زيارة الرئيس الفرنسي لمصر: خطوة حاسمة نحو شراكة إستراتيجية قوية

بقلم/ دكتور عمرو فاروق حمدي.
في ظل الأحداث الملتهبة التي يشهدها العالم من نزاعات عسكرية منتشرة في العديد من مناطق العالم المتمثلة فيما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة ولبنان وسوريا والنزاعات الجارية في السودان وما يقوم به الحوثيين في البحر الأحمر والحرب الروسية على أوكرانيا والأحداث الإقتصادية التي تسببت فيها قرارات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" من فرض رسوم جمركية كان لابد على الدول الكبرى من التباحث في تداعيات تلك الأزمات
وأما لمصر تحت قيادة الرئيس السيسي من دور كبير في الشرق الأوسط والعالم تأتي أهمية زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر بالنسبة للدولتين فتُعد هذه الزيارة حدثًا بارزًا في مسار العلاقات بين الدولتين حيث تكتسب أهمية كبيرة على مختلف الأصعدة السياسية والإقتصادية والثقافية.
تمثل هذه الزيارة فرصة تاريخية لتوسيع وتعميق التعاون بين فرنسا ومصر في وقت يتسم بتحديات إقليمية كبيرة تتطلب تكاتف الجهود بين الدولتين بما لهما من ثقل كبير على المستوى العالمي والإقليمي.
ومن خلال هذه الزيارة يمكن ملاحظة العديد من الفوائد الجيوسياسية والإقتصادية التي تعود بالنفع على الدولتين على حد سواء:
أولًا/ تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدولتين: تعتبر زيارة الرئيس الفرنسي لمصر محطة هامة على صعيد العلاقات السياسية بين الدولتين فعلى الرغم من التاريخ الطويل للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلا أن الظروف الحالية تتطلب تعزيز التعاون في مواجهة القضايا الدولية والإقليمية المشتركة سواء في ملف الأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط أو في معالجة القضايا السياسية المتعلقة بالصراعات المستمرة في المنطقة, تساهم هذه الزيارة في تعزيز التفاهم المتبادل بين الجانبين كما أن التنسيق الوثيق بين مصر وفرنسا في قضايا مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية يمثل خطوة إستراتيجية نحو تحقيق الإستقرار في المنطقة.
كما أن تعميق الحوار بين البلدين حول القضايا الدولية سيعزز من تأثيرهما المشترك في المنظمات الدولية.
ثانيًا/ تعزيز التعاون الإقتصادي والتجاري: الجانب الإقتصادي يعد من أبرز المحاور التي ستشهد تحولا ملحوظًا بين البلدين بعد الزيارة فالبلدين يتمتعان بإمكانات كبيرة تمكنهما من التعاون في مجالات متعددة مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية والصناعات الدفاعية وتكنولوجيا المعلومات.
يعد تعزيز الإستثمارات الفرنسية في مصر خطوة مهمة لتحفيز النمو الإقتصادي في مصر خاصة في ظل الأصلاحات الإقتصادية التي تشهدها مصر في السنوات الأخيرة وتعتبر فرنسا من أهم الدول التي لها استثمارات في مصر حيث تجاوز حجم الإستثمارات الفرنسية في مصر 7 مليارات دولار وتعمل أكثر من 180 شركة فرنسية في السوق المصري وفرت ما يزيد على 50000 فرصة عمل.
ومن ناحية أخرى فإن التبادل التجاري بين البلدين يملك فرصة كبيرة للنمو مع التركيز على الصناعات الكبرى مثل الطيران والنقل والآلات الثقيلة وبحث سبل زيادة التبادل التجاري قد يساهم في تعزيز الإقتصاد المصري ودعمه في مواجهة التحديات الإقتصادية العالمية وحسب ما أظهرته بيانات المركز التجاري الدولي بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2024 3,2 مليار دولار بلغت قيمة الصادرات المصرية إلى فرنسا 1,25 مليار دولار بنسبة نمو 3% وبلغ حجم الواردات المصرية من فرنسا 1,93 مليار دولار بنسبة نمو 2,6% وتُعد قيمة التبادل التجاري بين البلدين في عام 2022 هي الأعلى على مدار ال5 سنوات الماضية حيث بلغت 4,70 مليار دولار.
ثالثًا/ التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية: تتمتع مصر وفرنسا بوزن إستراتيجي كبير ودوليا كما أن مصر تتمتع بوزن إستراتيجي كبير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتتمتع فرنسا بوزن إستراتيجي كبير في أوربا وبالتالي فإن التنسيق بين البلدين في قضايا مثل الأزمة الليبية والقضية الفلسطينية وأزمة سد النهضة يُعد أمرًا حيويًا لضمان تحقيق الإستقرار في المنطقة.
وتُعد زيارة الرئيس الفرنسي لمصر تأكيدًا على الدعم الفرنسي لمصر في قضاياها الإستراتيجية وكذلك لتعميق التنسيق بين البلدين في التعامل مع التحديات الإقليمية بما يساهم في تعزيز الأمن والسلام في المنطقة.
رابعًا/ دور مصر في تعزيز الإستقرار في المنطقة: تمثل مصر ركيزة أساسية للأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط وقد أثبتت في السنوات الأخيرة قدرتها على التعامل مع تحديات كبرى مثل الإرهاب والتطرف.
زيارة الرئيس الفرنسي لمصر تأتي في وقت حساس تشهد فيه المنطقة والعالم صراعات متعددة ما يعكس التقدير الفرنسي لدور مصر القيادي في هذه القضايا كما تتيح هذه الزيارة فرصة للبلدين للتباحث حول كيفية تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الأمن سواء على مستوى تبادل المعلومات أو التنسيق العسكري لمكافحة الإرهاب.
تعد زيارة الرئيس الفرنسي لمصر بمثابة نقطة انطلاق جديدة في تعزيز العلاقات بين البلدين على جميع الأصعدة من خلال تعزيز التعاون السياسي والإقتصادي والثقافي, سيكون للزيارة تأثير طويل الأمد في تعزيز الإستقرار الإقليمي والدولي علاوة على ذلك تتيح الزيارة فرصة لدعم التعاون بين مصر وفرنسا في مواجهة التحديات المشتركة مما يعزز دور البلدين في صياغة مستقبل المنطقة والعالم.