ولاء علام تكتب: المرأة الافريقية بين السلام والحرب

¬الحديث عن المرأة الافريقية ومشاركتها فى بناء السلام وفض النزاع واندلاع الحرب قد يعتبر عند البعض غريبا، ذلك لان الصورة الذهنية للمرأة الافريقية عند الكثير تقليدى ويقتصر على الادوار المنزلية وتربية الابناء او مشاركتها بعض الصناعات الصغيرة، وبمرور الزمن وزيادة التحديات وضرورة مشاركتها للرجل خرجت تدريجيا للمشاركة فى الوظائف بعضها تقليدى كالتعليم والطب والبعض الاخر الغير مقبول لدى الكثيرين كمشاركة المرأة فى النزاعات فى الصفوف الامامية بادوار عسكرية ومع عدد كبير من السياسيين فى صنع القرار، وبسبب سوء الاحوال وقساوة اوضاع المرأة فى المجتمعات التى تعانى من حروب ونزاعات لم يقعدها عن لعب دور عظيم من اجل بناء السلام او تأييدها للحرب من اجل حرية بلادها.
اذا يجب توفير معلومات عن اهم الشخصيات التى ساهمت فى وضع الخطط والبرامج السياسية بطرق علمية تعمل على ترقيتها فى مجال بناء السلام والحرب مستفادين من تجاربها التاريخية المميزة، وايضاً ذكر اهم الشخصيات التى كان لها تأثير قوى على تحريك الخيوط خلف الستار وراء اهم القادة والسياسيين.
يزخر تاريخنا بأسماء نساء رائدات فى مجالات شتى، بدءاً من التاريخ القديم مروراً بالعصر الوسط وصولاً بالعصر الحديث.
اعتلت حتشبسوت وكليوباترا عرش مصر وحققنا انجازات تُدرَس حتى يومنا هذا:
حتشبسوت : ملكة السلام والحرب...
تسطر مسلات معبد الكرنك اسم حتشبسوت والتى قادت الجيش وحققت انتصاراتها التاريخية حكمت البلاد لمدة واحد وعشرين عام محققه إنجازاتها الاقتصادية واتسم عصرها بالسلام والرخاء.
كليوباترا السابعة : ملكة هزت العالم وغيرت التاريخ...
كانت تتمنى ان تحكم مصر فاستغلت وجود يوليوس قيصر فى مصر ودخلت القصر فى سجادة فانبهر يوليوس بذكائها وبعد هزيمة اخيها اعلن كليوباترا ملكة على مصر، شهدت مصر فترة حكم كليوباترا انتعاشه فى الاقتصاد والحياة السياسية، وبعد مقتل يوليوس اوقعت كليوباترا ماركوس انطونيوس حاكم شرق الامبراطورية الرومانية فى حبها ثم تزوجها وطلق زوجتة الاولى والتى كانت اخت صديقة اكتافيوس بل واعلن ان كل الولايات الشرقية الرومانية ملك كليوباترا وان الاسكندرية عاصمة شرق الامبراطورية الرومانية.
وهنا اعلن اكتافيوس الحرب على شريكة وصديق الامس الذى اصبح عدوة اليوم انتقاما من كليوباترا، وبالفعل شن حرب فى موقعة اكتيوم الشهيرة وهنا كانت لها الكلمة العليا على انطونيوس بان تخوض الحرب ضد صديقة ورفضت نصيحة رجال القصر بالرجوع عن قرار الحرب خشية ان يحدث اتفاق منفرد بين اكتافيوس وانطونيوس وانتهى بهزيمة انطونيوس عندما قررت بان يخوض معركة بحرية فى الوقت الذى كان معروفا ان قوة انطونيوس فى المعارك البرية وانتهى بقتله.
اذا الدور الأمومي للمرأة كونها تميل للسلم الا ان الابحاث الحديثة اثبتت انها لم تكن طوال الوقت مسالمة ولكن اظهر التاريخ دورها الداعم والمشجع للعنف بل والمسبب له فى اكثر من واقعة ومثيرة للحرب بين القبائل ومنهن نذكر الشاعرات السودانيات والحكيمات هن شاعرات شعبيات بمناطق غرب السودان لها مكانة اجتماعية عظيمة يقال عنهن انهن بسحر الكلمة لديهن يدفعن الرجال للقتال واشعال الحروب لأسباب بسيطة لا تستحق ازهاق الارواح بل وتم ادخالهن للمشاركة مع عدد كبير من قادة القبائل فى اتخاذ القرار ومن اهم الشخصيات التى حكمت قبائل هى الملكة امينة ابنة الملك ماجاجيا ملك من قبائل الهوسا شمال شرق نيجيريا حالياً حكمت امينة مملكتها لمدة اربعة وثلاثين عام، وكانت رئيس المحاربين فى جيش والدها وبعد وفاة والدها تملكت هى المملكة وحملت السلاح ووسعت مملكتها ونشرت العدل واختفى التصارع بين القبائل وسيطرت على طرق التجارة بين السودان ومصر وضمت مالى الى مملكتها وكانت مسلمة على المذهب الحنفى، عم الرخاء بين شعبها وقضت على الفساد وقربت من العلماء والصالحين وارسلت بعثات علمية الى مصر والمغرب لكى تعلم شعبها الدين الصحيح واجبرت المماليك على السماح لتجارتها بالمرور.
