مصر تريد أن تعيش بسلام مع الجميع

مصر تريد أن تعيش بسلام مع الجميع

سؤال من المحاور: يتساءل الناس فى هذه الأيام - وحق أن يتساءلوا - ما هو المعنى السياسى لزيارتك المقبلة لروسيا؟ وهل تعتبر هذه الزيارة خطوة للتقريب بين البلاد العربية والحكومة السوفيتية؟ وهل يمكن أن تحمل هذه الزيارة معنى فى سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط؟ وهل تتعارض هذه الزيارة مع مكافحة البلاد العربية للمبادئ الشيوعية؟

* الرئيس ناصر: ليس لها معنى سياسى بمعنى الكلمة، ولكن المعنى الرئيسى لها أن مصر تستوحى سياستها وتصرفاتها من نفسها بعيدة عن أى تأثير أو ضغط خارجى، وأن مصر تستطيع أن تقرر ما تشاء فى أى وقت تشاء، وأنها ليست مرتبطة بسياسة تعلنها الدول الكبرى.

معنى هذه الزيارة أن مصر تريد أن تعيش بسلام مع الجميع، وأن ترى السلام يرفرف على العالم أجمع.

أما مسألة التقريب بين البلاد العربية والحكومة السوفيتية، فهذا طبعاً بالنسبة للبلاد العربية هو أمر يتوقف على سياسة كل بلد عربى، ولكنى أعتقد أن هذه الزيارة من شأنها أن تفتح لنا مجالاً واسعاً فى الميدان الاقتصادى، فمؤتمر باندونج مثلاً ومقابلتى الشخصية مع "شواين لاى" مكنتنا من تصريف محصول القطن الزائد عندنا؛ فقد اشترت الصين ما يساوى ١٢ مليون جنيه استرلينى من قطننا الزائد الذى لم نتمكن من تصريفه فى هذا الموسم.

وتسألنى إذا كان يمكن أن تحمل هذه الزيارة معنى يؤثر فى سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط، فاسمح لى أن أتساءل ما هى سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط؟ ما هى سياستها بالنسبة للبنان وسوريا مثلاً؟

أنا هنا فى مصر أفكر لمصلحة مصر أولاً وقبل كل شىء.. هذه مسئوليتى الأولى، وطبعاً أنا أفضل مصر على أمريكا كما أفضل مصر على روسيا، المهم أن كل ما أفكر فيه هو مصلحة بلدى.

أما المعونة الأمريكية التى قد يخطر ببال البعض أنها قد تؤثر فى سياستنا، فيكفى أن تعلم بأن دخلنا القومى حوالى ٨٩٠ مليون جنيه، وميزانيتنا هذه السنة ٢٣٨ مليون جنيه، وإن المعونة الأمريكية - وهى موجهه إلى الخدمات - تبلغ حوالى ١٣ مليون جنيه فقط، وهى ذات المعونة التى تقدمها أمريكا لإسرائيل، ثم ماذا يكون شأن هذه المعونة أمام الملايين التى أرصدناها لمختلف المشاريع؟! وإليك على سبيل المثال لا الحصر:

مشروع كهربة أسوان كلفنا ٤٠ مليون جنيه.

إنشاء مدارس جديدة ٤٠ مليون جنيه.

مشروع السماد ٢٥ مليون جنيه.

مشروع الحديد ١٧ مليون جنيه.

مشروعات الطرق ١٢ مليون جنيه.

استصلاح الأراضى البور ١٢ مليون جنيه.

مياة الشرب للقرى ١٢مليون جنيه.

الوحدات المجمعة ٨ ملايين جنيه.

مديرية التحرير ٤ ملايين جنيه.

وأما سؤالك إذا كانت هذه الزيارة تتعارض مع مكافحة البلاد العربية للمبادئ الشيوعية أم لا، فأنا أقول: إننا نحن هنا فى مصر نكافح الشيوعية، هذا شىء والزيارة شىء آخر؛ فالشيوعية فى مصر تعتبر مخالفة للقوانين. وقد صرح لى سفير روسيا فى هذا الشأن أن ليس لهم أى علاقة بالشيوعيين الموجودين فى مصر، وأنهم يدّعون الشيوعية ادعاء. وعلى الرغم من أننا فى مصر نعتقل الشيوعيين ونقدمهم للمحاكمة، فإن هذا لم يمنع من توثيق التبادل التجارى بيننا وبين روسيا، ولم يمنع من توجيه الدعوة لنا بزيارة روسيا، وأنا اعتبرها خطوة من الخطوات التى تسير عليها روسيا الآن لتوثيق علاقاتها بين جميع بلاد العالم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جزء من حوارصحفي للرئيس مع "أحمد شومان"
محرر بجريدة"الجريدة" اللبنانية  في ١٦ أغسطس ١٩٥٥م