامل لجذب المستثمرين لإقامة المشروعات المختلفة لخدمة الشباب والمجتمع، ووفقًا لآخر تعداد لمعدلات الأمية، فإن نسبة الأمية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء ارتفعت، كما قاربت معدلات الأميين والمتعلمين تعليمًا أقل من المتوسط بشمال وجنوب سيناء إلى 58% من إجمالي سكان المحافظتين، أي ما يقارب ثلثي السكان.
ومع غياب الحالة الأمنية في سيناء، وتحول المنطقة إلى منطقة تمركز بعض الجماعات، التي عملت على تنفيذ بعض المخططات الإرهابية، وأعمال التفجير ومهاجمة المقرات والكمائن الأمنية، ومناطق تمركز الجنود والمناطق الحيوية، لا سيما وأن هذه المنطقة تمثل أمنيًا قوميًا لمصر كونها خط الدفاع الأول عن مصر من الجهة الشرقية؛ حيث عانت سيناء لفترات طويلة، حتى وضعت القيادة السياسية منطقة سيناء ضمن أولوياتها في التنمية المجتمعية للبلاد.
ثانيًا: جهود الدولة المصرية في ملف مكافحة الإرهاب
شهدت ملف مكافحة الإرهاب اهتمامًا كبيرًا من القيادة السياسية عقب أحداث ثورة 30 يونيو، وسقوط نظام الحكم للإخوان؛ حيث نجحت مصر في تطويق ودحر الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي انتشرت في مصر بعد أحداث 25 يناير 2011؛ سواء في سيناء أو في غيرها من المناطق التي سعت الجماعات الإرهابية تعزيز نفوذها بها لممارسة أنشطتها المختلفة ضد استقرار الدولة المصرية أو في المنطقة، وتمكنت الحكومة المصرية مؤخرًا بفضل جهودها من خفض وتيرة العمليات الإرهابية، مقارنةً بتلك المعدلات "الغير مسبوقة" التي شهدتها الدولة خلال عام 2014، نتيجة توسع أنشطة هذه الجماعات عقب سقوط نظام جماعة الإخوان المسلمين، لكن الدولة تمكنت من محاضرة الجماعات وتحجيم أنشطتها ومتابعة أماكن تواجدها وحصر مصادر تمويلها، بالإضافة إلى تشكيل عدة لجان لمكافحة هذه العمليات ومصادر تمويلها.
ويعد ملف الإرهاب واحدًا من أهم التحديات التي واجهت الدولة المصرية منذ عام 2014، وهو الخطر الأكبر الذي كان يقوض توجهات مصر للتنمية والاستقرار؛ إذ بذلت جهود كبيرة وتضحيات من أجل تعزيز سيادتها على كافة أرجاء الدولة وتحقيق الاستقرار والأمن في الإقليم، ومع سعي مصر الدائم والمتواصل للقضاء على الإرهاب نجحت مصر في بناء استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب، وتولي السيد الرئيس "عبد الفتاح السيسي" مقاليد الحكم وسط ظروف وتحديات أمنية غير مسبوقة على مصر، لذا سعى إلى تعزيز أركان الدولة المصرية في مواجهة خطر الإرهاب في مصر والمنطقة، وقام بجهود كبيرة في هذا الملف، وطرح عددًا من المبادرات لمواجهة خطر الإرهاب ومكافحة التطرف، داخليًا وخارجيًا:
جهود مصر على الصعيد الداخلي
• طرح السيد الرئيس في يوليو 2014 مبادرة "تصحيح وتصويب الخطاب الديني"، لتصحيح مساعي جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الدينية في تلك الفترة من بسط سيطرتها على الخطابات الدينية داخل المجتمع المصري، بالإضافة إلى بث بعض الأفكار المتطرفة لخدمة أفكارها ومصالحها بالمجتمع، تحت غطاء الدين.
• وجه السيد الرئيس خلال طرح توصيات المؤتمر الوطني الأول للشباب بمدينة شرم الشيخ في أكتوبر 2016، إلى ضرورة تعزيز التعاون بين الحكومة والأزهر الشريف والكنسية المصرية مع جميع الجهات بالدولة، والعمل على وضع ورقة عمل وطنية تمثل استراتيجية، وذلك من أجل وضع أسس سليمة لتصحيح وتجديد الخطاب الديني، بما يحافظ على الهوية المصرية بكافة أبعادها.
