اللغة السواحيلية ودورها في تنمية الاندماج الإقليمي لشرق إفريقيا

اللغة السواحيلية ودورها في تنمية الاندماج الإقليمي لشرق إفريقيا

كتبت/ آلاء يحيى صديق أحمد

   تسعى القارة الإفريقية منذ فترات طويلة إلى الاندماج والانخراط بين الدول وبعضها البعض، لتحقيق التكامل الإقليمي بكافة صوره، ومن تلك النماذج مجموعة شرق إفريقيا التي تعد نموذجًا حيًا للتكامل الإقليمي في شرق إفريقيا، حيث تتمثل أهداف التكامل الإقليمي في تعزيز النمو الإقتصادي، وتقليل الحواجز التجارية، وزيادة الاستقرار السياسي في المنطقة، زيادة التجارة، وخلق فرص العمل، وتحسين البنية التحتية.

تتألف تلك المجموعة من دول شرق إفريقيا إذًا تعد اللغة السواحيلية هى العامل المشترك بينهما، حيث اتخذوها وسيلة لتعزيز المصالح السياسية والإقتصادية، وتعزيز الوحدة وضمان الأمن القومي، كما أيضًا الحفاظ على الهوية الإفريقية.

وتلعب اللغة السواحيلية دورًا هامًا في النمو الإقتصادي حيث لا يتم التبادل الإقتصادي إلا باللغة ليست فقط مقتصرة على العملات أو السلع، حيث أن هذه اللغة تكون موحدة وواسعة الانتشار لتحشد أكبر قسم ممكن من هذه القوى تحت مظلة الإستراتيجية الإقتصادية للوطن الواحد وتُساهم في برامجه المُسطرة دون إهدار للطاقات، واستعمال اللغة بكفاءة عالية يُعد أساسًا في عملية التنمية الإقتصادية لأنها هي وحدها التي تُمكن من تبادل المعرفة والخبرة العلمية ونقلها بين أفراد المجتمع ومؤسساته، وشتى أجزاء المنظومة الإقتصادية مثلما يفعل المال بالنسبة للتبادلات التجارية.

وهذا ينقلنا إلى الهدف التاني للاندماج الإقليمي لشرق إفريقيا وهو تقليل الحواجز التجارية بين دول المنطقة، ويشمل ذلك خفض التعريفات الجمركية والحواجز غير الجمركية، مثل الحصص واللوائح التنظيمية، ومن خلال خفض الحواجز التجارية، يمكن لبلدان المنطقة زيادة الشركة الناشئة والإقتصادي، فالتقليل الحواجز التجارية والنمو الاقتصادي عمليتان متوازيتان المحرك الأساسي لهما هى اللغة.

وتكمن دور اللغة في الاستقرار السياسي التي تساهم في الاندماج الإقليمي الشرقي في كونها الأداة التي تستطيع بها السلطة أن توجّه الجماهير وتغيِّر الرأي العام حول أي قضية ما، فتحولت بِيَديها إلى جهاز تَحكُّم وسيطرة، تَمكَّنَت من خلاله أنْ تُحْكِمَ قبضتها على العقل الجَمعي للجماهيرِ، ومن خلال العمل معًا، تستطيع دول المنطقة معالجة التحديات المشتركة، مثل التهديدات الأمنية وعدم الاستقرار السياسي. وهذا يؤدي إلى زيادة الاستقرار السياسي وتحسين الحكم في المنطقة، وتعد اللغة السواحيلية هى اللغة الرسمية لدول شرق إفريقيا فهي لغة السياسية والحكم لتلك الدول.

ويمكن أن يؤدي التكامل الإقليمي أيضًا إلى تحسين البنية التحتية في المنطقة. من خلال العمل سويًا، تستطيع دول المنطقة الاستثمار في البنية التحتية، مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ، وهذا يؤدي إلى تحسين الاتصال وزيادة النشاط الإقتصادي وهنا تساهم اللغة السواحيلية في خفض تكاليف مشاريع البنية التحتية من خلال: تقليل الحاجة إلى الترجمة، تحسين التواصل مع العمال وكسر الحواجز اللغوية حيث أطلقت مجموعة شرق إفريقيا أيضًا العديد من مشاريع البنية التحتية عبر الحدود، مثل الخطة الرئيسة للسكك الحديدية في شرق إفريقيا، والتي تهدف إلى ربط المدن الكبرى في المنطقة بالسكك الحديدية.

كما حققت مجموعة شرق إفريقيا تقدمًا كبيرًا في تعزيز التكامل الاجتماعي، حيث أصبح إنشاء نظام تعليمي مشترك هدفًا رئيسًا لها. كما أطلقت مجموعة شرق إفريقيا عدة مبادرات تهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي والهوية الإقليمية. على سبيل المثال، أنشأت مجموعة شرق أفريقيا مهرجانًا ثقافيًا إقليميًا يجمع الفنانين وفناني الأداء من مختلف أنحاء المنطقة لعرض مواهبهم، وجعلت اللغة السواحيلية تُدرس في المدارس والجامعات.

 وما حلم به الرئيس "جوليوس نيريري" في نشر السواحيلية في عموم إفريقيا وأن تكون لغة لكل إفريقيا اصبحت أشبه بالحقيقة، فلم تعد اللغة السواحيلية كما كانت من قبل بل أصبحت من أهم اللغات العالمية ليست على مستوى القارة السوداء فقط بل امتدت للخارج لتصبح اللغة العالمية السابعة، ولتتخذها إفريقيا لغة مشتركة في التعاملات.