الروائي والأديب الكبير نجيب محفوظ

 الروائي والأديب الكبير نجيب محفوظ
يربت نجيب محفوظ علي أكتافنا بلُطّفِ في نص أنيق قائلاً "كيف نضجر وللسماء هذه الزرقة وللأرض هذه الخُضرة وللورد هذا الشذي وللقلب هذه القدرة العجيبة علي الحب وللروح هذه الطاقة اللانهائية علي الإيمان، وكيف نضجر وفي الدنيا من نُحبهم ومن نُعجب بهم ومن يُحبوننا ومن يعجبون بنا"
ولد الأديب المصري، بحي الجمالية بالقاهرة عام ١٩١١م،  وتخرج في جامعة القاهرة، حصل منها علي شهادة في الفلسفة، وشهّدت الثلاثينيات من القرن الماضي، اطلاق أولي أعمال وكتابات نجيب محفوظ، كان في مقدمتها، مجموعة قصصية قصيرة نشرت في صحيفتيّ الأهرام والهلال، ثم أطلق رواية «عبث الأقدار»، ثم إنغمس الروائي المصري والسيناريست العبقري في روايته التي تغلب عليها الحارة المصرية المحلية ولكن بسمات عالمية، الأمر الذي أحدث طفرة كبيرة في الرواية المصرية في الأربعينيات، فنشر روايتيّه «رادوبيس» «خان الخليلي»،، نبغّت كتاباته في عدد من الثلاثيات فيما بعد وأطفت عليها سمات الحارة التي تعادل العالم، الأمر الذي أهلّه في أكتوبر ١٩٨٨م، لأن يصبح أول عربي مصري حاصل علي جائز نوبل في الأدب.
كما كانت أبرز أعماله والتي تُرجمت لعدة لغات هي "ثلاثية القاهرة" والتي نُشرت في الخمسينيات، وهي «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية»، ثلاث روايات تقوم بتصوير حياة ثلاثة أجيال في القاهرة ابتداءً من الحرب العالمية الأولى وحتى ثورة يوليو عام ١٩٥٢م، ثم أطلق ثلاثيته الشهيرة «أولاد حارتنا»، والعديد من أعماله الأدبية الأخري.
أما عن مشاركته في المجال السنيمائي فقد تحوّل أكثر من ٢٥ من أعماله لأعمال سنيمائية ودرامية، كان يشدد بأذره فيها المخرج الكبير صلاح أبوسيف، حيث كانا يكملان بعضهما البعض في وصف الحياة الإجتماعية الأول من خلال عمله الأدبي والثاني من خلال تحويله ذلك العمل إلي سيناريو وحوار وتجسيد، فيهتم المخرج بتأسيس ثلاثة جوانب متكاملة في العمل الفني، الشخصيات ومصادرها الثقافية ومنطلقاتها الذاتية الخاصة، والبيئة الاجتماعية التي تحتضن هذه الشخصيات والمكان الجامع كالمدينة أو الحي أو المنزل، كفيلم «بداية ونهاية» مثلا والذي أرّخ فيه نجيب كمُجمل كتاباته لمراحل المجتمع المصري في الظروف العصيبة قبل وبعد التحولات الاشتراكية.
وللنص المحفوظي مذاق خاص، حيث تدور كتاباته ورواياته في الحارة المصرية الشعبية وفي البيئة المصرية بشكل عام تكشف غيابات نفوس الانسان المصري من الطبقة المتوسطة وتستشرف نوازع نفسه وتضع يدها على شروخ روحه وجراح أيامه، ولم يغفل أيضاً عن وصف إحتياجاته وآماله وأحلامه.
تجدر الإشارة إنه من هنا رأينا أن نجيب محفوظ نموذجاً حياً لمشروع بذور، حيث نبحث في الثقافة الشعبية عن القيم والمعاني التضامنية، وعن الابطال الشعبيين الذين اثروا فى الواقع وقاموا بتغييره،، فقراءة وتعمق الدارس بالثقافة الشعبية تجعله يقف على أرضية قريبة من القواعد الجماهيرية المراد حشدها وتنظيمها لتطوير المجتمع المحلي بسمات عالمية، وفتح الآفاق أمامه للتفاعل مع معطيات عالمه المعاصر، وإدراك تاريخه وتراثه الحضاري المصري، مستعيناً بالعناصر الإيجابية في الثقافة مصدر قوة لتحقيق التنمية، وأساسا لقوة مصر الناعمة إقليمياً وعالميا.