أصدر السيد الرئيس في يوليو 2017 قرارًا بإنشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، والذي يتضمن حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية المختلفة من أجل توعية المجتمع بمخاطر الإرهاب ومعالجة مسبباته وآثاره، بالإضافة إلى إقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف، داخليًا وخارجيًا، مع وجود تنسيق مع المؤسسات الدينية وأجهزة الأمن من أجل تجديد الخطاب الديني، ويحق للمجلس وضع الأطر القانونية والدينية والإعلامية لمكافحة الإرهاب والتطرف على الصعيد الوطني، مع اقتراح آليات وإجراءات أمنية وقانونية جديدة لمتابعة تنفيذ تلك الأطر.
الاستراتيجية الشاملة لمواجهة الإرهاب
بدأت الدولة في تنفيذ الاستراتيجية الشاملة لمواجهة الإرهاب منذ عام 2014، وتستند الاستراتيجية على عدد من المحاور المترابطة، يتمثل المحور الأول رصد ومتابعة كافة الشبكات والجماعات الإرهابية في مصر، والعمل على تفكيك قواعد الدعم اللوجيستي، وقطع جسور الإمدادات والتمويل سواء الداخلية أو الخارجية، مع ضرورة تشديد الحصار عليهم، تزامنًا مع تشديد الرقابة والتأمين على الحدود وكافة الاتجاهات الاستراتيجية بالتعاون مع كافة الأجهزة المعنية. المحور الثاني يتمثل في العمل على تنفيذ حملات المداهمة وتوجيه الضربات الاستباقية، وذلك بالتعاون مع المواطنين بمختلف المحافظات وأهالي سيناء. بالإضافة إلى المحور الثالث والذي تضمن البدء الفوري في تنفيذ مشروعات تنمية شاملة والتنمية المستدامة في مصر، والعمل على تحسين أوضاع المعيشة داخل المجتمع، والعمل على محو البيئة المغذية للإرهاب، تعزيز مشاركة الشباب وتمكينهم لمنع استقطابهم فكريًا.
استراتيجية التنمية لمحاربة الإرهاب
تضمنت استراتيجية الدولة كيفية إيجاد بيئة تعاونية بين المواطنين والأجهزة الأمنية لمواجهة الإرهاب، وزرع ثقة الشعب في الحكومة والقيادة السياسية، وهو ما أدى إلى تعاون قوي وحقيقي بين المواطنين والحكومة، لا سيما التعاون الذي قدمه أهالي سيناء للقوات المسلحة في مواجهة الجماعات الإرهابية.
اعتمدت الدولة في استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب على التنمية، لا سيما داخل سيناء، والتي عانت لفترات طويلة من التهميش ونقص الموارد والخدمات؛ حيث وضعت القيادة السياسية ملف تنمية سيناء على رأس أولويات عمل الحكومة، لا سيما فيما يتعلق بملف قبول أبناء سيناء في الكليات العسكرية المصرية، بالإضافة إلى تدشين مشروعات قومية عملاقة لإعادة تأهيل البنية الأساسية والخدمات.
إطلاق وزارة الخارجية التقرير الوطني حول مكافحة الإرهاب 2021
استعرض التقرير الإنجازات التي حققتها الدولة على المستوى الوطني، وتحقيق المقاربة المصرية الشاملة للتعامل مع الأبعاد المختلفة لظاهرة الإرهاب؛ حيث تطرق إلى المنظومة التشريعية لمكافحة الإرهاب بما في ذلك التشريعات الوطنية وتعديلاتها التي تتسق مع التزامات مصر الدولية ذات الصلة، كما يعرض للتجربة المصرية الرائدة في مجال التوعية والوقاية من الفكر المتطرف والتحريضي، والتي تستند إلى المبادرة التي أطلقها السيد رئيس الجمهورية في عام 2014، لتجديد الخطاب الديني، مع ضرورة المواجهة الفكرية والاهتمام اللازم لتحصين فئات المجتمع، خاصة الشباب، من مخاطر الاستقطاب الفكري، كما تناول التقرير الجهود الأمنية المبذولة لملاحقة التنظيمات الإرهابية وتقويض قدرتها على تنفيذ العمليات التي تمس أمن واستقرار الوطن، وجهود مكافحة تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه.
إطلاق وزارة الخارجية التقرير الوطني حول مكافحة الإرهاب 2022
أطلقت وزارة الخارجية المصرية في 7 سبتمبر 2022 تقريرًا حول مكافحة الإرهاب لعام 2022 باللغتين العربية والإنجليزية، والذي يستعرض جهود مصر الشاملة في ملف مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وذلك وفقًا للركائز الخاصة باستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، والتي تتضمن تدابير معالجة أسباب تنامي ظاهرة الإرهاب، وتدابير مكافحة الإرهاب والوقاية منه، بالإضافة إلى بناء القدرات الوطنية في مجال مكافحة الإرهاب والوقاية منه وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة، مع ضمان احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون كضرورة لمكافحة الإرهاب.
