قضيَّتا الاندماج واستخدام العنف: قراءة في فكر كل من مالكوم أكس ومارتن لوثر كينج الأبن
كتابة وتحليل: سهر العنطوزي
الباحثة في الشؤون الأفريقية
الحلقة الأولي
يُحتفل بيومي 20 يناير و 19 مايو كعطلة رسمية على المستوي الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية، تخليداً لذكرى ميلاد كل من مارتن لوثر كينج الأبن ومالكوم إكس على التوالي، وذلك تكريما لمسيرتهما في الدعوة إلى حقوق الأمريكيين من أصل أفريقي، ومطالبتهما بإنهاء سياسات التمييز العنصري العرقي الموجه ضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية سواء الولايات الجنوبية أو الولايات الشمالية، وقد ظهرا كل من مالكوم إكس ومارتن لوثر كينج وسط أجواء تدعوا إلى إنهاء الفصل العنصري و موجات من التحرر من الاستعمار في القارة الأفريقية، ووسط حركات تطالب بإنهاء السياسات العنصرية والمقاومة ضد سبل الكبت والتفوق اللوني وإعادة النظر في الأسس المجوفة للرأسمالية والديمقراطية البيضاء.
بالرغم من إنهاء التمييز العنصري بشكل قانوني في الولايات الشمالية، لكنه كان الحقيقة الواقعة للسود ، إما في الولايات الجنوبية فقد استمرت قوانين الفصل العنصري كوضع قانوي وحقيقة واقعة جعل حال السود في الشمال والجنوب لا يختلف كثيرا عن بعضهما البعض، وبالتالي فإن السود في الولايات المتحدة الأمريكية الشمالية والجنوبية كانوا خاضعين باستمرار للسلطة البيضاء، ويتعرضوا استمرار لمضايقات وسوء المعاملة من الشرطة، وعلى أرض الواقع كان السود مواطنين ناقصي الأهلية من الدرجة الثانية أو حتى الثالثة في الولايات الشمالية الليبرالية وفي الولايات الجنوبية صريحة العنصرية والتمييز العرقي. في هذه الأجواء، ظهرت عدد من الحركات النضالية من أجل الحقوق المدنية في الشمال والجنوب، على أن كانت الهيمنة والصوت الأعلى لحركتين أكثر تنظيماً وتأثيراً من غيرهم من الحركات النضالية، ففي الجنوب، ظهرت حركة وتنظيم "مجلس القيادة المسيحية الجنوبية" بقيادة مارتن لوثر كينج الابن، وفي الشمال كانت حركة وتنظيم "أمة الإسلام" مع وجود مالكوم إكس كأبرز المتحدثين عنها.
تلك الحركتين تميزا بالاختلاف من ناحية الأدوات المستخدمة بهدف تمكين السود في الولايات المتحدة، وقد عدت فلسفة وأفكار كلاً من مارتن لوثر كينج ومالكوم إكس طرفي نقيض، وفي هذه المقالة وعلى شكل حلقات متسلسلة سوف يتم عقد مقارنة فكرية للرؤي الفكرية لكل من مالكوم إكس ومارتن لوثر كينج فيما يتعلق بقضيتا الاندماج واستخدام العنف بهدف تحقيق تمكين السود في الولايات المتحدة الأمريكية، ودراسة انعكاسات نشأة كل منهما علي رؤيته الفكرية، إضافة إلى دراسة الاختلاف والتشابهات في رؤيتهما الفكرية ومدي اتساق أفكارهما مع الواقع ومعاصرتها سواء للأمريكيين ذو الأصول الأفريقية في الولايات المتحدة أو للمواطنين في القارة الأفريقية.
جدير بالذكر؛ بالرغم من الاختلافات الجوهرية - التي سيتم التطرق إليها تفصيلا في الحلقات التالية – سواء كانت في الفلسفة السياسية القائمة عليها وكذلك الأدوات المستخدمة بهدف تمكين السود في الولايات المتحدة، إلا أنهما اغتيالا بنفس الطريقة، برصاص غادر جعل مسيرتهما النضالية قصيرة في الزمن لكنها باقية في الأثر، حيث اغتيل مالكوم إكس في 21 فبراير من عام 1965 بعدما اخترقت جسده 21 رصاصة امام اسرته، وبعده بأعوام قليلة اغتيل مارتن لوثر كينج الأبن في 4 إبريل من عام 1968 وسط اتباعه.
وللنقاش بقية ...