أحمد بن بلا ... وقود ثورة التحرير

أحمد بن بلا ... وقود ثورة التحرير
أحمد بن بلا ... وقود ثورة التحرير
- في شهادة له عن مصر، قال أحمد بن بلا "أتمنى أن أتحدث مع كل ما يقابلني، أشرح له قصة مصر مع ثورة الجزائر، فمصر في قلبى، وناصر في قلبى، ولولا مصر لما كانت ثورة الجزائر، وثورات أخرى، مصر كانت كل شيء، اليوم الذى جئت فيه القاهرة لم يكن معى شيء، ووقفت أمام قدرة الفول وأطعمتنى، وأخذنا السلاح والطعام والمال لنحرر بلادنا، أتمنى لو أتم أيامي في هذا البلد، والله هذه أمنية أدعو الله أن يلبيها".
-
- سُئل بن بلا عن جمال عبد الناصر فقال "أنا وفي لفكر جمال عبد الناصر، لأنني أعتبره رجلاً عظيمًا، ساهم في دعم الثورة الجزائرية أكثر من أي شخص آخر، وكان يمثل الوفاء للثورة الجزائرية في مختلف مراحلها، والجزائريون مدينون لهذا الرجل".
-
- قال بن بلا للإعلامي المصري الشهير ورئيس إذاعة صوت العرب السابق (أحمد سعيد) " أخى سعيد.. ناصر من علامات المنطقة اللى نورت.. لولا مصر ما كانت ثورة الجزائر.. لولا ناصر ما كانت المساعدات للثورة، أتمنى أن أختم حياتي فى مصر."
-
يُعد أحمد بن بلا واحدًا من أهم القادة في تاريخ الجزائر، فهو من كافح من أجل استقلال الجزائر عن فرنسا، وهو أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال.
وُلِد أحمد بن بلا في مدينة مغنية الجزائرية في 25 ديسمبر 1916 لعائلة بسيطة الحال ذات أصول مغربية، والتحق بالمدارس الفرنسية في الجزائر، وقد تم إلحاقه جبريًا بالجيش الفرنسي في الفترة (من 1937 وحتى 1940) وشارك في الحرب العالمية الثانية برتبة ضابط في الجيش الفرنسي. وبعد انتهاء الحرب، حمل بن بلا راية الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي.
بدأ مسيرة النضال الوطني وتولى قيادات المنظمة الخاصة (Organisation Speciale) (من 1947 وحتى 1950) – وتعد المنظمة الجناح شبه العسكري لحزب الشعب الجزائري الذي حمل شعار "لا اندماج، لا انفصال، لكن تحرّر"-، وكانت تلك المنظمة مسئولة عن تنظيم المظاهرات ضد الاحتلال الفرنسي، إلى أن أصبحت أداة عسكرية تمهيدًا للثورة المسلحة، وعلى الرغم من سرية الحركة، إلا أنه قد تم اكتشافها في مارس 1950، وتعرض عناصرها للمطاردة والسجن والاعتقال حتى تم حلها في النهاية.
اُعتقل بن بلا عام 1950، لكنه تمكن من الهرب بعد عامين من السجن، متوجهًا إلى القاهرة، حيث احتضنته مصر جمال عبد الناصر، فكان في استقباله أحمد سعيد - أول رئيس لإذاعة صوت العرب – والذي أوصله بضابط المخابرات المصري الراحل فتحي الديب، لتبدأ رحلة الثورة الحقيقية من قلب العاصمة المصرية القاهرة، وقد قدمت مصر لـ بن بلا كافة أشكال الدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي من أجل نصرة القضية الجزائرية، وذلك في إطار سياسة مصر التحررية المناصرة للدول العربية والإفريقية الواقعة تحت سيطرة القوى الاستعمارية، وبالفعل بدأ بن بلا من القاهرة في التخطيط للثورة من أجل التحرير، حيث قام بتأسيس جبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري(جيش التحرير الوطني).
انطلقت الشرارة الأولى للثورة في نوفمبر 1954، وصدر البيان الأول للثورة على لسان أحمد بن بلا من إذاعة صـوت العـرب بالقاهرة - والتي خــصّصت العــديد من بــرامجها لنصرة القضـية الجزائرية -، لذلك قال عنها بن بلا "إن صـوت الـعـرب هـو صـوت الثــورة الجــزائرية"، وقد استمرت حركة الكفاح المسلح من قبل الثوار ضد الاحتلال الفرنسي، حتى بدأت المفاوضات بين جبهة التحرير والحكومة الفرنسية عام 1956، وفي 20 أكتوبر 1956، كان بن بلا في طريقه إلى تونس على متن طائرة مغربية، وقام الجيش الفرنسي باختطاف الطائرة في أول عملية قرصنة جوية في التاريخ. اُعتقل على أثرها بن بلا ومعه قيادات الثورة الجزائرية، ليتم إطلاق سراحه بعد توقيع اتفاقيات إيفيان مع فرنسا في عام 1962، وحصول الجزائر على الاستقلال في الخامس من يوليو 1962، بعد ثورة المليون شهيد والتي استمرت نحو 8 سنوات لإنهاء احتلال دام نحو 132 عام.
تولى أحمد بن بلا منصب الرئيس الأول للجزائر بعد الاستقلال في 15 أكتوبر 1963، وكان يطمح في بناء دولة قوية تتخذ من القومية العربية منهجًا لها، إلا أنه في 19 يونيو 1965، انقلب وزير الدفاع الجزائري الهواري بوميدين على أحمد بن بلا ونصَّب نفسه رئيسًا. وقام باعتقال بن بلا لمدة 14 عام.
وبعد وفاة بومدين عام 1978، تم إطلاق سراحه في 30 أكتوبر 1980، لينتقل بعد ذلك إلى سويسرا وفرنسا لمدة 10 سنوات ويعود إلى الجزائر في عام 1990 ليمارس عمله السياسي مرة أخرى، حيث قاد حزب (الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر)، وهو حزب معارض أسسه عام 1984 أثناء وجوده في المنفى، إلا أن الحزب قد فشل في الانتخابات البرلمانية عام 1991، وقامت السلطات الجزائرية بحله عام 1997.
عاش بن بلا مناضلًا وكرَّس حياته لخدمة وطنه في الداخل والخارج، وساند بكل قوة قضايا التحرر الوطني ودعم القضية الفلسطينية وكان قوميًا عربيًا عاشقًا لإفريقيا، ظل كذلك إلى أن وافته المنية في 11 أبريل عام 2012، تاركًا خلفه تاريخًا امتَّد نحو 96 عام من العطاء.
"والله لن يأتينا رجل مثل جمال عبد الناصر"، هكذا قال أحمد بن بلا في حق جمال عبد الناصر.