سواتر الرجال في عيدهم الواحد والسبعون

بقلم الدكتورة / خلود محمود
بمناسبة عيد الشرطة المصرية ال ٧١ والذي بدأت قصته في الخامس والعشرين من يناير عام ١٩٥٢م بالاسماعيلية حينما تصدى رجال الشرطة المصرية بشهامة وفدائية وحفاظاً علي الأرض والعرض ورفض تسليم اسلحتهم وإخلاء مبني المحافظة للقوات البريطانية وتعود اسباب الخلاف بين مصر وبريطانيا عندما اشتدت أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم فى منطقة القنال من خلال الفدائيين الشرفاء ضد الاحتلال، وتسببوا لقوات الاحتلال البريطانى بخسائر فادحة لا تقدر بثمن، وانسحب العمال المصريون من العمل فى معسكرات الإنجليز ما أدى إلى وضع القوات البريطانية فى منطقة القناة فى حرج شديد وتعطل حينها ايضا قامت الحكومة المصرية بالاعلان عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين فى ترك عملهم مساهمة فى الكفاح الوطنى وقد بلغت الاعداد حينها ٩١ ألف و٥٧٢ عاملاً خلال الفترة من ١٦ أكتوبر ١٩٥١، وحتى ٣٠ من نوفمبر ١٩٥١ أضافة إلي توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات، واللحوم، والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة ٨٠ ألف جندى وضابط بريطانى .
وبسرعة البرق تصاعدت الأحداث وأقدمت القوات البريطانية صباح يوم الجمعة ٢٥ يناير ١٩٥٢ أخذ رد فعل فاستدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة "اللواء أكسهام"، ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها، وتنسحب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فى منطقة القنال.
ورفضت المحافظة الإنذار البريطانى وأبلغته إلى وزير الداخلية فؤاد سراج الدين باشا، والذى أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام ونتيجة لذلك الرفض وجهت دبابات العدو مدافعها وأطلق المحتلون البريطانيون نيران قنابلهم بشكل كبير، ولم تكن قوات الشرطة المصرية آنذاك مسلحة بشىء سوى البنادق إضافة إلي حاصرهم في مبنى قسم الشرطة الصغير ومبنى المحافظة فى الإسماعيلية بواسطة ما يقارب من ٧ آلاف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ٨٠٠ فى الثكنات و٨٠ فى محافظة الإسماعيلية، واستمر الظباط المصريون في المقاومة بكل شجاعة في معركة غير متساوية القوة بين طرفيين ولمدة ساعتين من القتال أسفرت عن وقوع ٥٢ شهيدًا من رجال الشرطة البواسل، و ٨٠ مصابا وتدمير بعض القرى حول الاسماعيلية التى كان يعتقدون أنها مركز لاختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته. لقد كانت تلك المعركة ولازالت شاهداً علي عظمة وشجاعة رجال الشرطة الذين قدموا ولازالوا يقدموا أرواحهم فداء لأمننا ولأن نكون في بيوتنا آمنين مطمئنين حفظهم الله، وكل عام ورجال الشرطة بخير وسلام، كل عام وهم درع الأمن وسواتر الرجال.