الإرهاب والأجندة الإفريقية 2063

الإرهاب والأجندة الإفريقية 2063

بقلم: دكتورة/ ياسمين عادل 

دكتوراة في فلسفة الدراسات الإفريقية، ومتخصصة بالشأن الإفريقي.

جاءت أجندة إفريقية 2063م بمثابة الإطار القاري أو خطة العمل الاستراتيجية الحاكمة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وذلك على مدار نص قرن من الزمان والتي تم إطلاقها في عام 2013م وذلك في إطار الاحتفالات باليوبيل الذهبي لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية "الاتحاد الإفريقي حاليًا" في عام ١٩٦٣م، وقد تم تقسيم الإطار الزمني الكلي إلى خمس خطط تنفيذية ومدة كل منها نحو ١٠ سنوات. 

تسعى الرؤية التوجيهية للاتحاد الإفريقي لخطة ٢٠٦٣م نحو إيجاد إفريقيا موحدة وسلمية يقودها شعوبها تتحول إلى قوة ديناميكية في الساحة الدولية وتتضمن هذه الرؤية مجموعة من القواعد و الطموحات حيث احتلت آليات بناء السلم لمنع وحل الصراعات بجميع مستوياتها مكانة خاصة ذات أهمية في طموحات الأفارقة حيث تقع المسؤولية الكبيرة في تحقيق تلك الطموحات على كاهل المنظمة القارية التي تواجه بدورها مجموعة من التحديات الراهنة، وتنعكس تهديدات بناء السلم والأمن في القارة السمراء على تنفيذ أجندة إفريقية ٢٠٦٣م، حيث حملت الأجندة مجموعة من الأهداف يقدروا بسبعة تطلعات رئيسة ونحو عشرين هدفًا وأولوية وأحد أهم تلك الأهداف هو التطلع لإفريقيا تنعم بالأمن والسلام فقد كان المأمول والمتوقع لدى المواطنين الأفارقة وذلك وفق جميع الدراسات أنه بحلول عام ٢٠٢٣م سوف يتم التوصل لإنهاء جميع النزاعات وتحقيق هدف إسكات فوهات البنادق في القارة الإفريقية إضافة إلي إتمام عملية إنشاء كل من القوة الأفريقية الجاهزة والانتهاء من سياسة الدفاع والأمن الإفريقية للسلم والأمن على وجه العموم والمنوط بها المساهمة في حفظ السلام وصون الأمن في القارة مما ينعكس على السلم والأمن الدوليين.

تشكل أفريقيا منطقة خصبة لعمل الجماعات المتطرفة المسلحة فهي تشكل حاضنة للجماعات المتشددة ولعل يرجع ذلك للتعدد ( الأثني، والعرقي ) وتتمثل نقطة الانطلاق الرئيسة في علاقة أفريقيا بالإرهاب في أن هناك شكلين للإرهاب يستهدف إفريقيا أحدهما إرهاب محلي والأخر رهاب دولي. 

إن ظاهرة الإرهاب تعد ظاهرة معقدة لها أبعاد مختلفة سواء أبعاد سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو أثنية أو الثقافية أو الدينية؛ ونظرا لأن كل دولة أفريقية تتمتع بخصوصية تتميز بها فلا ينطبق وبالتالي لا يمكن تفسيرها على أساس عامل واحد، وعليه تتركز العوامل الرئيسة المسببه للإرهاب والعنف في عوامل داخلية، وتعد أهم مسبباته هو ضعف الكثير من الأنظمة السياسية وكذلك ضعف الأجهزة الأمنية وعدم قدرتها على التخطيط والوقاية والمواجهة بأساليب علمية لظاهرة التطرف. 

إن غياب السيطرة الكاملة للحكومات على كامل الإقليم والسكان؛ وهو ماقاد تلك الدول للوصول لنموذج الدولة الفاشلة وعلى سبيل المثال " الصومال"؛ مما شكل مناخًا ملائمًا لممارسة الإرهاب والوصول لمرحلة 
" العجز الكامل " وعدم القدرة على اتخاذ إجراءات صارمة للحد من تسلل المتطرفين وكذلك عدم القدرة على تعبئة الجماهير وإشراكهم في مكافحة الظاهرة الإرهابية.

كذلك توظيف الدين والذي بات بمثابة أداة يتم توظيفها لخدمة أغراض ومصالح سياسية مرتبطة بالجماعات المستغلة له والتي تتعمد أن تتخذ منه 
" ستار " بهدف كسب تأييد الطبقات التي تعاني من أوضاع اجتماعية واقتصادية متردية.

أما عن العوامل الخارجية التي تتعلق بالبيئة الإقليمية والدولية فهي تعد أسباب وعوامل عابرة للقوميات وتساعد على نمو الظاهرة.
إن ضعف سيطرة الدولة في إفريقيا على الحدود يتيح فرصة ملائمة لانتقال الجماعات عبر الحدود غير الآمنة والسواحل المفتوحة الأمر الذي يساعد المتطرفين على سهولة الحركة وارتكاب الأعمال الإرهابية وانتشار الصراعات في البيئة الإفريقية، خاصة الصراعات الداخلية التي تتشابك فيها العوامل العرقية مع العوامل الثقافية والطائفية وتمتد تأثيرها لتعبر حدود الدولة الواحدة إلى الدول المجاورة وكذلك السياسات الخارجية للقوى الكبرى في النظام الدولي.

يعتبر تحليل الإطار الإستراتيجي للإرهاب في إفريقيا مفتاحًا رئيسًا لفهم الدوافع والاستراتيجيات والتكتيكات الخاصة بالموجة الراهنة بتنفيذ العمليات الإرهابية في القارة.

إن الإرهاب لم يكن يومًا هدفًا بحد ذاته من جانب منفذيه إنما هو وسيلة وأداة من أجل تحقيق هدف سياسي معين وتنبثق عن ذلك الهدف استراتيجية محددة للعمل ثم تتفرع من تلك الاستراتيجية تكتيكات وخطط عمل محددة لإدارة العمليات الإرهابية. 

إن ما يجعل القارة الإفريقية ساحة ملائمة للعمل الإرهابي؛ موقع القارة الجغرافي المتميز والمتحكم في مفاصل المضايق والبحار وخطوط النقل البحري والبري وكذلك الظروف السياسية والتي تتسم بشيوع حالة الفقر والضعف الحكومي العام والذي يتمثل في عدم قدرة الدول على مجابهة الإرهاب والتصدي له، الأمر الذي يسهل على الحركات الإرهابية التحرك في القارة.

وأخيرًا إن انتشار الأسلحة والمعدات الحربية في قارة إفريقيا؛ بفعل الحروب والصراعات الداخلية العديدة في دول القارة وعدم حصرية تواجد السلاح في يد مؤسسات الدولة فضلًا عن خلفيات الصراعات القبلية تجعل من الشعوب الإفريقية شعوب ذوي خبرة قتالية واسعة يتم استدعائها بسهولة بفعل فاعل أو مع أول نزاع وهو ما يقضي على جميع المساعي الحميدة لإفريقيا التي تنعم بالسلم وتحقق الأمن والتنمية لشعوبها.