ثورة ٢٣ يوليو .. تأسيس الجمهورية الأولى

ثورة ٢٣ يوليو .. تأسيس الجمهورية الأولى

كتبت/ زينب مكي 

تُعد ثورة ٢٣ يوليو مرحلة تحول في تاريخ الأمة لما أحدثته من إنجازات عظيمة، لا مثيل لها في مجالات عدة؛ ( سياسية وثقافية وتعليمية واقتصادية واجتماعية) ولم تقتصر إنجازات الثورة على تلك المجالات فقط بل أحدثت إنجازات لا تُنسى على المستوى العربي والمستوى العالمي، وكانت أهم  تلك الإنجازات هي إعلان نظام الجمهورية وتعيين اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية المصرية في ١٨ يونيو ١٩٥٣.

لكن قبل الحديث عن تلك الإنجازات لابد من التعرف على ماهية الثورة والتطرق إلى أسباب قيامها وأهم مبادئها :
ثورة يوليو هي إرادة شعب قام بها قادة ضباط جيش أُطلق عليهم فيما الضباط الأحرار، لعدة أسباب تتلخص في: سوء الأحوال الاقتصادية للبلاد وغياب العدالة الاجتماعية، كما تم إغلاق المدارس البحرية والحربية، بالإضافة إلى سوء الأوضاع السياسية والحكم التي تمثلت في سفاهة الملك وحاشيته واستمرار الملك في تجاهل الأغلبية وانحيازه لأحزاب الأقلية.

والسبب الأهم هو قيام حرب فلسطين دون استعداد مناسب فتمت الهزيمة وضاعت فلسطين وسط الأسلحة الفاسدة، فأدت تلك الأسباب إلى قيام مجموعة الضباط الأحرار في الجيش المصري بزعامة جمال عبد الناصر تحت ستة مبادئ كانت هي عماد سياسة الثورة وهي القضاء على نظام الإقطاع ورأس المال والاستعمار وبناء حياة ديمقراطية سليمة وبناء جيش وطني قوي، وعدالة اجتماعية.

اندلعت الثورة وأسفرت عن إنجازات لا مثيل لها في مجالات عديدة، ويمكن الإشارة إلى بعضها باختصار.
 ففي المجال السياسي تم تأميم قناة السويس وتوقيع اتفاقية الجلاء لاحتلال دام أكثر من سبعين عامًا، والسيطرة على حكم مصر بعد سقوط الحكم الملكي واجبار الملك فاروق على التنازل عن العرش، كما تم إلغاء الحكم الملكي مما أدي إلى قيام نظام الجمهورية.
 
أما في المجال التعليمي، تمثلت الإنجازات في إنشاء مراكز بحثية وتشييد عشر جامعات بدلا من ثلاث فقط، وإقرار مجانية التعليم العام والتعليم العالي، بالإضافة إلى مضاعفة ميزانية التعليم العالي، كما نال الجانب الثقافي آنذاك حظًا وفيرًا من انجازات الثورة، فلقد تم إنشاء أكاديمية تضم معاهد للمسارح والسينما والباليه والموسيقى، والعمل على رعاية الآثار والمتاحف، كما تم إنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل.

بالنسبة للإنجازات الاقتصادية والاجتماعية، فتعتبر الثورة بمثابة العصر الذهبي للطبقة العاملة التي سُميت وقتها بالطبقة المطحونة نظرًا لما عانت منه لسنوات من ظلم وفقدان العدالة، فلقد أسفرت الثورة عن توجهها الاجتماعي وقضائها على نظام الإقطاع، وإلغاء الطبقات الاجتماعية بين الشعب المصري، والقضاء على الرأسمالية وسيطرتها على المجال الزراعي والصناعي.

تمثلت إنجازات الثورة على المستوى العربي في توحيد الجهود العربية نحو حركات التحرر، كما أقامت تجربة عربية في الوحدة بين مصر وسوريا، وذلك في فبراير ١٩٥٨، بالإضافة إلى عقد اتفاق ثلاثي بين مصر والسعودية وسوريا وبعدها انضمت اليمن، كما ساهمت في استقلال الكويت والدفاع عن حق الصومال في تقرير مصيره، ودعمت حركة التحرر في توتس والمغرب حتى نالت على الاستقلال.

من مميزات هذه الثورة عن غيرها أنها كانت ثورة بيضاء أي لم ترق فيها الدماء، كما قامت بجيل جديد من الضباط والشباب بقيادة جمال عبد الناصر، كما تميزت بالمرونة وعدم الجمود وعدم الانحياز بين سياستها الداخلية، فاكتسبت تأييد شعبي كبير من ملايين الفلاحين والطبقات العاملة، كما انها حققت الوحدة مع سوريا واليمن.

فثورة يوليو لم تكن لمجرد ثورة فقط بل كانت نموذج حي لتلاحم الشعب والجيش تحت هدف واحد وهو الإصلاح، وكانت عنوان لاسترداد الكرامة للوطن والموطن وإعلاء مصلحة الوطن وتحقيق استقلاله وتقرير مصيره والاتجاه نحو الأفضل.