التفاوض في الحياة اليومية والحياة العملية

التفاوض في الحياة اليومية والحياة العملية

بقلم/ يسرا محمد مسعود

 إن التفاوض، بوجه عام، هو كلمة، عملية أو فن وهو عملية عامة لإنجاز الأعمال ويحدث ملايين المرات في اليوم حول العالم ،وإذا كنت تستطيع التحكم في نفسك ،قيمك وتحيزك ، حاجتك للإنصاف وأنانيتك ،فإنك قد تكون قد بدأت في إدراك أفضل المخرجات الممكنة في مفاوضاتك .إن التحدي الأكبر هنا يتمثل ،ليس في أن تكون مفاوضاً بصورة أفضل ،ولكن في تحفيزك في تغيير الطريقة التي تفكر بها حول المفاوضات وحول نفسك، كما إن مهارة بناء اتفاقيات ثرية خلال الأخذ والعطاء مقابل مصالح مختلفة يطلق عليها التفاوض .

  يدخل التفاوض في كل أجزاء حياتنا إن كل شيء قابل للتفاوض ، فالأشياء التي نشتريها ،الخدمات التي نستخدمها ،الإجازات التي نحجز رحلاتها والخبز الذى نأكله ،فكل ذلك له سعره ، وفى الأغلب السعر الذى يدفعه المستهلك مقابل السلع والخدمات عادة ناتج عن ما تم التفاوض من أجله بين طرفين أو أكثر، ومن المهم التأكيد على أن الوقت الذى يمضيه الناس فعلياً في عملية التفاوض صغير جدا، ولكنه مهم جداً.

 وصور وأشكال التفاوض عديدة، فقد يكون التفاوض في إطار الأسرة أو إطار العمل، وتجدر الإشارة إن التفاهم مع زوجتك أو زوجك، أو زميل العمل ينبغي أن يتطلب بعضاً من الأخذ والعطاء، والذي بدونها قد توصف بأنك عديم المرونة أو مجرد صعوبة غير مقبولة في تعاملها، لذلك كل شيء قابل للتفاوض، ولكن لا يعنى ذلك أنه يجب عليك أن تتفاوض حول كل شيء. ومع ذلك ،سوف تكون هنالك مواقف تتضمن قرارات أكثر أهمية حيث تكون معتمدة تبادلياً ،ومع ذلك لديك وجهات نظر مختلفة، عندما يكون هناك اتفاق ما يحتاج إلى العمل من البداية وحتى النهاية ،في النهاية سوف يساعد التفاوض الفعال على توفير ليس فقط الحل ،لكن حلاً من المحتمل أن يحفز كلا الطرفين على تطبيقه من البداية حتى النهاية .

إن التفاوض إذن، هو علم يرمى إلى وضع حد لسوء التفاهم، وتجنيب الإنسان ويلات التصادم والصراع مع أخيه الإنسان، اعتماداً على ما يمكن أن يكون بينهما من أرضية مشتركة. وتوجد تعريفات عديدة للتفاوض:

 فالتفاوض هي محادثات تجرى بين فريقين متحاربين، من أجل عقد اتفاق هدنة أو صلح. ويوجد تعريف آخر للتفاوض بأنه لغة الحوار والمناقشة بين طرفين، حول موضوع محدد للوصول إلى اتفاق ،ويرى البعض الآخر أن التفاوض هي مرحلة من مراحل الحوار ،قبل الوصول إلى اتفاق .ويوجد تعريف للتفاوض بأنه هو الأسلوب الذى يدير به السفراء والمبعوثون العلاقات الدولية وهو عمل الرجل الدبلوماسي أو فنه .