جهود مصر على الصعيد الإقليمي والدولي
لم تقتصر جهود مصر لمواجهة الإرهاب على المواجهة الداخلية، وإنما وسعت نطاق جهودها على المستويين الإقليمي والدولي، فكان ملف مكافحة الإرهاب على رأس أجندة سياستها الخارجية؛ إذ تشارك بشكل فعال في صياغة التوجهات الدولية ذات الصلة على مستوى المحافل متعددة الأطراف، وفي مقدمتها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، وتحرص على تناول الجوانب المختلفة لتلك القضية في اتصالاتها مع مختلف دول العالم من خلال الأطر الثنائية، وتؤكد على أهمية مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب والوقاية منه، وضرورة مواجهة كافة التنظيمات الإرهابية باعتبارها تمثل تهديدًا مشتركًا للسلم والأمن الدوليين، وتدعو لتعزيز التنسيق بين دول العالم لمواجهة تلك التحديات بأبعادها المختلفة بالنظر إلى تنامى التهديدات الإرهابية، وتتمثل أبرز جهود مصر في هذا الصدد فيما يلي:
• استخدمت مصر نهج الدبلوماسية الرئاسية لمكافحة الإرهاب والتطرف، والتي قام بها السيد الرئيس بنفسه، والتي استهدفت سلسلة من الزيارات لتعريف الدول الأوروبية والإقليمية الصديقة بضرورة التعاون من أجل التصدي لخطر الإرهاب، والذي يشكل تهديدًا عالميًا لا يمكن لدولة منفردة التصدي له.
• أقترح السيد الرئيس "عبد الفتاح السيسي فكرة إنشاء "قوة عربية مشتركة" بجامعة الدول العربية لمكافحة التطرف، والتي تستهدف حفظ وصيانة الأمن القومي العربي ومجابهة الإرهاب، وهو ما وافقت عليه جامعة الدول العربية، في مارس 2015، كما قررت إعداد بروتوكول، يتضمن 12 مادة، لوضع تعريفًا كاملًا وسيناريوهات وافية لمهام القوة.
• ألقى اقتراح إنشاء "قوة عربية مشتركة" الضوء مجددًا على ضرورة تفعيل اتفاقية "الدفاع العربي المشترك"، الموجودة منذ قرابة 70 عامًا؛ حيث أعتبر الأمين العام للجامعة العربية آنذاك "نبيل العربي" أن دعوة الرئيس "السيسي" تكتسب أهمية كبرى في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة العربية، والتي تفرض ضرورة التفكير في صيانة الأمن القومي العربي؛ حيث أن الإرهاب أضحى يمثل الآن تهديدًا لكيانات الدول وسيادتها.
• انضمت مصر إلى "التحالف الدولي ضد داعش"، في سبتمبر 2014، الذي أعلنت الولايات المتحدة تشكيله وضم عشرات الدول، لكنها لم ترسل أي قوات للخارج.
• شاركت مصر في "التحالف الإسلامي العسكرية لمحاربة الإرهاب"، الذي أعلنته المملكة العربية السعودية في ديسمبر 2015، والذي يضم ما يقرب من 14 دولة عضو، يعملوا معًا لتنسيق وتكثيف الجهود في الحرب الدولية على التطرف والإرهاب والانضمام إلى الجهود الدولية الأخرى الرامية إلى حفظ الأمن والسلم الدوليين.
• كما أكد الرئيس السيسي خلال مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير 2019 إن "عدم الاستقرار وظاهرة الإرهاب يمسّان أمن العالم، كما أكد على ضرورة التعامل في هذا الصدد بشكل متكامل وبتعاون دولي حاسم.
• اقترح الرئيس "السيسي" خلال مشاركته بالقمة الأفريقية في فبراير 2020 استضافة مصر لقمة أفريقية تخصص لبحث إنشاء قوة إفريقية لمكافحة الإرهاب، وهو ما يؤكد على حرص مصر على تحقيق السلم والأمن بالقارة الإفريقية.
