٢٥ يناير عيدا للشرطة أم عيداً للثورة

٢٥ يناير عيدا للشرطة أم عيداً للثورة

بقلم/ محمد الصعيدي

  التاريخ له زوايا مختلفة كل حدث فيه يراه البشر بآراء مختلفة كلآ على حسب مرجعيته وأفكاره وأحيانا مصلحته لذا عندما نتناول حدث تاريخي لا يصح أن نفسره تفسيرا واحدا ونهمش باقي التفسيرات حتى وإن اختلفنا معها وطالما هذه التفسيرات لها جمهور فستظل وتبقى في أدبيات جمهورها.

  ٢٥ يناير هو يوم عظيم في تاريخ مصر حدثت فيه أحداث غيرت كثيرا في مجرى التاريخ المصري و أثرت في نظامه السياسي والاجتماعي والثقافي وأهم حدثين حدثوا في ذلك اليوم هما موقعة الإسماعيلية عام ١٩٥٢ وثورة الشعب المصري عام ٢٠١١، هذان الحدثان - برغم اختلاف الآراء في تفسيرهم - جعلوا من هذا اليوم هو يوم عزة وكرامة للمصري وذكرى خالدة تذكره دائما على مواصلة العمل وإصلاح أخطاؤه نحو مستقبل أكثر رخاء وسعادة .

  موقعة الإسماعيلية : بعد الغاء رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس معاهدة ١٩٣٦ مع بريطانيا في السابع من اكتوبر عام ١٩٥١م، ازدادت حدة الصراع بين الحكومة المصرية والبريطانية فازدادت العمليات الفدائية ضد القوات الانجليزية في منطقة القناة وانسحب العمال المصريين من العمل في معسكراتهم وامتنع الموردين المصريين عن توريد الخضروات و الفواكه واللحوم ، وفى صباح ٢٥ يناير ١٩٥٢ طلب القائد البريطاني لمنطقة القناة من الشرطة المصرية بالإسماعيلية تسليم اسلحتها والرحيل عن مبنى قسم الشرطة ومبنى المحافظة الى القاهرة فرفضوا وأبلغوا وزير الداخلية وقتها فؤاد سراج الدين الذى طلب منهم عدم الاستسلام ، فحاصر سبعة الالاف جندي بريطاني قسم الشرطة ومبنى المحافظة واطلقوا عليهم نيران الاسلحة الثقيلة والمدافع والقنابل في حين كان لا يزيد ضباط الشرطة المصرية عن ثمانمائة شرطي حاملين اسلحة عادية قديمة واستمروا في المقاومة حتى نفاذ اخر رصاصة لديهم وسقوطهم بين شهيد وجريح .

 وبالرغم من هذه البطولة والصمود من أجل الدفاع عن الوطن ومقاومة مثلت أعلى مراتب العزة والكرامة و الفخر الا ان رجال الملك فاروق كان لهم رأى أخر وهو أنهم ارهابيون ومتمردون حتى وإن أخذنا رأيهم في الاعتبار الا ان الثابت ان هذه المقاومة حركت الشعب المصري ونتج عنها أحداث غيرت التاريخ من حريق القاهرة حتى انتهت بثورة ٢٣ يوليو بعدها بشهور قليلة وتأسيس النظام الجمهوري والتفسير التاريخي الذى دام وساد هو الاقرب للحقيقة وهو أنهم ابطال غيروا التاريخ واندثر تفسير رجال الملك القائم على التدليس والمصالح الشخصية واصبحنا نحتفل باليوم كعيدا للشرطة .

  ثورة ٢٥ يناير عام ٢٠١١ هو ثاني حدث عظيم حدث في ذلك اليوم تحركت فيه جموع الشعب المصري في مقدمتهم الشباب من أجل المطالبة بتحسين اوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعد ثلاثين عاما من حكم الرئيس محمد حسنى مبارك ساد في آخر سنين حكمه الفساد وسوء الاحوال الاقتصادية و الغلاء وانتشار العشوائيات في شتى ربوع مصر وانتشار الامراض و الاوبئة وانهيار النظام الاجتماعي للشعب المصري وبعد صدامات مع الشرطة وسقوط  قتلى وجرحى من الطرفين اضطر الرئيس مبارك للتنحي عن الحكم ، وبالرغم من عدالة مطالب الثوار وهى عيش حرية عدالة اجتماعية الا أن هناك من فسروا ما حدث على انه فوضى او مؤامرة او انتفاضة ولو اخذنا رأيهم في الاعتبار الا انه هناك ثوابت لم يختلف عليها كلا الطرفين ان هناك فساد و فقر وظلم انتشر كان لابد أن يتوقف وان مطالب الثورة مطالب مشروعة.

  والثابت ايضا ان هذه الثورة غيرت التاريخ ونتج عنها موجات ثورية انتهت بثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لإسقاط حكم الاخوان المسلمين ولا تزال نتائجها مستمرة حتى الان من تغييرات جذرية في النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المصري، ولو لم تكن حدثت لم يكن سيتغير شيء ولم تكن حقائق كثيرة كانت ستظهر لأجل كل ذلك أصبح هذا اليوم ايضا هو عيدا للثورة يحتفل به المصريون برغم اختلاف آرائهم عما حدث يومها.

والاجابة عن سؤال هل ٢٥ يناير عيدا للشرطة ام عيدا للثورة أصبحت إجابة بديهية لا تحتاج إلى تفكير أو مزايدة بعد كل ما حدث هي عيدا للشرطة وعيدا للثورة يذكرنا بمبادئنا وقيمنا في المقاومة والنضال من أجل الكرامة والرخاء ورفعة وطننا العظيم (مصر).