أطالب الجميع بالتخلص من الذاتية

باسم الله..
إنى أشعر فى هذا الاجتماع بالسعادة، وهو أن يجلس صاحب العمل مع العامل، هذا الحلم الذى كنا نحلم به فى الماضى بدأ يتحقق.. وهو أن يجلس صاحب العمل مع العامل؛ فقد أمن كل منهم أخيه.
لقد كان صاحب العمل يسعى لشراء الحكام وكانوا يتقربون منهم لإغرائهم، وكان الحاكم ينظر إلى العمال ويحاول بكل وسيلة بث روح التفرقة بينهم تحت شعار الحزبية، ويفرق بين العمال لمصلحته الخاصة ومنفعته الشخصية.
أما اليوم فإننا نشعر بأننا نتجه اتجاهاً جديداً، فالحاكم لا يسعى إلى صاحب العمل، والحاكم لا يدس بين العمال ولا يصل بينهم لمنفعة خاصة. فحينما قامت هذه الثورة كنا نهدف إلى الحرية.. فالحرية لها معان سامية لا يمكننا أن نحققها فى أيام؛ لأن الماضى يقف فى سبيلنا. وإننا نؤمن إيماناً كاملاً، ونعتقد أن للعامل حقاً ولصاحب العمل حقاً.
أما الآن فصاحب العمل والعامل يفكران بفكرة واحدة ويعملان لهدف واحد وهو خدمة مصر.. ومصر وحدها. وكنا فى الأمس القريب إذا طالبت بعض الطوائف بمطالب واستجيبت فكانت تجاب لغرض معين، وكانت طعنة لبعض الطوائف الأخرى، فالوطن لا يمكن أن يجزأ، وقوة الوطن لا تكون إلا من قوة المجموعة.
إننا لا نود أن نقدم مطالب طائفة على أخرى، ولا أن نرفع مستوى الطوائف الأخرى؛ وذلك حتى لا يرتفع مستواها الاجتماعى على حساب طوائف أخرى. وإننا نود أن نقوم بحل المشكلة العامة لا مشكلة خاصة، فهناك عمال متعطلون يريدون العمل، ونحن بدورنا نعمل على إيجاد عمل لهم، ونعمل على حماية العامل من أصحاب العمل، ونحمى أصحاب العمل من العامل، فنكون حكاماً بين العامل وصاحب العمل.
وأطالب الجميع بالتخلص من الذاتية، وأذكر أن هناك عامل فصل من إحدى الشركات فى العهد الماضى، وحاول هذا العامل أن يلتحق فى أية شركة من الشركات فوجد اسمه مقيداً فيها بعدم تشغيله.
إن الحرية لن تستكمل فى وقت قصير، ولكننا نعمل جاهدين على استكمالها بالتضامن والاتحاد فى وقت قريب إن شاء الله، ونحن ننادى بالاتحاد حتى يتحقق هدف الثورة وهو الحرية.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمة البكباشى جمال عبد الناصر فى هيئة التحرير بالإسكندرية
بتاريخ ١٣ ديسمبر ١٩٥٣م.