ومن اهم الشخصيات التى كان لها تاثير قوى وذكاء والتى كان لها تأثير على ازواجهن القادة شجرة الدر المرأة التى وجدت نفسها بين الملوك والحكام زوجة اخر السلاطين الايوبيين ثم زوجة لاول سلاطين المماليك، كانت مصر قبل وفاة السلطان نجم الدين ايوب نافرة تصد الحملة الفرنسية عليها فكان لوفاة السلطان كفيلة بترجيح كفة المعركة لصالح لويس التاسع الا ان التدخل السريع لشجرة الدر درأ عن مصر خطر الهزيمة باتخاذها اجراءات سياسية وعسكرية صائبة منها تكتمت عن نبأ وفاة زوجها لحماة معنويات الجيش المصرى فى الحرب، بل اكسبها احترام قادة الجند الذين رضوا بها سلطانة عليهم.
شجرة الدر كان لها القدرة على ادارة الدفة السياسية داخل نظام الدولة وهذا يدل على ذكائها العسكرى وجراءتها التى ابدتها اثناء المعارك الصليبية.
التاريخ ملئ بمواقف كثيرة عن ادوار المرأة، وعلى عكس ما ذكرنا بعض النساء سعوا جاهدين لخلق النزاعات واثارة الجدل لاهم القضايا امام القادة منهن الدكتورة درية شفيق وهى ناشطة سياسية مصرية ومعارضة لحكم جمال عبد الناصر عام 1951 قادت مظاهرة نسائية ونجحت فى اقتحام البرلمان للمطالبة بالسماح للنساء بالاشتراك فى الكفاح الوطنى السياسى والذى ادى الى تعديل قانون الانتخاب ومنح المرأة حق الانتخاب والترشيح البرلمانى، حملت السلاح ضد الاحتلال البريطانى، حيث قامت باعداد فرقة شبه عسكرية من النساء المصريات للمقومة ضد وحدات الجيش البريطانى استعدادا للقتال.
عام 1957 بدات الاضراب عن الطعام فى السفارة الهندية بالقاهرة واعلنت لأجهزة الاعلام الدولية احتجاجها على نظام حكم جمال عبد الناصر باستقالته، ولأهم الاسباب منها اعادة الحرية الكاملة للمصريين رجالا ونساء، وضع حد لحكم جمال عبد الناصر الذى يدفع بلادنا الى الافلاس والفوضى ولكن بات بالفشل فى النهاية.
ومن اهم الشخصيات وينى ماديكيزيلا مانديلا المناضلة المشاكسة عضو بالمؤتمر الوطنى الافريقى والزوجة السابقة للمناضل نيلسون مانديلا اشتهرت بنشاطها السياسى وكفاحها ضد الفصل العنصرى ولم تكتسب شهرتها كونها زوجة الزعيم نيلسون مانديلا لكن عرفها العالم لمساهمتها المهمه فى حركة مقاومة الفصل العنصرى.
لعبت دور فى تعبئة الراى العام العالمى لاطلاق صراح زوجها نيلسون المعتقل ونلاحظ هنا ان كل انتماءاتها عكس مانديلا والتي تميل الى التشدد فى المؤتمر الوطنى الأفريقي والذى تبنى سياسة العنف المفرط بل وخاضت حربا لاجل تحرير البلاد باستخدامها تلك الاساليب ، ومن اقصى الاتهامات التى وجهتها اليها اللجنة الحقيقة والمصالحة تأييدها لممارسة حرق الناس احياء وهنا وجهت اليها عدد من القضايا المخالفة لحقوق الانسان على الرغم من ذلك لم تطلب العفو بل اتخذت موقفا متشددا ورغم كل الاتهامات الا انها نجحت فى تولى رئاسة عصبة السيدات بالمؤتمر الوطنى الافريقى ,لانها تتمتع بمؤهلات فكرية ونفسية وعقلية التي تؤثر علي شعبها
شهدت مصر نهضة نسائية بل وحضرت بقوة على كل المستويات علميا واجتماعيا وسياسيا ولم يغيب عن دورهم فى بناء السلام بل حاربوا جنبا الى جنب مع الرجال لاول مرة وطالبن بالاستقلال فى ثورة 1919 والتى ابهرت العالم فتقدمت اليها كل من صفية زغلول وهدى شعراوى مؤسسة الاتحاد النسائى المصرى وسيزانيراوى ونبوية موسى اللاتى اصبحن رموزا ثورية بالاهتمام بأهم القضايا الكبرى ونشر السلام والدفاع عن الحرية.