وتمر عملية التفاوض بعدة مراحل وهي مرحلة الإعداد والتهيئة للتفاوض ومرحلة إجراء المفاوضات، ثم مرحلة إبرام الاتفاق، ثم مرحلة تنفيذ الاتفاق ومرحلة تقويم الاتفاق. ويفضل أن يكون المفاوضون على علم كاف بلغة الطرف الآخر حتى يسهل التفاهم ،ويتوافر قدر كبير من الخبرة المشتركة ليعين على بناء جسور الثقة ،ويزيد من فرص التفاهم .ومن سمات المفاوضة الناجحة عدة نقاط وهى :الحكم السليم للأمور والقدرة على التمييز بين القضايا الأساسية والفرعية والاستعداد والالتزام بالتخطيط الدقيق لكل التفاصيل وإيجاد البدائل وكذلك الحكمة والصبر والانتظار حتى تظهر الصورة بأكملها والقدرة على الاستماع بعقل متفتح وامتلاك البصيرة للنظر إلى الموضوع بوجهة نظر الطرف الآخر وكذا الشجاعة في الاستعانة بالفريق المساعد في الوقت المناسب والثقة بالنفس القائمة على المعرفة والشخصية المتوازنة وهى مزيج من الدعابة والجد وأيضاً الالتزام بالنزاهة والقدرة على إرضاء كافة الأطراف والقدرة على التفاوض بفاعلية مع الطرف الآخر وكسب ثقته .

ويستطيع المفاوض من خلال ما يجمعه من معلومات تحديد الموقف التفاوضي، بمعرفة الأوراق، التي يعتمد عليها في دعم حججه وتفنيد حجج الطرف الآخر ،فتساعد المعلومات على توقع ما لديه من أفكار وآراء حول القضية موضع النزاع ،فكلما انطلق المفاوض من حقائق الواقع ،كان أقدر على تحقيق أهدافه لأن المفاوضات لا تعترف بالتفاؤل المفرط ،ولعبة الاحتمالات القائمة على غير أساس .

    ولابد قبل بدء المفاوضات، من التأكد من أن الطرف المفاوض يملك صلاحيات اتخاذ القرار، حتى لا يكون هناك إهدار للوقت، وهذه هي مرحلة التهيئة والإعداد للمفاوضات، التي تعد المرحلة الأولى.

وبعد الشد والجذب والأخذ والعطاء بين فريقي التفاوض، يتم التوصل إلى اتفاق مبدئي بينهما، ويسهل التوصل إلى هذا الاتفاق، إذ قام الطرفان بالتركيز على المصالح المشتركة أكثر من التركيز على المسائل الخلافية ،ويعد ما سبق مرحلة إجراء المفاوضات ؛وهى المرحلة الثانية.

وتأتى كمرحلة ثالثة ،مرحلة إبرام الاتفاق ،فإذا ما لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي واضح ،تظل المفاوضات مجرد وجهات نظر متبادلة ، وينبغي أن يكون هذا الاتفاق شاملاً وتفصيليا واضحا في صياغته ومفهوماً لدى الطرفين ،ثم تأتى  المرحلة الرابعة وهى مرحلة تنفيذ الاتفاق فلا يمكن الحكم على نجاح أي مفاوضات ،ما لم يجد الاتفاق ولا بد أن يرفق بالاتفاق برنامج زمنى للتنفيذ والأسلوب الذى سيتم وفقاً له هذا التنفيذ من خلال فريق مشترك بين الطرفين يقوم بمتابعة عملية التنفيذ في مراحله المختلفة ولابد للمعلومات المتعلقة بالتنفيذ أن تصل إلى الأطراف المتأثرة به .

 أما المرحلة الخامسة والأخيرة فهي مرحلة تقويم التفاوض فلابد من متابعة عملية التنفيذ للوقوف على مدى الالتزام بمراحله وحل المشكلات والعمل على حل ما يعترض هذه العملية من مشكلات.

   واختم الحديث بمقولة "جون إف كنيدى" التي تقول: لنبدأ من جديد ونتذكر دائماً أن الأدب ليس علامة ضعف وأن الإخلاص دوماً يحتاج لما يبرهن عليه دعونا لا ننقل مخاوفنا إلى بعضنا البعض، دعونا لا نخشى التفاوض والحوار.

أهم المصادر:

  • فن التفاوض والدبلوماسية، صلاح محمد عبد الحميد مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع ،٢٠١١.
  • كتاب التفاوض، دليلك الأكيد إلى التفاوض الناجح، تأليف ستيف جايتس ترجمة عبد الحكم الخزامى، دار الفجر للنشر والتوزيع،٢٠١٣.