نماذج المحاكاة - تأهيل وتمكين

بقلم/ محمد طه حسن

باحث ماجستير بكلية التربية جامعة بني سويف

يعتمد استخدام نماذج المحاكاة على تقديم تدريب عملي ومحاكي للمواقف والسيناريوهات التي يمكن مواجهتها في الحقيقة. وتقدم هذه النماذج فرصة للشباب للتدرب على المهارات اللازمة للقيادة واتخاذ القرارات الحكيمة في بيئة محاكاة آمنة ومتعددة الأبعاد. وعن طريق هذه التدريبات، يمكن للشباب تطوير مهاراتهم في التخطيط والتنظيم والاتصال وحل المشكلات والتفكير الاستراتيجي وغيرها من المهارات الحيوية اللازمة للقيادة.

ومن خلال توفير نماذج محاكاة متنوعة، يتمكن الشباب من تجربة مجموعة واسعة من المواقف الحقيقية والتعرف على التحديات التي يمكن أن تواجههم في حالة تقلدهم لاي من المناصب وكيفية التعامل معها بكفاءة وفعالية. وبذلك، يتمكن الشباب من تطوير ثقتهم واكتساب الخبرة العملية اللازمة للتفوق في المهام الحكومية المختلفة.

بالإضافة إلى ذلك، يساهم استخدام نماذج المحاكاة في توسيع رؤية الشباب وتعريفهم بمختلف الجوانب الحكومية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن يواجهونها في الواقع، وهذا يساعدهم على اتخاذ قرارات أفضل وأكثر فهمًا للواقع الحكومي. وبالتالي، فإن استخدام نماذج المحاكاة يعتبر أسلوبًا فعالًا لتمكين الشباب وإعدادهم للمشاركة في مختلف المجالات

وتساهم نماذج المحاكاة في تطوير القدرات القيادية للشباب وتمكينهم من اكتساب مهارات جديدة ومعرفة المفاهيم الأساسية المتعلقة بالإدارة والتخطيط والتنظيم واتخاذ القرارات الحاسمة. وبهذا الشكل، يتم تشكيل شخصيات قيادية قوية ومؤهلة للعمل في المناصب الحكومية وتحمل المسؤولية.

إن إطلاق نماذج المحاكاة هو انعكاس لاهتمام القيادة السياسية بتأهيل وتمكين الشباب كأحد المحاور الاستراتيجية لتدشين جسور التواصل المباشر معهم وإنشاء قاعدة قوية ومتنوعة من الكفاءات بمختلف المجالات لتحقيق رؤية مصر٢٠٣٠ بإعداد جيل قادر علي صنع القرار والمشاركة السياسية.

وتعتبر النماذج التي تقدمها الدولة المصرية من أهم الأدوات التي تساعد على تطوير مهارات الشباب وتأهيلهم للعمل في المناصب الحكومية الهامة. فمن خلال هذه النماذج، يتعرف الشباب على آليات العمل الحكومي ويتدربون على التعامل مع الجمهور وحل المشكلات التي يواجهونها، وتتميز نماذج المحاكاة التي تقدمها الدولة المصرية بالتنوع والشمولية، حيث تشمل مختلف المجالات الحكومية مثل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية.

ومن بين أهم النماذج التي تم تنظيمها في مصر، نموذج محاكاة الدولة المصرية الذي شهده السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في ٢٠١٦ واستمع لآراء شباب البرنامج الرئاسي في آداء الحكومة وآداء المحافظين ، واطلقت ايضاً وزارة الشباب والرياضة نموذج محاكاة برلمان الشباب ومحاكاة مجلس الشيوخ حيث كانت هذه النماذج بمثابة مدرسة سياسية لتدريب الشباب علي كل ما يخص مجلس النواب ومجلس الشيوخ المصري سواء قوانينهم او لائحتهم او اختصاصاتهم ليتثنى للشباب فهم طبيعة عمل هذه المجالس واصقال مهاراتهم وخبرتهم لتأهيلهم ككوادر مستقبلا تستطيع المنافسة في انتخابات المجالس الحقيقية ، واطلق مؤخراً محافظ بني سويف الدكتور محمد هانئ غنيم نموذج محاكاة للمجلس التنفيذي للمحافظة وذلك لتدريب الشباب علي طرق وأساليب إدارة المناصب الإدارية والقيادية وكيفية وضع خطط مستقبلية لحل اهم المشكلات التي يعاني منها المجتمع ومشاركة الجهات المسئولة بتلك الحلول والعمل علي تطبيقها بما هو متاح.

وهناك ايضاً العديد من نماذج المحاكاة التي تم تنفيذها مؤخراً علي الساحة ومنها نموذج محاكاة الأمم المتحدة، نموذج محاكاة جامعة الدول العربية، نموذج محاكاة cop27 ، نموذج محاكاة البورصة المصرية، نموذج محاكاة الجامعة المصرية، نموذج محاكاة مجلس الوزراء المصري، نموذج محاكاة المجلس القومي للمرأة، نموذج محاكاة مجلس حقوق الإنسان الدولي.

وعندما نتتبع نماذج المحاكاة التي تم طرحها وتنفيذها، سنجد أنها أفرزت جيل من الشباب لديه القدرة على أن يكون فى موقع القيادة، فهذه الجلسات قضت على الفكرة السائدة بأن الشباب بعيد تماماً عن المشاكل والأزمات، وأنه لا يملك الحلول، لتأتى "المحاكاة" لتكون نقطة انطلاق لجسر من الثقة بين الدولة والشباب، ومن نتائجها استعانة الوزراء بشباب البرنامج الرئاسي كمعاونين ومحافظين ومساعدين له، كما أن الرئيس عبد الفتاح السيسى، في إطار اعتماده على الشباب، قرر تعيين محافظين ونواب لعدد من المحافظين من خريجي البرنامج الرئاسي.