وفى الآونة الاخيرة للعصر الحديث اصبح السلام العالمى مطلوبا لكثرة الاحداث التى تؤكد مشاركة المراة فى السلام ولقناعات المؤسسات الدولية والامم المتحدة بالدور العظيم الذى تقوم به المراة، اذا بالحديث كله منسوب لامرأة جسورة قيادة عرفتها السياسة بمجهودها العظيم من اجل بلادها.
تقول الدكتورة آن انيو وهى عضو حركة تحرير السودان حيث جعلت دور المراة كمقاتلة وداعمة لهم اضافة فى عملية صنع القرار مؤهله للجلوس على مائدة المفاوضات، وتحفز الالاف من النساء فى مشاركتهن فى صراع تحرير جنوب السودان لاجل السلام والحرية والمساواه والعدل بل وشاركت بعض نساء الخرطوم بالذهب لدعم حركة الجهاد.
لقد كانت عدة حروب لتنشب لولا وقوف المراة فى وجه قرارات الرجال الاعضاء فى مجتمعاتهن والتى كانت تدعو للقتال بالكثير من الطرق بالتهديد او بالامتناع عن الخدمة المنزلية، ويوجد من النساء لعبت دور رئيسى فى حل نزاعات عرقية مما مهد الطريق لخلق اتفاقيات سلام عدة، تضم الامثلة (ميثاق ونليت) بين النوير والدينكا (ميثاق ليلير) بين مجموعات النوير حيث ان هناك تقارير تشير الى ان احدى زوجات قادة الدينكا كانت اول من ضغط على زوجها ليترأس بعثة سلام لأراضي النوير فى الوقت الذى رفض جميع الرجال المشاركة فيها بسبب خوفهم من المخاطر التى من المحتمل ان تنجم.
ومثال اخر بين دور المرأة الرئيسى فى بناء السلام والحفاظ على التماسك المجتمعى يدا واحدة ضد مواقف ازواجهن السياسيين، حيث واظبت النساء من كل الطرفين على مواصلة زيارة بعضهن البعض من اجل الابقاء على الاتصال لتامين بيئة امنة بل وناقشوا فى الحركة الشعبية لتحرير السودان اهم القضايا التى تؤثر على مجتمعاتهن.
بداية العقد الاول لهذه الالفية، قامت عدد من النساء بمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والمشاكل العامة التى وضعتها الحرب فى طريقهن، حيث كانت شبكة الناشطات باذاعة الاصوات التى تدعو الى السلام الى جميع انحاء العالم، مما جلب الانظار حولهن، واكدت الدكتورة آن انيو ان غياب النساء عن مائدة المفاوضات فى بناء السلام فى السودان بسبب نظرة المجتمع التقليدية لهن وكان اكثر ما خيب الامال فى اتفاق السلام الشامل عام 2005 واتفاق السلام فى دارفور عام 2006 هو اهمال الوسطاء الاطراف للجهات والفئات الاخرى.
اذا المرأة الافريقية تجربة ثرية وفريدة فى مجال بناء السلام والحرب مسنودة بتاريخ عريق وارث قبلى غير مسبق تستحق الاهتمام والتبادل مع المعارف الانسانية الاخرى فى العالم.
وهنا يجب معرفة ان المرأة الافريقية والتى تميل الى السلام لم يكن دائما هكذا بل فى بعض الاحيان نلاحظ على مر العصور والذى اظهر التاريخ ان المرأة الافريقية لها علاقة قوية بالحرب فهى ليست الضحية، بل احيانا كثيرة تكون سببا فى اندلاعها واحيانا تعمل على اشعالها وتحرض عليها الرجال وتزيدها اشتعالا، واحيانا تنجح فى تحقيق بناء السلام ووقف الحرب لانها النموذج الحقيقى فى الاستقرار وتنمية الشعوب...