أكرم سرداني يكتب: "صنع في إفريقيا" شعاراً للاقتصاد العالمي الجديد

من قارة التهديدات، الحروب الأهلية، المجاعة والفقر إلى قارة الاستثمار وفرص المستقبل، كل المؤشرات والمعدلات الغير مسبوقة، خرائط التغيير، التحوُّلات والمسارات نحو 2030 تؤكد مما لا يترك مجالا للشك أن إفريقيا هي الحصان الأسود للاقتصاد العالمي الجديد.
فماذا ينقص القارة السمراء ياترى؟
الجواب هو "صنع في إفريقيا'' عبارة تحمل العديد من المعاني والخلفيات أو بالأحرى عبارة تحمل في طياتها 1.3 مليار مواطن إفريقي في تكتل اقتصادي حجمه 3.4 تريليون دولار سيكون أكبر منطقة للتجارة الحرة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية.
تخيل معي فقط , أطنان من القطن مصدرة من بوركينا فاسو إلى تونس ليصنع منها فستان لعروس في غامبيا ترتدي خاتما من الماس تم استيراده من بوتسوانا، وحقيبة جلدية من مدابغ إثيوبيا و تركب سيارة مصنعة في الجزائر.
إن عبارة " صنع في إفريقيا " ستكون رمزا يجمع بين ثلاثية الأصالة، الجودة والسعر، المنتجات الإفريقية ستكون مصنوعة من مواد خام إفريقية بيد عاملة الأقل كلفة في العالم وبكل إتقان حيث أن كل غرزة سيتم غرسها بأنامل شباب إفريقيا.
لكن قبل كل هذا، إن تعزيز التجارة بين البلدان الإفريقية يتطلب العديد من مقومات التبادل التجاري والكثير من التنسيق الدبلوماسي والسياسي بين قادة القارة،
واستغلال نقطتين مهمتين هما :
بداية الحاجة للمواد الأولية: تعد إفريقيا مصدرا لنصف احتياطي ذهب العالم، 30 في المئة من اليورانيوم و90 في المئة من البلاتين، إضافة إلى الغاز والبترول والفوسفاط والألماس والمنتجات الزراعية من بن وقطن وكاكاو في القارة الأكثر ثراءا في العالم.
وفي معظم البلدان الأفريقية، يمثل رأس المال الطبيعي ما بين 30 في المائة و50 في المائة من مجموع الثروة، ويعتمد أكثر من 70 في المائة من السكان الذين يعيشون في أفريقيا على الغابات والأراضي من أجل كسب رزقهم، حيث تعتبر بمثابة أصول التنمية الاقتصادية فضلا عن الموارد الاجتماعية والثقافية.
يمكن ببساطة أن نستنتج أن البلدان الإفريقية يمكن أن تغطي احتياجات بعضها البعض بنسبة كبيرة جدا بسبب التنوع الموجود في المواد الأولية، هذا سيقلل من تكلفة استيراد المواد الأولية من الدولة الأوربية أو الأسيوية وحتى الأمريكية كما سيساهم بصفة كبيرة في تسريع وتيرة الإنتاج.
تنوع المواد الأولية ينعكس بطريقة أو بأخرى على التخصص في الإنتاج من ناحية الاستثمارات المحلية أو وفرة وكفاءة اليد العاملة من مدابغ السودان، وإثيوبيا الرائدة في صناعة المنتجات الجلدية إلى ورشات النقش على الأواني النحاسية في المغرب مرورا بصناعة الفخار والخزف في أوغندا ومن الصناعة الإلكترونية في الجزائر إلى شبكات الصيادين في موريتانيا.
ختاما بالإنتاج السياحي في أهرامات مصر أم الدنيا، إلى هوليود إفريقيا شركات الإنتاج السينمائي الصغيرة في شوارع لاجوس بنيجيريا.
وثانيا الفروق الجغرافية: إن التنوع الكبير بين بلدان البحر الأبيض المتوسط والبلدان المطلة المحيط الأطلسي وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يؤدي لا محالة إلى اختلاف كبير في المنتجات الزراعية والثروة الحيوانية، حيث يعتبر هذا التنوع نقطة إيجابية من جهة ستسمح بوفرة المنتجات بأسعار منخفضة أو في متناول المواطن الإفريقي، ومن جهة أخرى ستمكن البلدان الإفريقية من تحقيق الاكتفاء الذاتي، والأمن الغذائي، كما يمكن أن تصبح البلدان ذات المواقع الجغرافية الاستراتيجية امتدادا للأسواق العالمية.
والخلاصة هي أن إفريقيا لديها كل المقومات من الجانب البشري والموارد الأولية والتموضع الاستراتيجي، والبعد التاريخي والثقافي ما يخول لنا القول إن أفريقيا السمراء هي أرض الفرص والتحديات، بالتساوي،
فعلى مدى العشرية السابقة بدأت العديد من المبادرات في العمل معا على أرض الواقع في العديد من المجالات على غرار الطاقات المتجددة والشركات الناشئة و التصنيع و السياحة، لكن تظل العديد من الأمور على المحك،
ونظل على بعد خطوات بل أميال وأميال عن تحقيق درجة كبيرة من التقدم و الوصول لأهدافنا، لكن ما يمكن التأكيد عليه هو أن العمل يجري على قدم وساق من أجل خلق أفريقيا جديدة، أفريقيا أقوى.