سامورا ماشيل ... الزعيم الثوري

سامورا ماشيل ... الزعيم الثوري

من بين كل ما فعلناه، ما سيحفظه لنا التاريخ هو كيفية تحويل الصراع المسلح لثورة مستمرة ساهمت في بناء مجتمع جديد؛ فحرب التحرير التي خضناها لم تكن لتغيير الظلم البرتغالي بظلم موزمبيقي، أو الظلم الأوروبي بظلم إفريقي، ولا حتى الظلم الأجنبي بظلم وطني، فالوحدة والنصر غاية واحدة".

(من خطبة الزعيم الموزمبيقي سامورا ماشيل أمام شعبه)

"سامورا مويسيس ماشيل" المُلقب بـ "الرئيس سامورا"، وُلد في ٢٩ سبتمبر لعام ١٩٣٣م، بقرية في مقاطعة غزة بجنوب موزمبيق، وتُوفى في ١٩ أكتوبر لعام١٩٨٦م، لأسرة فقيرة تعمل بالزراعة. ولكي يتمكن من استكمال تعليمه، عمل ممرضًا بإحدى مستشفيات موزمبيق نهارًا كي يتثنى له الدراسة في إحدى المدارس الليلية، حتى غادر بلاده والتحق بالنضال القومي.

عُرف بالجندي المتشدد، والمتحدث المقنع؛ فهو رجل عسكري وثوري اشتراكي ضد كلًا من العنصرية والقبلية، كما أن له العديد من الألقاب، منها: (الزعيم الثوري).

قبل أن يصبح الرئيس الأول لجمهورية موزمبيق المستقلة عام ١٩٧٥م- بعد احتلال برتغالي دام قرابة أربعة قرون ونصف-، انضم كمناضل في جبهة التحرير الموزمبيقية للاستقلال عن البرتغال والمعروفة باسم (الفرليمو)، والتي أُرسلت لمصر والجزائر حتى يتم تدريبها عسكريًا، ثم أصبح فيما بعد رئيسًا وزعيمًا لها عام ١٩٦٩م، بالإضافة لدعمه لباقي حركات التحرير في القارة، وخاصًة حركات التحرير في جنوب إفريقيا وزيمبابوي. فكانت عقيدته الثابتة تتمثل في إيمانه القوي بأن موزمبيق لن تنال استقلالها الحقيقي إلا بعد أن يتحرر كل المضطهدين- ليس في القارة السمراء فقط، بل وخارجها أيضًا- وبسبب هذه العقيدة الراسخة أصبحت موزمبيق الملاذ الآمن لحركات التحرر جميعها.

يعتبر من مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية –الاتحاد الإفريقي حالياً-، والتي أُسست بعد عام واحد من توصيات (مؤتمر أديس أبابا) في مايو ١٩٦٢م، واختيرت (أديس أبابا) مركزاً للمنظمة عام ١٩٦٣ أثناء توقيع الميثاق التأسيسي لها.

يُذكر أنه قام بالعديد من الإصلاحات من أجل إعادة التعمير الوطني في بلاده، فاهتم بالصحة والتعليم، وطور المؤسسات التعليمية والمستشفيات. وعلى نفس خطى "ناصر" في مصر، أمم "سامورا" كافة أراضي الدولة وثروات البلاد؛ مما جعله يحظى بشعبيه عارمة من شعبه، مما آل إلى تكريم شعبه له بعد وفاته بإنشاء تماثيل عديدة له فى كافة الميادين، ورفعهم لمختلف اللافتات التي تحمل شعارات مثل: (سامورا لم يمت وهو يعيش في وجداننا)، وإطلاق اسمه على الكثير من الشوارع والمؤسسات.

يُذكر أيضًا أنه حصل على عديد من الجوائز والأوسمة، منها: جائزة لينين للسلام، ووسام الصليب الأعظم المطوق من رتبة الاستحقاق للجمهورية الإيطالية، ونيشان خوسيه مارتي.

في عهد الرئيس المصري الراحل "جمال عبد الناصر"، استضافت مصر حركات التحرير الموزمبيقية حتى قبل أن تتوحد تحت اسم (الفرليمو)، كما قامت بفتح مكتب للاتحاد الديمقراطي الوطني لموزمبيق، ونشط فيه كوادره إعلاميًا وسياسيًا. وتولت مصر إعدادهم وتدريبهم وتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والفني حتى نالت موزمبيق استقلالها، فكانت مصر أول الدول العربية اعترافًا بها. وافتتحت سفارة لها في العاصمة مابوتو؛ فكانت أول سفارة عربية في موزمبيق، ووقعت معها بعدها اتفاقات مختلفة، منها: اتفاق التعاون بين الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا وموزمبيق عام ١٩٨٥م.