• دعا الرئيس "السيسي" خلال مشاركته في أعمال الجلسة الافتتاحية للمنتدى العربي الاستخباري في فبراير 2021 إلى ضرورة وحدة الدول العربية في مواجهة التنظيمات الإرهابية المدعومة من الخارج، كما شدد على أهمية العمل الجماعي في إطار الأخوة العربية لاستعادة الاستقرار في دول المنطقة كافة، كما أوضح أن المنطقة تشهد حالة من السيولة وتعصف بها الأزمات، وتسعى التنظيمات الإرهابية للاستقرار والتمدد فيها، مدعومة بقوى خارجية إقليمية ودولية تستهدف صناعة الفوضى من أجل السيطرة على مقدرات أوطاننا العزيزة.
• بدء تفعيل العمل بمركز مكافحة الإرهاب لتجمع دول الساحل والصحراء، لتعزيز جهود مصر لدعم قدرات أشقائها من الدول الأفريقية، في نوفمبر 2021، والتأكيد على الدور المصري المحوري في محيطها القاري ويعد المركز أهم مكونات وآليات تجمع دول الساحل والصحراء، من أجل تعزيز الجهود ومكافحة الإرهاب في المنطقة.
• سعت مصر إلى تطوير بنية السلم والأمن الإفريقي ودعمت مبادرة "إسكات البنادق" التي تعد جزءً مهمًا من أجندة 2063 لتطوير القارة الإفريقية، وأولت إنشاء القوة الإفريقية الجاهزة أهمية كبيرة، واقترحت إنشاء وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب تحت مظلة القوة الأفريقية الجاهزة، حيث تمثل قضايا انتشار الجماعات الإرهابية والصراعات في مناطق مختلفة في القارة الإفريقية إحدى أهم القضايا التي حاولت مصر تقديم مبادرات للحد من تداعياتها ومنع تفاقمها.
• استضافة مصر مؤتمر نواب العموم بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في فبراير 2019، وتم فيه توضيح رؤية مصر لمكافحة الإرهاب، والتأكيد على أهمية دور جمعية نواب العموم الأفارقة، في العمل على رفع كفاءة أجهزة الادعاء في القارة وبناء قدرات أعضائها، والدعم المصري لدور الجمعية.
ثالثًا: التحديات التي واجهت الدولة في ملف مكافحة الإرهاب
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن الدولة المصرية واجهت العديد من التحديات في سيناء، لا سيما فيمت يتعلق بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، ويمكن التطرق إلى أبرز هذه التحديات التي واجهتها الدولة في سيناء، فيما يلي:
• غياب الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وهي أداة هامة من أدوات مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والتي من خلالها تستطيع الدولة مواجهة الأفكار المتطرفة، وذلك من خلال وضع استراتيجية للتعامل مع التنظيمات الجهادية، وهو ما أظهرته الاستراتيجية الوطنية المصرية في مكافحة الإرهاب، والفوارق بينها في تطويق الجماعات الإرهابية في سيناء وغيرها من مناطق استهدفتها الجماعات في مصر.
• عدم وجود أدوات مؤسسية يمكن من خلالها الاستفادة من جهود المختصين في مجال مكافحة الإرهاب، حيث أنها تعد وسيلة هامة لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، حيث يتم الاستفادة من خبرات هذه الفئات، لا سيما في التعامل مع تطور الجماعات الإرهابية والحركات المتطرفة، بالإضافة إلى أن غياب هذه الفئة قد يقود إلى عدم حدوث أي تقدم في التعامل مع تزايد الحركات الإرهابية بالمنطقة.
• الطفرة النوعية في العمليات الإرهابية للجماعات داخل سيناء، حيث أن بعض الجماعات الإرهابية غيرت من استراتيجيتها لاستهداف المناطق، كما أن الجماعات أصبح لديها قدرة كبيرة على بناء شبكات قوية للدعم اللوجيستي "الغير تقليدي" لتنفيذ أهدافها، بالإضافة إلى قدرتهم على جمع المعلومات على بعض المناطق، واستخدام سياسة "الكر والفر" في تنفيذها، مع قدرتهم على التخفي وسط المدنيين.
• غياب كبير في عملية احتضان المواطن، مع وجود فجوة مجتمعية بين المواطن ومجتمعه، وهو الأمر الذي قد يساعد على سهولة انضمام الشباب إلى الجماعات الإرهابية، نظرَا لشعور المواطن والشباب بغياب العدالة، وعدم توافر الفرص لهم، وانتشار البطالة، لا سيما في ظل غياب عمليات التنمية داخل سيناء، إذ أن غياب عمليات التنمية وتمكين الشباب بشكل قوي، أدى إلى انتشار ظاهرة "تجنيد" التنظيمات للشباب والعمل معهم.
مصدر الصورة:( الهيئة العامة للاستعلامات)